• ×

( المدير قافلها في الدرج)

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط



:: وزير الإستثمار بالرياض لتكريم ( الراعي الأمين)، بيد أن أحد رعايا الوزير هنا يشكي ويحكي لطوب الأرض عن حال إستثماره، فلنقرأ حكايته الدامعة، ولكن بعد تحذير المصابين بالسكري وأمراض القلب والمصران العصبي ب(عدم المواصلة)..قبل ثلاث سنوات، جاء هذا المواطن بحصاد الغربة ليستثمر في بلاده، أوهكذا كان الحلم..ودفع تكاليف الأرض لخزينة الدولة وإستلم القطعة بالجيلي مربع (8)، وإستورد العدة والعتاد وأسس مصنعاً لصناعة المنتجات الأسمنتية في بلاد تذوب بيوت الطين في مدائنها مع أول الخريف.. وصاحبكم هذا من الذين يحلمون بتحويل بيوت الطين إلى بيوت تقاوم الريح والمطر بواسطة منتجات أسمنتية ذات جودة عالية وأسعار لاترهق البسطاء ..!!

:: جاء بهذا الحلم النبيل، وإستقر بالجيلي..وبعد تركيب المصنع وتوظيف العمالة، قرر توصيل الكهرباء من أعمدة لا تبعد عن أسوار المصنع (أربعة أمتار فقط لاغير).. ولكن، عند إجراءت التوصيل، فاجأته شركة الكهرباء برفض فحواه ( لا، الخط ده ما حقك، الخط ده مملوك لزول تاني، جُر خطك براك)، هكذا كان الرفض.. معلومة جديدة، فالأعمدة الكهربائية التي تمر بجوار منازلنا ومزارعنا ومصانعنا ليست (أعمدة عامة)، أو كما تظن الناس، بل كل هذه الأعمدة وخطوطها المسماة بالعامة يمتلكها (بعض الخواص).. صرف صاحبكم النظر عن التوصيل من الأعمدة التي تبعد عن مصنعه أربعة أمتار، وقدم طلباً للشركة بالتصديق له بخط خاص أيضاً طوله يُعد بالكيلومترات،وتقدم بهذا الطلب مكرهاً ثم عملاً بنظرية (مافيش حد أحسن من حد)، أي ( خلاص أنا كمان بعمل خط خاص بي)..!!

:: وبعد عام وآخر من (إمشي وتعال)، سلموه فاتورة بتكاليف الخط الكهربائي وأرفقوا مع الفاتورة إقراراً هو الأغرب في تاريخ (العقودات والإقرارات)..وقبل الإطلاع عن نصوص العقد وما به من إقرار، نطلع على فاتورة تكاليف توصيل ( خط خاص)..فالمبلغ المطلوب لمد هذا الإستثمار بالكهرباء لاينقص عن نصف المليار جنيه إلا قليلا، (426.393.26 جنيه)، ويقول صاحبكم أن هذا المبلغ يكاد يساوي ربع قيمة المصنع، وينسى - أو يتناسى - قراءة جملة صغيرة مكتوبة في أعلى الفاتورة بالنص (قابلة للزيادة).. أي لحين إكمال الإجراءت ثم التوصيل، قد يدفع ( ملياراً أو أكثر)، فالمهم التكاليف غير قابلة للنقصان، بل (قابلة للزيادة)..أما إقرار العقد، على صاحبنا إزالة العوائق وتصديق مسارات الخط، أي على المستثمر - وليس على حكومة بلد - التفاوض مع أهل الأرض التي تمر بها الأعمدة، وكذلك عليه إزالة كل معيقات (جر الخط)، وبالتأكيد يتحمل (كل التكاليف)..!!

:: ليس ذاك فحسب، بل على صاحبكم المستثمر- وليس على حكومة البلد - تحمل كل تكاليف تكسير وإعادة بناء الطرق والكباري وسكك الحديد و المباني وغيرها من المتاريس التي تعترض (جر الخط).. وبعد هذا، توجس هذا المستثمر من مغبة التنازل عن كل الخط وما فيه من أعمدة وأسلاك لشركة الكهرباء، أو هكذا عقد الإذعان الذي يوقع عليه المواطن، وما توجس إلا بعد قراءة النص الآتي : (فيما لم ير به في هذا العقد تطبق نصوص اللائحة التجارية للشركة)، فطلب من الشركة نصوص اللائحة التجارية ليطمئن قلبه على ( خطو الخاص)..قصد مكتب الجيلي بحثاً عن اللائحة التجارية ، ربما بها من النصوص ما هي أخطر من العقد والإقرار، فأجابوا : ( ما عندنا هسة، عايزة بحث)..غادرهم إلى مكتب الثورات بأمدرمان، فأجابوا : ( ما عندنا، أصلاً ماجابوها لينا)..غادرهم إلى مكتب مدينة النيل، فقالوا : ( المدير قافلها في الدرج، وما قاعد نطلعها).. !!

:: ولايزال، منذ يناير الفائت وحتى ضحى البارحة، يغادر صاحبكم مكتباً بالخرطوم ليقصد مكتب آخر بأمدرمان، فقط ليعرف ( نصوص اللائحة التجارية)، بحيث لا يوقع على ( شيك على بياض)، أي إقرار به تلك (النصوص المخبوءة)..هذا حال ( إستثمار وطني)، و لايزال الوزير المسؤول عن هذا الحال المعوَج بالرياض ليُكرّم (الراعي الأمين)..!!


بواسطة : الطاهر ساتي
 0  0  1516
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 11:33 مساءً الإثنين 6 مايو 2024.