• ×

تراســـيم

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
تراســـيم..

عبدالرحمن يستحق فرصة !!

عبد الباقي الظافر

في العام 1984وقف الشاب عبدالرحمن الصادق المهدي يتأمل لوحة الإعلانات التي تبين نتيجة القبول للكلية الحربية.. الشاب طويل القامة مفتول العطلات يجد نفسه غير لائق طبياً للعمل كضابط في الجيش السوداني.. عبدالرحمن لم يستيئس من رحمة ربه.. طلب العسكرية في المغرب والأردن.. ثم توكل والتحق بالكلية الملكية في المملكة الهاشمية.. الأقدار تؤكد أن حسابات حفيد المهدي كانت صائبة.. سقط جعفر نميري وجاء الصادق المهدي رئيساً للوزراء واجتبى نجله ملازماً بالقوات المسلحة السودانية. (الاسم مرفعين سيدو) حيناً يرفعه وحيناً يهوي به أرضاً.. الإسلاميون يخطفون السلطة بليل.. لا يكتفي الحكام الجدد بسلب ملك الإمام الصادق المهدي في مجلس الوزراء بل يحيلون ابنه الشاب إلى المعاش وعلى كتفه نجمتان فقط.. عبدالرحمن يقود من وراء الحدود جيش الأمة.. يقطع الطريق ويفكر في عملية عسكرية تلهب أوساط الخرطوم.. الإمام يثني ابنه من مخططه الدموي. الطالب غير اللائق طبياً يعود إلى الجيش السوداني ملحقاً بمؤخرة دفعته.. العقيد عبدالرحمن يتنازل عن منصب مساعد رئيس حزب الأمة ثمنا لعودته للجيش.. يتحدى الضابط عبدالرحمن دفعته ويحرز المقعد الأول في امتحان هيئة الأركان. الإنقاذ تعود إلى الوراء بضعاً وعشرين عاماً وتعين ابن الإمام في منصب مساعد رئيس الجمهورية.. مغامرة أخرى يتقبلها عبدالرحمن بصدر رحب.. يبلغ أسرته أنه يتحمل نتائج المشاركة وإن أفضت به حبيساً وراء الجدران.. في يوم أداء القسم حرص العقيد عبدالرحمن على الحضور بذته العسكرية.. أراد أن يذكر الجميع أنه عسكرياً في مهمة سياسية. كنت إلى وقت قريب أحسب أن قبول عبدالرحمن المهدي للمنصب الدستوري فيه بعض الانتهازية السياسية.. إلا أن جلسة محضورة هيأها لنا زميلنا عادل سيد أحمد مع العقيد عبدالرحمن المهدي غيرت كثير من مفاهيمي.. من خلال إجابة العقيد عبدالرحمن على مداخلات زملائي الصحفيين تبينت ملمحاً آخر لشخصية الضيف الجديد على القصر الجمهوري.. الروح العسكرية تتقمص هذا الرجل.. تبدو واضحة في تعابيره المباشرة التي لا تحتمل التأويل السياسي.. حتى بدا فظاً غليظ القلب في بعض إجاباته على أسئلة ساخنة. في تقديري أن عبدالرحمن المهدي رسم لنفسه خارطة طريق منذ صباه الباكر.. لا أحد يتوقع من شاب نشأ في كنف أسرة لا ينقصها المجد ولا يعوزها الترف أن يهاجر إلى وراء الحدود ليصيب كلية تدرس فنون الحرب.. أبناء السادة كانوا دائماً مغرمين بالدراسة في الجامعات الأوربية.. فعلها الإمام أحمد المهدي الذي زامل الملك حسين في إحدى الجامعات البريطانية العريقة.. واختار الإمام المهدي أن يهجر كلية العلوم بجامعة الخرطوم ليلتحق بدراسة العلوم السياسية بأكسفورد.. وعلى ذات النحو مضي الرئيس الراحل أحمد الميرغني. برغماتية عبدالرحمن المهدي بدأت بأول قرار اتخذه بعد أن ولج القصر الرئاسي إن فكر في إكمال نصف دينه بالزواج.. ربما يفعلها العقيد ويصاهر الإنقاذ.. من قبل تزوج رموز الحركة الإسلامية من بيوت أنصارية حتى توفر لهم السند في اليوم الأسود. هذه البراغماتية وتحديد الهدف بوضوح والاستعداد لتحمل المخاطر هذا ما افتقده حزب الأمة تحت إمامة السيد الصادق المهدي.

التيار

 0  0  1758
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 10:10 صباحًا الأحد 19 مايو 2024.