• ×

تراسيم

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
تراســـيم..

دماء على الثوب الأبيض !!

عبد الباقي الظافر

صرخت الأم "أبوك قتلني".. لم يكن الطفل الصغير ذو الخمسة أعوام يستوعب هذه التراجيديا.. أخبر الطفل الشرطة أنه كان ينام آمناً مطمئناً في حضن أمه.. اسيقظ ليرى والده يكتم أنفاس أمه.. ثم يخرج ليغسل يده في جردل ويعود ليحمل الطفل الصغير لينام معه.. في الصباح يطلب الأب من الطفل إيقاظ أمه التي كانت روحها الطاهرة فاضت إلى بارئها.. التحريات الأولية تشير إلى أن الزوجين اختلفا حول بيع قطعة أرض. في مستهل الأسبوع كان عريس قد هبط إلى موظفي الاستقبال بهو فندق عريق.. العريس يخبر الحضور بهدوء أنه قتل زوجته.. الشرطة التي كانت تحرس المبنى من الخارج يفاجئها عدو من الداخل.. الحادث المؤسف يشغل الصحف ليوم واحد ثم تطغى عليه أخبار السياسة. الشيوخ يعيشون هذه الأيام في جدال.. الترابي أفتى بجواز إمامة المرأة للرجال.. الإمام الصادق المهدي وصل في الاجتهاد أن يضعها في الصفوف الأولى للصلاة.. الجماعات السلفية تتجاوز النقد الناعم لتصل مرحلة توجيه تهمتي الكفر والزندقة لأصحاب الرؤى الجديدة. الحكومة تفكر في مراجعة قانون النظام العام الذي نال الكثير من الانتقادات والاتهامات بأنه موجه ضد المرأة السودانية.. الدستور السوداني الحالي يجعل للمرأة ربع حصة البرلمان.. والحكومة الحالية تشهد تمثيلاً منصفاً للمرأة السودانية. ولكن المرأة السودانية لا تشعر الآن بالأمن داخل بيتها.. ثقافتنا الذكورية التي تستند على قاعدة (المرة كان فأس ما بتقطع الرأس) جعلت المرأة ضحية في كثير من الأحوال. بصراحة واقع المرأة البائس يحتاج إلى انتفاضة مجتمعية.. نحن بحاجة إلى مراجعة الذات.. لدينا عدد كبير من منظمات المجتمع المدني التي تشغل نفسها بالتعاطي الراتب مع قضايا السياسة.. حتى انفعال بعضنا مع مشكلات المرأة يأتي من خلفيات سياسية.. المرأة الضحية لا تجد منظمة مجتمع مدني توفر لها السند.. الرجل الجاني يفتقر إلى الثقافة التي تحميه من نفسه وتعينه بالإرث النبوي (ما أكرمهن إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم). المرأة السودانية تحتاج إلى تشريعات إضافية تجرم العنف المنزلي.. يجب ألا يشعر أي رجل أن بمقدوره إهانة زوجته أو الانتقاص من كرامتها تحت مبدأ السيادة المنزلية.. هذه السيادة تجعل العنف ضد المرأة ينمو ويزيد ولا يستطيع أي شخص أن يتدخل ولو بإصلاح ذات البين. العنف ضد المرأة مخالف للأديان والأعراف والوجدان السليم.. نتائجه لا تقف عند المرأة الضحية.. الطفل ذو الخمس سنوات والذي شاهد أمه تقتل بدم بارد من الصعب أن ينسى طوال عمره هذا المشهد المأساوي.. وشقيقة العروس الصغرى ستسأل بأي ذنب أريق دم أختها في ليلة الزفاف.. عبر هذه التساؤلات تتسع دائرة الضحايا لتشمل المجتمع بأكمله. مطلوب منا جميعا قيادة مبادرة للتنبيه بمخاطر العنف ضد المرأة.. مبادرة تستوعب أن النساء شقائق الرجال وأن الجنة تحت أقدام الأمهات.

التيار

 0  0  2063
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 08:36 صباحًا الإثنين 6 مايو 2024.