• ×

حديث المدينة

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط


إلا الأستاذ الجامعي ..!!



في زيارته الأخيرة قبل يومين لولاية النيل الأبيض.. قال الرئيس عمر البشير.. إن الشريعة ستكون المصدر الرئيسي للدستور القادم .. وطلب من الجميع المشاركة في إعداد الدستور وخص بالذكر أساتذة الجامعات. وتمنيت لو أن السيد الرئيس أعفى (أساتذة الجامعات) من حرج هذه الدعوة.. كيف .. والأجدر متى - يستطيع أساتذة الجامعات المشاركة في صناعة أهم وثيقة قانونية في البلاد .. الأستاذ الجامعي بكل جلال المهمة المطلوبة منه. وبكل سمو الصفة الاجتماعية.. ووجاهة الوظيفة بالكاد يستطيع تدبر أمر معيشته.. ولولا الملامة لقلت هم طبقة يجدر إدارجها في قائمة المصارف.. مصارف الزكاة.. يحيرني إلى أبعد مدى شح المشاركة العامة من آلاف من أستاذة الجامعات الذين تكتظ بهم جامعتنا وما أكثرها-.. لكنهم في ركن منزوٍ لا نسمع صوتهم إلا لماماً.. وربما في حالات شاذة يبرز بعضهم (من المارقين للريبة والتلاف) فيدلون بآرائهم الجريئة في القضايا التي تتسبب في الإطاحة بهم .. مثل البروفسير مصطفى إدريس مدير جامعة الخرطوم المقال. أين أساتذة الجامعات.. هذا السؤال أشبه بصرخة الفنانة العربية في الأغنية الشهيرة (الشعب العربي وين.. وين الملايين..) فأتتها الإجابة بعد حين من السنوات عندما شب الشعب العربي في تونس ثم مصر وليبيا واليمن وسوريا.. ليقول: نحن هنا.. في عز الربيع.. كم يبلغ مرتب ولا مؤاخذة - الأستاذ الجامعي؟ والكلمة بين القوسين للمرتب وليس الأستاذ الجامعي.. كم يبلغ مرتب مدير مكتب سكرتير وزير الدولة؟ لم نقل وزير مركزي أو مستشار أو مساعد.. قيل: إن أستاذاً جامعياً تعطلت سيارته.. فاستعان بصبي ميكانيكي صغير فأصلحها له. وطلب من الأستاذ الجامعي مبلغ (50) جنيهاً. فهاج الأستاذ، وقال له: (خمسون جنيهاً في عشرة دقائق.. أنا أستاذ جامعي لا أنال هذا المبلغ في مثل هذا الزمن) رد عليه الصبي بكل عفوية: (لكن يا عمو أنا قلت ليك ضيع مستقبلك؟). الأستاذ الجامعي إذا راودته نفسه.. الأمارة بالسوء أن يصحح كراسة دخله .. فليس أمامه إلا الهرولة بين عدة جامعات حكومية وخاصة.. بدلاًُ عن (البحث العلمي) أصبح لزاماً على الأستاذ الجامعي (البحث!) عن النصاب الذي يقيه أن يكون في كشوفات مستحقي الزكاة.. كم يبقى له من الوقت بعد ذلك لينظر في الدستور أو يشارك حتى في صياغة دستور اللجنة الشعبية في الحي الذي يسكن فيه.. ولكن مع ذلك الأستاذ الجامعي ليس الضحية.. رغم أنه مستنزف في وقته ودخله .. الضحية طلاب الجامعات الذين ينتظرون العلم من أستاذ ليس له أي وقت لاكتساب العلم الذي يدرسه.. تصوروا كليات حساسة مثل الطب .. في جامعاتنا الكثيرة.. يأتي الأستاذ الجامعي زائراً ليريق على أسماع الطلاب المقرر الدراسي كاملاً خلال بضعة أيام.. ليلحق بجامعة أخرى.. وفي نهاية العام يمتحن الطلاب ويتخرجون.. ويقيمون حفلات (التهريج) بمنتهى السعادة.. سيدي رئيس الجمهورية.. أرجوك أعف أستاذة الجامعات من مهمة المشاركة في إعداد الدستور.. يكفيهم من الجهد أن يصححوا كراسات الامتحانات فقط لا غير.

بواسطة : عثمان مرغني
 0  0  1896
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 06:31 صباحًا الخميس 2 مايو 2024.