عندما دخلت عليه كان في حالة هياج شديد.. يرتدي فنيلة داخلية فقط وسروالا طويلا.. تبدو عليه علامات الإرهاق وبعض مظاهر الجنون.. كانت الغرفة شبه مظلمة، ودرجة حرارتها كما الفرن (مولعة نار)، كان يهذي بعبارات غير مفهومة، وما أن شاهدني حتى أمسك بتلابيبي قائلاً:
- معقول بس البيحصل ده؟
- قول بسم الله يا (عوض) في شنو؟
- عامل يعني عرفتني هسه؟
- (وقلبي ينفطر حزناً عليه): كيف يا (عوض) يعني ما أعرفك؟ كدي أنتَ حاول روق وأهدئ شوية.
- (وهو يشد شعر رأسه): أنا ما (عوض)... أنا ما (عوض).. أنا طيره ومباري السيرة (ثم ينظر لي في غضب) .. طيرة ومباري شنوووو؟.
- (في خوف): ومباري السيرة.
- ما أن أكملت له عبارته حتى أخذ يقوم بحركات راقصة ويعرض كأنه في سيرة حقيقية حيث أخذ (ينقز) ويهز رافعاً يده اليمنى إلى أعلى كمن يمسك بعصاة يرفعها تارة ويخفضها أخرى وهو يضرب الأرض برجله بقوة ثم فجأة يتوقف ثم ينظر إلى الأفق ويلتفت محركاً رأسه يمنة ويسرى وكأنه يخاطب أحد الحشود المليونية.. هنا قاطعته قائلاً:
- يا (عوض) يا أخي الظاهر انت متوتر شوية.. أجيب ليك كباية ليمون؟.
- أنا ما عاوز ليمون.. ما عاوز ليمون.. أنا عاوز كهرباء.
- لكن يا (عوض) كهرباء يدوك ساااي كده.. ما لازم أول نقابل دكتور نفساني.
لم يأبه (عوض) لحديثي أذ أنني اعتقدت أنه يقصد الكهرباء البيدوها للعيانين في الرأس لمن يعانون من الاضطرابات العصبية لولا أنه توقف مرة أخرى وهو ينظر إلى الأفق، و(يكشف) ويلتفت محركاً رأسه يمنة ويسرى، وكأنه يخاطب أحد الحشود المليونية ثم يصيح بأعلى صوته:
- أيها الشعب السوداني الفضل.. سوف يكون العام القادم هو آخر أعوام انقطاع الإمداد الكهربائي، وسوف تنعمون- بإذن الله- بإمداد كهربائي مستقر، وتودعون إلى غير رجعة القطوعات المبرمجة، وغير المبرمجة.. الآن الآن أيها الشعب السوداني الفضل قد اكتمل إنشاء أكبر سد في أفريقيا والقارات المجاورة.. (وهو ينظر إلى الجماهير المتوهمة) ويهتف:
- السد السد.. الرد الرد..
- السد شنووو؟.
- (متوهمأ أن تتم له الجماهير الجملة).. ثم مواصلاً.. نعم.. كووولكم ح تكتفوا من الكهرباء وكمان ح نصدر الفائض إلى الدول المجاورة.. مافيش تاني قطوعات بالمرة..
ثم أخذ (ينقز) ويهز رافعاً يده اليمني إلى أعلى كمن يمسك بعصاة يرفعها تارة ويخفضها أخرى وهو يضرب الأرض برجله بقوة ثم فجأة يتوقف ثم ينظر إلى الأفق ويلتفت محركاً رأسه يمنة ويسرى ثم فجأة ينخرط في موجة بكاء حار وقد امتلأت الفنيلة الداخلية التي كان يرتديها بالعرق، فقام بخلعها ثم (مصرها)، وهو يواصل النحيب بصورة جعلتني أخاطبه في شفقة ورثاء:
- ما معقول يا (عوض) البتسويهو في نفسك ده يا أخي .. خليني كدي أجيب ليكا موية غسل وشك ده وروق شوية ملعون يا أخي أبو الكهرباء على أبو القطوعات ذاااتا.
- (في أسى): بالله أنا مش طيرة ومباري السيرة؟ كل سنة وأنا أصدق كلام المسؤولين.. كل سنة يقولوا ليا السنة الجاية قطوعات مافي.. والسخانة طلعت عين أبو أهل الخلفونا وكل سنة نحنا في العذاب ده؟.
- معليش يا (عوض) ما تشيل هم الأمور ح تمشي وأي حاجه ح تتصلح والسنة دي ح تكون آخر سنة تكون فيها قطوعات وكمان آخر سنة الخريف يجيء فيها فجأتن بإذن واحد أحد.
ما أن سمع (عوض) عبارة (السنة دي آخر سنة) حتى أرغى وأزبد وهاج وماج وأخذ يخاطبني مهدداً رافعاً سبابته متوعداً:
- أوعك تقول كده.. أوعك تقول كده..
- ليه يا (عوض) ياااخي؟.
- قرفنا من الكلام ده.. الكهرباء دي عايزه كم عشان تتصلح.. عايزه كم؟ خلاس مرارتنا انفقعت... انفقعت... انفقعت.. ثم بدأ فاصلاً من البكاء والنحيب..
وهنا دخلت عليا زوجتي في الغرفة وصرخت:
- قطعان الكهرباء ده طلع ليكا في رأسك.. شنو مطلع فنيلتك وواقف قدام المرايا.. سجم أمي وكمان بتكلم في روحك؟ الحق شموف ليكا طريقة رسل مقالك بتاع بكرة..
كسرة:
غايتو أهو مشينا (نت كافيه) لحقنا ليكم المقال!!.

كسرة ثابتة (قديمة)
أخبار ملف خط هيثرو العند النائب العام شنو(وووو وووو وووو وووو وووو وووو وووو)+(وووو) +و
كسرة ثابتة (جديدة):
أخبار تنفيذ توجيهات السيد الرئيس بخصوص ملف خط هيثرو شنو(وووو وووو وووو)+(وووو)+و