• ×

مراجعات الإسلاميين والشيوعيين -4-

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
نحاول اليوم أن نوضح الاختلافات والمتشابهات في تنظيمي الإسلاميين والشيوعيين السودانيين ونرى ما يمكن أن يقوما به من مراجعات فكرية وسياسية وتنظيمية حتى تتعافى تنظيماتهما من أي سلبيات تؤثر على مستقبلهما ومستقبل الحياة السياسية والاقتصادية في البلاد بعد أن شهدت بسبب صراعاتهما عدم الاستقرار وأخيراً تمزق البلاد ودخولها في نفق مظلم فإذا لم يقوما بالمراجعة والعلاج اللازم فسوف تتأزم الأمور وتتعقد لأبعد مدى أو كما قلت سابقاً لن أندهش إذا انفتح على السودان باب من جهنم. طبعاً أهم خلاف بينهما هو المنبع الفكري كما هو معروف و أوضحنا سابقاً تبعه خلاف سياسي كرس عدم الثقة بينهما وجعل كل منهم يتربص بالآخر خاصة بعد ثورة أكتوبر عندما وجد كل منهما الآخر قد تمدد فى المجتمع السياسي والمجتمع المدني فأصبح كل منهما مشغولاً بالآخر لدرجة خرق الدستور من حل الحزب الشيوعي فالاشتراك في انقلاب مايو 69 ثم انقلاب يوليو71 وأخيراً انقلاب يونيو89 وأصبح كل منهما يصنع سياسته ومواقفه على أساس الخوف من الآخر ليس إلا وذلك موقف سلبي فينشئ التحالفات ضد الآخر مستعيناً بالأحزاب الأخرى تطلعاً لذلك.. لم يحاولا في فترات الديمقراطية أن يتحاورا للوصول لقاسم مشترك يكرس ديمقراطية مستدامة يكون الشعب هو الحكم فيها من خلال انتخابات حرة اللهم إلا محاولة واحدة ذكرها البروف الطيب زين العابدين بينه والأستاذ نقد لم تتم بسبب عدم الثقة بين الطرفين عقب انتفاضة إبريل.
أكبر خطأ للحركة الإسلامية والحزب الشيوعي معاً هو اختزالهما للمراحل السياسية بانتهاجهما للانقلابات العسكرية وعدم صبرهما على الديمقراطية فكان حالهما كحال الشاعر العربي الذي قال: (ومن يجعل الضرغام بازا لصيده تصيده الدرغام فيما تصيدا)... إذن من أولى وأهم المراجعات السياسية للاثنين هو القبول بالديمقراطية كقاسم مشترك يتم الاتفاق عليه. أما على مستوى الفكر يتعين الوصول لتفاهم حقيقي حول مفهوم الشريعة والعلمانية ولعل الاستفادة من الطرح الموضوعي لحركة النهضة التونسية يشكل أرضية جيدة للتفاهم فالشريعة هي العدل ومرجعيتها مقاصد الدين وجوهره وليس مجرد قوانين عقوبات أما العلمانية ليست بالضرورة هي ضد الدين فإذا كان الإسلاميون والشيوعيون يدعون إلى العدالة فتلك أرضية يمكن التفاهم حولها وتعضيدها سيما وأن شيوعيي السودان ليسوا ضد الدين كما هو معروف. هناك قضية مهمة تخص الشيوعيين فهل من الضرورة الحرص على تسمية الحزب بهذا الاسم إذا كان همهم مبدأ العدالة والمجتمع المدني الديمقراطي وعدم استغلال الدين في العمل السياسي؟ وهل هم مستعدون للتخلي عن اسم الحزب شيوعي واستبداله بحزب وطني ديمقراطي اشتراكي فهم كقوى وطنية لا يمكن تجاوزها بل ووجودهم مطلوب ولكني أرى أن كلمة (الشيوعية) تشكل حاجزاً نفسياً مع معظم الناس ليس فقط بسبب ما أثير حولها من شبهات أنها ضد الدين وكرست الديكتاتورية في روسيا بل شكل انهيار الاتحاد السوفياتي مرحلة مفصلية في مسار الحزب الشيوعي السوداني.. أعتقد جازماً أنه آن الأوان للإسلاميين والشيوعيين عمل مراجعات شاملة من حيث الفكر والممارسة السياسية.

بواسطة : محجوب عروة
 0  0  11666
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 03:10 صباحًا السبت 27 أبريل 2024.