• ×

السودان تطير عيشته

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط



جاء في صحيفة المجهر الغراء الصادرة في 26 مارس المنصرم ان المعارضة التركية طالبت رئيس الوزراء التركي رجب طيب اوردغان بترك منصبه والتوجه الى السودان ليقيم فيه كمنفى اختياري كان هذا في عشية الانتخابات المحلية التي تعتبر مؤشرا للانتخابات القادممة والاشارة للسودان لم تأت اعتباطا فالسودان في نظر المعارضة هو بلد التشدد الديني والتزمت والتخلف فأوردغان بمنعه للتويتر واليوتيوب يعتبر قد تدخل في حرية الاعلام رغم انه فعل ذلك ليس لأسباب أخلاقية إنما لأن التويتر واليوتيوب نشرتا موادا اعتبرها اوردغان مهددا للأمن القومي التركي وطلب منهما رفع تلك المواد المسيئة لتركيا ولكنهما لم يفعلا بينما سبق ان استجابا لطلب امريكي مماثل. على العموم لقد فاز حزب اوردغان بالانتخابات المحلية وكفاه الله شر المنفى في السودان.
ما لا تعلمه تلك المعارضة التركية ان المعجبين باوردغان في السودان كثر، فالإسلاميون الحاكمون يعتبرون ان النهج الاسلامي التركي وما يشتمل عليه من حداثة هو قدوة لهم ولكنهم للأسف لم يسيروا بسيره وهذه قصة اخرى حتى المعارضين للحكم في السودان معجبون بالنموذج التركي على الاقل ما فيه من قداسة للديمقراطية حيث حرية التعبير والتنظيم على قفا من يشيل ولايخفى عليهم معدلات النمو العالية التي ظهرت في تركيا ويتمنون من القلب ان تسير الامور السياسية في السودان بما يقارب النهج التركي.
وما لا تعمله المعارضة التركية كذلك ان أهل السودان اصبحوا يموتون في المسلسلات التركية الطويلة حيث الحب الرومانسي وغير الرومانسي وبما ان تلفزيوناتهم المحلية لا تستطيع شراء هذه المسلسلات فأصبحوا يتابعونها من الفضائيات الأخرى. لقد اصبح نور ومهند واسماء في حياتنا وشهادات الميلاد المستخرجة في السنوات الاخيرة أصبح اسمي نور ومهند هو الغالب فيها ودخلا قصائدنا الغنائية (لو انتي فاكرة نفسك نور انا ما ببقى ليك مهند).
ومع كل الذي تقدم لايمكن ان نمر مرور الكرام على إساءة المعارضة التركية للسودان حيث اعتبرته المكان المناسب لترمي فيه غريمها اوردغان مما يشي بأن سمعة السودان العالمية قد اصبحت في الواطا وهذا التردي في السمعة يرجع لتراكمات كثيرة وللأسف تزداد كل يوم لأننا لم نسع الى تغيير ما بأنفسنا حتى تتغير نظرة العالم لنا فحرب الجنوب لم تنته بالانفصال لا بل اصبح لدينا جنوبا مشتعلا جديدا، وحرب دارفور مازالت نيرانها مشتعلة والتردي الاقتصادي بلغ مداه.
لقد اصبحنا في السودان نبحث لإنقاذ سمعتنا المتردية في الافراد فقصة الراعي الطيب يوسف الزين غنينا ورقصنا لها لدرجة ان الدولة تدخلت رسميا لتثمينها مع انه كان يمكن للدولة ان تقول إن الامانة هي الأصل في الطباع السودانية ثم لجأنا نبحث عن السمعة الحسنة في الفنان نايل فوقفنا معه واعتبرنا خروجه قد جاء نتيجة مؤامرة ولعنا سنسفيل شيرين عبد الوهاب التي احتضنته في الاول ثم اتهمناها بأنها ارادت بذلك ان تفتح الطريق للمتسابقة المصرية وهم.
إن السمعة العالمية غير الطيبة التي تحظى بها دولة السودان الآن ينبغي عدم التقليل من شأنها لأن مردودها علينا الآن كبير، فقد توقفت الاستثمارات والمساعدات والمعونات وكل يوم تزداد عزلتنا الدولية فالسؤال هل وضعنا من همومنا او أولوياتنا مسألة تردي سمعتنا الدولية وتساءلنا هل ظلمنا العالم أم نحن الذين ظلمنا أنفسنا ؟



 0  0  2264
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 04:50 صباحًا الإثنين 29 أبريل 2024.