• ×

زفرات حري

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
بين خليل والصادق المهدي والثوابت الوطنية!!


وفي بلد الإباحية السياسية والعجائب والغرائب يُدهشنا الصادق المهدي حين يحذِّر «عديل» من الفرح بمقتل خليل وتخرج جريدة الصحافة بعنوان في صفحتها الأولى يحمل هذه الدعوة.. عدم الفرح بموت خليل إبراهيم!!
يا سبحان الله... دعوني أعقد المقارنة بأمريكا التي قتلت طائراتُها المواطن الأمريكي «العولقي» المولود في أمريكا والذي ينحدر من أصول يمنية.. قتلته بدون محاكمة في أرض اليمن مخالفة بذلك دستورها وقوانينها!!
لو كان العولقي أمريكياً عادياً لقامت أمريكا بملاحقة قَتَلَته وتابعت الأمر من خلال سفاراتها مع الدولة التي قُتل فيها مواطنُها الأمريكي تماماً كما حدث في حالة مقتل الأمريكي قرانفيل في ليلة رأس السنة في شوارع الخرطوم بينما كان في طريقه إلى منزله في الساعات الأولى من الصباح بعد ليلة صاخبة وساهرة في أحد أندية الخرطوم!!
أما العولقي فقد كانت أمريكا تعتبره مهدِّداً لأمنها القومي حتى ولو كان الرجل عند مقتله مقيماً في اليمن التي تبعد آلاف الأميال عن الشواطئ الأمريكية!!
أريد أن أسأل الصادق المهدي: هل نعى البيت الأبيض أو الحزب الديمقراطي الحاكم مواطنهم العولقي بل هل نعاه الحزب الجمهوري المعارض وزار زعيمه منزل العولقي معزياً وأطلق التصريحات محذِّراً الشعب الأمريكي من الفرح بمقتل العولقي أم أن الشعب الأمريكي وأحزابه السياسية فرحوا لمقتل رجل اعتبروه مهدِّداً لأمن بلادهم ومتمرداً على قوانينها؟!
ما حدث في أمريكا يحدث في كل بلاد الدنيا ولا يختلف موقف الحكومة عن موقف المعارضة لأن الأحزاب حاكمة أو معارضة تصدر عن مرجعية واحدة هي الوطن وأمنه واستقراره لا عن مكايدات تافهة واعتبارات ساذجة وصغيرة تجعل الحزب شيئاً آخر وموقفاً مختلفاً يتغير بتغير الظرف السياسي فإن كان في الحكم كان له رأي وعندما يكون في المعارضة له رأي آخر.
بالله عليكم هل كان الصادق المهدي سيعتبر خليلاً هذا «فقداً لكل السودان» لو كان المهدي حاكماً تخوض قواتُه المسلحة الحرب ضد خليل؟! لقد قالها الصادق المهدي إن خليلاً «فقد لكل السودان»!! كيف يا رجل يكون خليل الذي أنهك السودان وخرّب وقتّل ودمَّر فقداً لكل السودان بما يعني أنك كنت تريده أن يواصل مسيرة الموت والخراب؟! ألا تدري أن قولك هذا يستفز ويحتقر القوات المسلحة السودانية بل الشعب السوداني جميعه؟!
هل كان خليل عندما قُتل في طريقه ليزرع الورود ويقيم المشروعات أم كان متجهاً لدولة جنوب السودان التي تمكّنت بعضُ قواته من دخولها بآلياتها الثقيلة لتنضم إلى قوات الحلو وعقار وعرمان وأهم من ذلك لقوات دولة الجنوب «الجيش الشعبي» المندرجة جميعها تحت لواء ما يسمّى بالجبهة الثورية السودانية وذلك بغرض شنّ الحرب مجدداً على الدولة السودانية وعلى القوات المسلحة السودانية؟!
ثم دعونا نخاطب الصادق المهدي من منطلق «الثوابت الوطنية» التي صدع بها رؤوسنا... إن من أهم الثوابت الوطنية التي يطلب المهدي أن تقوم عليها الدولة هي: «التداول السلمي للسلطة والممارسة الديمقراطية الحقيقية».. هل يؤمن من يحمل البندقية ويشنُّ الحرب على الدولة ويريد أن يأخذ حقّه بالعضل بالممارسة الديمقراطية وهل يرى المهدي في خليل وحلفائه ممارسة ديمقراطية وهم الذين يقتلون وينهبون ويدمِّرون ويخطفون ويجنِّدون الأطفال الذين رأيناهم في قوات خليل حين دخل أم درمان؟! هل يرى حركة خليل التي يتولى فيها شقيقه جبريل وأشقاؤه الآخرون وأبناء قبيلته المناصب العليا في الحركة.. هل يراها حركة ديمقراطية ستسلم الحكم للصادق المهدي وهم الذين يعتبرون الرجل من المركز المهيمِن على السلطة والثروة؟!
ما أعظم الإسلام وهو يُرسي دولة المدينة على الثوابت الوطنية الإسلامية حين شنّ الحرب على متمردي تلك الأيام «المنافقون» وأمر الرسول الكريم بعدم الصلاة عليهم وبعدم دفنهم في مقابر المسلمين «ولا تصلِّ على أحد منهم مات أبداً ولا تقم على قبره». صحيح أنني لا أدعو إلى تكفير المتمردين كما لم يكفِّر الإمام علي كرم الله وجهه الخوارج بالرغم من الحديث الشريف: «تحقرون صلاتكم إلى صلاتهم يخرجون من الإسلام كما يخرج السهم من الرميَّة».. ولا أملك التفويض ولا الحق في تكفير من ينطق بالشهادتين لكني أدعو إلى الاتفاق على تجريمهم وتجريم كل من يحمل السلاح كأحد الثوابت الوطنية التي ينبغي أن يتواضع الناس عليها ويُنصّ عليها في الدستور وفي النظام الأساسي لكل الأحزاب السياسية بل ينبغي أن تُلزم الأحزاب جميعاً على تضمين ذلك في دساتيرها بموجب نصوص واضحة تنظم عمل الأحزاب وتكون جزءاً من قانون الأحزاب.
عجبتُ والله أن يصف الصادق المهدي خليلاً بعبارة «الحبيب» وعجبت أكثر من اعتباره فقداً للسودان كله بالرغم من أني لم أعجب من استخدام الترابي لكلمة «الشهيد» في وصف خليل لأن الطيور على أشكالها تقع كما أن خليلاً جزء من تنظيم الترابي كما ثبت من خلال تصريحات الترابي بعد مصرع الرجل.
أقول للمهدي إنه كان ينبغي أن يحزن لقتلى خليل وللدمار والخراب الذي ألحقه بالسودان كما ينبغي أن يحزن لخروج الرجل على القانون... أما أنا فقد فرحتُ لمصرع خليل لسبب واحد هو أن مصرعه ربما يكون بداية النهاية للتمرد الذي أرهق وطننا وعطّل مسيرته وقتل بنيه وشردهم.
أيها الناس.. أما آن لنا أن نتفق على ثوابت وطنية تجرِّم الخروج على سلطان الدولة خاصة من خلال استخدام السلاح؟! أما آن لنا أن نُحكم ضبط قوانيننا بما يجعلنا دولة محترمة تحرِّم وتجرِّم الخيانة العظمى في حق هذا الوطن؟! أما آن لنا أن نبدأ في صناعة وطننا من جديد بعد أن أذهب اللّه عنا الأذى وعافانا بالانفصال؟!

بواسطة : الطيب مصطفى
 0  0  2264
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 09:47 صباحًا الثلاثاء 30 أبريل 2024.