• ×

بين أمين حسن عمر وزيارة الرئيس البشير إلى جوبا

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
ستجدون أدنى هذا المقال التعقيب الذي كتبه الأخ أمين حسن عمر حول زيارة الرئيس البشير إلى جوبا والذي أورده الأخ النور أحمد النور رئيس تحرير (الصحافة) في عموده اليومي وقد قصدتُ بإيراد مقال الأخ أمين أن أقول إن سفر الرئيس إلى جوبا بل إن اتفاقية الحريات الأربع تواجه معارضة شديدة من داخل حوش المؤتمر الوطني ولا أقول من قاعدة المؤتمر الوطني التي لا يأبه لرأيها أحد وإنما من أكبر القيادات السياسية والفكرية مثل أمين وقطبي المهدي ود. بابكر عبد السلام وعباس الخضر وآخرين أكفُّ عن ذكرهم لأنهم لم يجهروا برأيهم لأسباب معلومة!!
أودُّ أن أعلِّق على ما ألمح إليه أمين من غدر الحركة ببعض بني جلدتها ممّن استُدرجوا ثم قُتلوا ولعلَّ قصة الفريق جورج أطور ثم قلواك قاي تقف شاهداً على سلوك القوم الذين تجرّعنا الكثير من كؤوس نقضهم للعهود والمواثيق من قديم وخلال الفترة الانتقالية التي أذاقونا فيها ألواناً من المكر والخداع.
حتى جون قرنق.. أكاد أجزم أن هلاكه كان مؤامرة مُحكمة اشترك فيها سلفا كير الذي يعلم الكثيرون أنه كان عند مصرع قرنق في حالة خصام وصراع معه ومعلوم الشكوك التي أثارها أولاد قرنق حول مصرعه وحديث ربيكا عن أن (اللبوة) لا تزال حية إذا كانوا قد قتلوا الأسد وتلميحات عرمان وتصريحات وتشكيك وزير الدولة وقتها بوزارة الداخلية (اليو) حول تقرير لجنة التحقيق، وكذلك مقتل جميع من أنشأوا الحركة الشعبية مع جون قرنق ما عدا سلفا كير وآخرهم قبل نيفاشا (كاربينو) وقبل ذلك وليم نون وصمويل قاي توت وجوزيف أدوهو بل إن سلفا كير رفض دعوة جون قرنق لانعقاد المؤتمر في نيروبي خوفاً على حياته الأمر الذي جعل قرنق يوافق على عقده في رومبيك في يوم 92/11/4002 قبل شهر واحد تقريباً من توقيع نيفاشا ومعلوم حجم الخلاف الذي تفجّر في ذلك المؤتمر الذي كتبنا عنه في حينه. بعض السّذّج والدراويش بدلاً من أن يعتبروا تغيُّر سلوك باقان ولهجته التصالحية خلال زيارته الأخيرة دليلاً على المكر والخداع الذي يُضمره لتحقيق حلم حياته وإستراتيجيته التي ما نكص عن الالتزام بها في يوم من الأيام ظنوا أن باقان تغير وأن الشيطان الرجيم تحول فجأة إلى ملاك طاهر وأن سلوكه ينمّ عن شعور بحالة ضعف بالرغم من أن الجنوب هو الذي يحتل أرضنا وهو الذي يُمسك بصنابير النفط وهو صاحب اليد العُليا الذي يُملي أجندته على منبطحينا وبكّائينا من أولاد نيفاشا.
لستُ أدري لماذا لا يصدِّق هؤلاء المحللون أن باقان يتبنى مشروعاً سياسياً في السودان وأنه يعمل على إنفاذ أجندة وإستراتيجية ما انفكّ يتحدَّث عنها ويروِّج لها هو ورفاقُه عرمان وعقار والحلو ويعملون من أجلها مع أمريكا آناء الليل وأطراف النهار؟! لماذا هذا التسطيح والتبسيط؟! لماذا يتناسى هؤلاء أن هناك خطة تسمى (الخطة ب) يعملون على إنفاذها وأن اتفاقية الحريات الأربع وزيارة الرئيس لجوبا تعتبر من أهم آليات إنفاذها؟!
الغريب في الأمر أن تصريح لوكا بيونق لم يصدر منه مباشرة وإنما صدر من خلال تصريح أدلى به المبعوث الروسي ولو كان التصريح من لوكا مباشرة لما أعرناه اهتماماً كبيراً، لكن أن يكشفه المبعوث الروسي فإن ذلك ينبئ عن أن الأمر جدّ ثم أود أن أسأل: مَن مِن المعارضين الذين يتمنّون ويتحدثون بالليل والنهار عن سقوط النظام.. مَن مِنهم لم يرحِّب بالحريات الأربع ويوافق على زيارة البشير لجوبا؟! لماذا يا تُرى؟!
