• ×

حديث المدينة

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
حديث المدينة

اكلوا (توركم) .. ومدوا (حدودكم)..!!


عثمان ميرغني

قبل عدة أيام.. وزير الخارجية الأستاذ علي كرتي سافر إلى مصر.. من بين ثنايا التصريحات التي أدلى بها هناك ثم بعد عودته هنا.. كان واضحاً أن ثمة (غباراً عالقاً) في الأجواء السودانية المصرية.. الوزير قال: إن هناك من يستثمر في تأجيج الخلافات بين الدولتين.. وبدت بوادر إحساس غامر لدى القيادة السودانية أنها (محبطة) بعد العشم الذي كان يساورها في مصر ما بعد مبارك. من مصادري الخاصة.. يبدو أن السودان كان يتوقع (بداية) معالجة لقضية مثلث حلايب.. فالحكومة في حاجة ماسة للإجابة على سؤال ملحاح عن مصير هذه الرقعة الجغرافية التي وضعت مصر يدها عليها خلال فترة التوتر الشديد في العلاقات بين البلدين.. وكانت الحكومة السودانية تتمنى أن تكون أحد أهم ثمرات ثورة الخامس والعشرين من يناير.. (تصحيح!) الوضع في حلايب.. وكلمة (تصحيح!) لم تكن الحكومة السودانية تشترط أنها تعني عودة المثلث إلى حضن الإدارة السودانية.. بل التوصل إلى تسوية مشتركة تحظى بتراضي الطرفين.. الذي حدث أن الإدارة المصرية الجديدة.. المكونة من مجلس عسكري وحكومة مدنية.. لم تبد الحماس اللازم للتعامل مع ملف حلايب.. أو على الأقل افترضت أن قائمة الأولويات المصرية الآن أبعد ما تكون عن النظر في هذا الملف.. ثم أخيراً حسب ما حمل "مانشيت" صحيفتكم "التيار" أمس.. بدأت مصر تحريك الأسلاك الشائكة جنوب حلايب لضم مزيد من الأراضي.. الخطأ المنهجي الذي ارتكبته الحكومة السودانية.. أنها افترضت أن هدية من خمسة آلاف ثور (في شهر مارس 2011) .. ثم هدية أخرى (20) ألف من الضأن (في شهر نوفمبر 2011) .. وزيارات مكوكية من القيادة السودانية بمختلف مستوياتها إلى القاهرة.. ودعوات متتالية لرموز الثورة والأحزاب المصرية لزيارة الخرطوم.. كل هذا يعني (تصحيح!) ملف العلاقات المشتركة.. والتخلص من رواسب عهد حسني مبارك. ضعف الجبهة الداخلية السودانية يجعلنا دائماً في موقف ضعف أمام أي تسويات مع العالم الخارجي.. العالم يحدق فينا ونحن نكابد ثلاثة حروب.. في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق.. والحكومة متربصة بالمعارضة.. والمعارضة تدعو الله أن يجعل عاليها سافلها.. مشهد يكشف للآخرين عورات ضعفنا ويهزم أية فرصة أن نفاوض أو نحاور من موقف قوة.. إلا إذا كنا نظن أن القوة في هدايا الماشية. لن يحترمنا العالم الخارجي ويقدر خاطرنا.. حتى ولو كان هذا العالم الخارجي هو الشقيقة مصر بكل أواصر القربى معها.. طالما نحن دولة ضعيفة من الداخل.. لا تزال تحرسها عضلات القوة الأمنية وأنياب القوة العسكرية.. الأجدر أن ندشن استراتيجية جديدة لـ(القوة).. نعمق أركان الوطن -لا النظام- المستقر.. والدولة المستقرة هي التي تثبت أقدامها في أرضية (التراضي).. تحكم حكومة.. وتعارض معارضة بمنتهى اليقين الدستوري.. بدلاً من الذي نراه الآن.. حكومة خطابها الرسمي يلعن المعارضة صباح مساء.. ومعارضة تقيم مؤتمراً صحفياً لتقول لناس .. (سيقبضوا علينا خلال 24 ساعة).. ألم يمل الساسة هذه اللعبة السمجة.. ألم يئن الأوان لننظر إلى مستقبلنا بدلاً من أن نتقاذف بماضينا!!

بواسطة : عثمان مرغني
 0  0  1856
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 07:07 صباحًا الخميس 2 مايو 2024.