• ×

حديث المدينة

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
حديث المدينة

الدستور دستورنا.. ونحن أسيادوا..

عثمان ميرغني

موقف الدكتور عبد الحميد موسى كاشا صحيح مائة في المائة.. ورفضه (التعيين) الرئاسي في منصب والية ولاية شرق دارفور.. أمر سيسجل في ميزان حسناته السياسية.. ويدون في سيرته الذاتية بمثل ما ظل التاريخ يذكر للبروفيسور محمد هاشم عوض أنه الوزير الذي (استقال) في عهد لم يعترف بكلمة (استقالة).. عهد حنا فيه زهرة العلماء والخبراء رؤوسهم وقبلوا حذاء المنصب ثمناً لجاه الوظيفة وفخامة اللقب.. الوالي كاشا انتخب بواسطة شعب ولاية جنوب دارفور، إلا إذا كان المؤتمر الوطني يشك في نزاهة هذه الانتخابات، وتبوء المنصب وفق الدستور.. وأدى القسم المغلظ.. وحسب القانون لا يمكن نزع شرعيته الدستورية إلا وفق إجراءات معينة تتم عبر المجلس التشريعي.. وحتى لو سملنا جدلاً بأن القرار الرئاسي بإقالته ثم إعادة تعيينه تم وفق قانون الطوارئ فهو لا يتم بهذا الصورة.. إذا قبل عبد الحميد موسى كاشا بقرار التعيين فيعني عملياً أن أسقط كل البطاقات التي ألقيت في صندوق الانتخابات لصالحه ويبرهن على أن تلك العملية كانت صورية أول من اكتوى بأوهامها هم الناخبون الذين تكبدوا مشاق التسجيل للانتخابات ثم مشاق الذهاب لمقر التصويت والإدلاء بأصواتهم.. ليتضح في نهاية الأمر أن كل شيء.. مجرد شيء.. قابل لكل شيء.. ولا دستور ولا انتخابات.. ولا يحزنون.. وفي هذه الحالة يصبح السؤال المر الأليم.. ألا يهدي مثل هذا القرار.. قرار إقالة ولاة دارفور ألف حجة وبرهان للمعارضة أنه ليست الانتخابات وحدها.. بل حتى نتائجها وأن جاءت لصالح المؤتمر الوطني.. فهي لا تعني شيئاً للحكومة.. مثل قصة صنم سيدنا عمر بن الخطاب الشهيرة قبل الإسلام.. صنعه.. ليعبده.. فإذا جاع أكله.. دستور نصنعه ليحكمنا.. فإذا شاء مزاجنا.. التهمناه. إذا كانت حكومة المؤتمر الوطني.. صانعة الدستور.. والتي أدارت الانتخابات.. ثم كسبت نتيجتها بما يشبه الإجماع.. ليس لها أي خاطر لنتيجة الانتخابات (دستورياً) وتستطيع في أي لحظة تجاهلها.. فكيف إذا كان من فازوا بنتائجها من المعارضة.. المعارضة المستأنسة اللطيفة الحريرية.. فضلاً عن تلك ذات الأنياب الكاسرة.. الذي يدهشني لحد المتعة.. أين القانونيون.. خاصة من أولئك الذين يشنفون آذاننا في الإذاعات والفضائيات تحت لافتة (خبير دستوري).. هل حافظوا على الحكمة (لسانك حصانك.. إن صنته صانك) فأرسلوا ألسنتهم إلى أفضل ورش الصيانة. على كل حال.. د. عبد الحميد موسى كاشا يستحق منا تقديراً خاصاً له تاريخ صلاحية ينتهي لحظة تراجعه عن قراره وقبوله بالعودة للمنصب تحت أي عذر أو حجة مثل حكاية (استجابة للضغوط) .. وهي أسطوانة شهيرة معلومة قابلة للاستخدام المجاني عند الطلب.. بالله عليكم.. يا خبراء القانون.. ألم يكن ممكناً وبالقانون- إقالة الولاة وعمل نفس الإجراءات.. وبالقانون..!! أم أن الأمر لا يستحق.. فالدستور دستورنا.. ونحن أسيادو..

التيار

بواسطة : عثمان مرغني
 0  0  1870
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 06:44 صباحًا الخميس 2 مايو 2024.