وأخيراً وليس آخراً إذا كان احتمال الخطر من أناس نطق رئيسُهم قبل شهر واحد بالشنآن وتحدَّث عن الحرامي البشير وعن تسليمه للجنائية بل إذا كان احتمال الخطر بنسبة «01%» هل الأحوط أن يسافر الرئيس إلى جوبا أم يُبتعث نائبُه ثم ما هو السبب الذي جعل هؤلاء ومن يقفون خلفهم يُصرُّون على الرئيس وعلى جوبا؟! ما هو الشيء الذي يمكن أن يُنجز في جوبا ولا يُنجز في أديس أبابا مثلاً؟!
سيدي الرئيس موافقتك على السفر إلى جوبا تُفرح أعداءك وتخيف محبيك وأصدقاءك وتشكِّل تهديداً عظيماً لأمن بلادك التي هي أمانة ستُسأل عنها يوم يقوم الناس لرب العالمين.
إلى مقــال الأخ أمــين:
لا شك أن الثقة غير متوفِّرة بين الطرفين «السودان وجنوب السودان» في الوقت الراهن. وأنهما لذلك يسعيان لبنائها، وبناء الثقة يستوجب خطوات عملية وجهداً دؤوباً لا أرى أن الكثير قد بُذل منه الآن. وإذا كان هذا التصحيح يوفِّر لي سانحة لإبداء الرأي خارج أجهزة الحزب فأنا أرى أن زيارة السيد/ رئيس الجمهورية لجوبا في الثالث من أبريل سابقة لأوانها. وهي ضربٌ من ضروب حرق المراحل، فنحن لا نزال في مرحلة أولية من بناء الثقة. فكيف نذهب للمحطة الأخيرة التي نستأمن فيها حكومة الجنوب على سلامة رئيس السودان بعد أن صرَّح رئيسُها أن عليه تسليم نفسه للمحكمة الجنائية الدولية وبخاصة بعد بيان ما يسمّى بمنظمات المجتمع المدنى بدولة الجنوب الداعية لاعتقال البشير وتسليمه للمحكمة الجنائية. وعلى الرغم من عدم رغبتي في إرجاء المصالحة والموادعة، بل ورغبتي في ترسيخها وإنجاحها فإن من يقول إن سجل حكومة الجنوب في استدراج من يخالفونها بدعوى المصالحة والتفاوض ثم الغدر بهم سجلّ لا يدعو للاطمئنان. وقد يقول قائل إن أولئك المغدورين متمردون خارجون على شرعية الدولة. وليس ذلك موضع الشاهد بل موضع الشاهد هو الاستدراج بالمصالحة ثم الانقلاب عليها. وكما قدَّمتُ القول أنا لا أرجِّح هذا الظن لاعتبارات عملية ولأن عاقبته لن تكون بسهولة السوابق السالفة. ولكن ليس من الحكمة في كل الأحوال حرق المراحل. فالسرعة لها اعتبار ولكن الشعب السوداني يريد أن يطمئن شيئاً فشيئاً إلى تحسُّن النوايا. ولذلك فإن مقترَحي هو إخضاع أمر رحلة الذهاب هذه إلى نظر عميق في أجهزة الحزب والدولة. والأفضل الاتفاق مع حكومة الجنوب على عقد القمة في أديس أبابا كما كان المقترح الأول. فإذا كان لها ثمار تُستطعم أو أفلحت نتائجها في تبديد هواجس عدد هو الأغلب من أبناء شعبنا فعندئذٍ فإن جوبا ليست بعيدة. ويمكن للرئيس أن يزورها في أي زمان. ولعلّ حكومة الجنوب قد أخطأت في اختيار من تُرسله للخرطوم لدعوة الرئيس فهي أرسلت صقورها بدل الحمائم. وإذا كان مقصودها هو إظهار حسن النية فإن للأمر وجهاً آخر عند من يتوجّسون الشر من باقان أموم الذي لم يوفِّر سانحة إلا واستثمرها في إبداء سوء ظنه وسوء تفكيره وتدبيره تجاه السودان. ربما هي ليست دعوة مباعدة للحكمة أن ندعو أجهزة الدولة والحزب أن تنظر في الأمر بتمعُّن وتفكُّرٍ وتدبُّر. وإذا كانت الرغبة صادقة وقوية في تحسين مناخ العلاقات وبناء الثقة فإن اللقاء في أديس أبابا لا يجب أن يكون مفسداً لتدابير بناء الثقة بل هو البدء بالخطوة الصحيحة فى الاتجاه الصحيح.
د. أمين حسن عمر

بواسطة : الطيب مصطفى
 0  0  2205
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 08:25 صباحًا الثلاثاء 30 أبريل 2024.