بـ (الردمية)..!ا

عثمان ميرغني





حديث المدينة

بـ (الردمية)..!!



بصراحة اسمحوا لي أن أقدم إعجابي الشديد لمصمم فكرة (الردمية!!).. بكل ذكاء ألمعي وضع الشعب كله في (الردمية!!) وجلس يضحك وهو يتفرج على الفصال والخصام.. على رأي شاعر العرب الفذ أبو الطيب المتنبي، حين يقول: (أنام ملء جفوني عن شواردها.. ويسهر الخصم جراها ويختصم).. وتعبير (الردمية) استقيته من موظف (الكبانية) في شركة كبرى.. حينما يستلم مكالمة هاتفية قادمة للمدير.. إذا علم بعدم رغبة المدير في استقبال هذه المكالمة.. قبل تحويلها له يسأل مديره (هل أضعه في الردمية!!).. فيطلب موظف الكبانية من المتحدث أن ينتظر على الخط لتوصيله بالمدير.. لكنه بدلاً من وضعه في توصيلة المدير. يضعه في (تحويلة) تركت عمداً بلا جهاز تلفون ..يسمع المتصل صوت الجرس بينما لا أحد في الطرف الآخر ليرد عليه.. صاحبنا موظف الكبانية يطلق على هذه التحويلة الوهمية (الردمية!!). قبل أيام قليلة نشرت الصحف نبأ (مذكرة إصلاحية للحركة الإسلامية).. طبعاً الخبر خطير للغاية.. النفي أو التأكيد يزيده لمعاناً ورنيناً.. شخص ما.. ذكي ولماح.. وجد الحل.. حل يشطب المذكرة قبل أن تبدأ.. الحل هو أن يضع الشعب كله في (الردمية!).. فماذا فعل.. دبج مذكرة (إصلاحية) من بنات أفكاره.. كتبها بكل دقة حتى لا تجرح خاطر أحد.. واختار لها صحيفة لها مصلحة في وضع الشعب في (الردمية!!).. بل هي الصحيفة (الردمية!) نفسها.. ونشرها.. ثم جلس يتفرج على المشهد ولسان حاله يغني مع خلف الله حمد: (أعاين فيهو وأضحك.. وأمشي وأجيهو راجع) (متلاعب ليس إلا..).. في اليوم التالي بدأت الأقلام تكتب.. البعض يحلل في كلمات المذكرة. وآخرون ينسجون الأوهام عن كاتبيها الأشباح.. وأنهم جمعوا لها (ألف توقيع).. انظر جيداً في الرقم (ألف).. فهو رقم شعبي رائج الاستخدام.. يستخدمه الجميع في كل الأوقات مثلاً (ألف مبروك).. (ألف سلامة عليك). وحوارات صحيفة مع إسلاميين قدامى وشباب.. وتنشغل مجالس المدينة كلها بتفاصيل ما في المذكرة (الردمية!).. ولا أحد يسأل بكل براءة.. كيف تنشر صحيفة مذكرة لم تولد بعد.. لا تزال في رحم الغيب مجرد مشروع مذكرة لم تكتب حتى اليوم. القصد من (الردمية!) هو ردم الفكرة وقتل الدهشة فيها وإفراغ أي مفعول عملي قبل أن تبدأ.. ترياق يجعل منها مجرد خبر صغير في الصفحة الثالثة.. كل هذا لمصلحة من؟؟ الله أعلم.. أين الخطر.. في المذكرة . أم في كلمة (إصلاحية) التي تتبعها.. أم في (الحركة!!) التي حتى 9 يوليو الماضي كانت (الشعبية) .. وتحول البعبع الآن لـ(الإسلامية)..!!

التيار