• ×

الخرطوم مدينة تمتهن التسول في وضح النهار !

يصل لحد الإمساك بملابسك

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
تحقيق : فتحي العرضي  التسول ظاهرة اجتماعية سالبة، وإن كانت عالمية لا يخلو منها أي مجتمع من المجتمعات إلا أن هذه الظاهرة تختلف من مجتمع لآخر من حيث الأسباب والأساليب والمعالجات، وهي غالباً ما تكون نتيجة للفقر والبطالة وسوء الأحوال المعيشية إضافة إلى الكوارث الطبيعية والحروب والنزاعات. وتأخذ في بعض البلدان أو القبائل عادة أو عرف أو تقليد، مما يؤدي إلى تطبيع الأسر في تلك المجتمعات. ومعظم دول العالم تعمل جاهدة في منع التسول ومكافحة ممارسته أو الحد منه بشتى السبل، باعتباره سبب من أسباب التخلف والجريمة وهو طريق للانحراف يتنافى مع السلوك الحضاري. وللتعرف على الظاهرة وأسبابها والمعالجات التي قامت بها ولاية الخرطوم .. اليكم استطلاع بعض أصحاب الشأن حول القضية.
الشارع يتحدث

هل بات التسول مهنة تدر دخلا مقدرا ؟.. هكذا يتساءل عدد كبير من المواطنين الذين عبروا عن بالغ دهشتهم وتعجبهم من تنامي ظاهرة التسول التي تفشت مؤخرا بصورة لم تعد خافية على أي متجول في الشارع باية مدينة على امتداد السودان وتبدو الصورة اكثر وضوحا في العاصمة التي تضج أسواقها وطرقاتها بنداءات المتسولين الذين استحدثوا طرقا غير مألوفة ،وهذا ما يعتبره ايوب قسم الله تطورا لظاهرة التسول ويضيف بدر الدين يوسف "موظف : ان المهنه باتت منظمة فرغم ان التسول اصبحة مهنة رئيسة للكثير لكنها تثير الخوف والهلع فى نفوس الناس وترسل اشارة ان البلاد تحتضر ، هذا واقع ، فكل ماتقع عينى على مجموعة المتسولين واراهم فى ازدياد يتملكنى الخوف من المستقبل والاشكال التى تقف فى الطريق لتسأل الناس هى ليست بالسودانية وانما تعكس ان السودان بلد بلا حسيب ولا رقيب وان الحدود مفتوحة ومن السهل الدخول اليه وهذا تقصير من الحكومة التى لم توفق فى اى شئ فى وجه نظرى لاسياسيا ولا اجتماعيا ولا اقتصاديا.
عدد اخر من المواطنين استطلعناهم ابدوا قلقهم من تنامي الظاهرة التى استشرت بمختلف انحاء السودان وخاصة العاصمة وذهب البعض الى ان وراء الظاهره عصابات منظمة فقد اكد احد المواطنين ان وراء كل مجموعة من المتسولين شبكه مستدلا بما شاهده بام عينه وقال فى يوم ما دعته الظروف الى التأخر ليلا وفى اثناء عبوره باحد الشوارع الخالية من الحركة استوقفته شابتان متسولتان وارتبكتا عندما لم يجدنه الشخص الذى ينتظرنه ومضى الرجل : ( بعد ان تحركت استدركت ان فى الامر شئ ما وبت اراغب الموقف من بعيد حتى جاءت عربه تشابه عربتى ووقفت بجوارهم واخذتهما فبماذا تفسر شحاذتان تنتظران عربه فارهه تنقلهم آخر الليل ؟)
اما المواطن" محمد مبارك الزين" قال ان ظاهرة التسول غدت تنتشر يوميا بمعدلات مخيفه وان اساليب الشحذه مزعجة لدرجة ان احد الاطفال يمسك بملابسك ولا يتركها حتى تعطيه نصيبه وفتيات يافعات ونساء ورجال ;كبار فى السن يحملون روشتات امام بوابات المستشفيات والصيدليات والغريب ان تلك الوجوه تتكرر آلاف المرات ما يتطلب من الجهات المسئولة وضع ضوابط صارمة للحد من هذه الظاهرة.
اتجار بالبشر

أما على الصعيد القانوني والجنائي للتسول تحدث الباحث بمعهد البحوث والدراسات الجنائية والاجتماعية بجامعة الرباط الوطني الرائد شرطة د. حسين عبد الرحمن سليمان قائلاً: القانون لم يوضح أي عقوبة لمن يضبط وهو يمارس التسول كما جاء في قانون العقوبات للعام 1974م، لأن التسول إن اعتبر من الجرائم والمخالفات وفقاً لأي قانون فإنه بالضرورة تحديد الفئات العمرية الخاضعة للقانون، باعتبار أن هناك عدد من الأطفال الذين يمارسون التسول طوعاً أو كرهاً أو استغلالاً أو غير ذلك، فكان على القانون التفصيل ولو قليلاً فيما يتعلق بالعقوبة التي تفرض على المخالف، كما أنه ليس هناك تمييز بين المتسول السوداني والأجنبي الذي قد يكون ارتكب العديد من المخالفات قبل الوصول إلى مرحلة ممارسة التسول.
ويوضح سليمان أن التسول يدخل في عمليات الاتجار بالبشر، وهو تجنيد أشخاص أو نقلهم أو تنقيلهم أو إيواءهم أو استقبالهم بواسطة التهديد بالقوة أو استعمالها أو غير ذلك من أشكال القسوة أو الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع. واستغلال الأطفال في التسول يعبر عن إشكالية التعريف بصورة حادة، إذ يختلط التسول كعمل استغلالي محض (غير تجاري) مع أشكال التسول المتصلة بجريمة الاتجار بالأطفال.
وفي قانون الطفل السوداني لعام 2009م جاء الآتي: يحظر استخدام الأطفال في أي من أعمال السخرة أو الاستغلال الجنسي أو الإباحي أو في تجارة غير مشروعة، واستغلاله أو استخدامه في النزاعات المسلحة، وهنا يمكن إدراج حظر الأطفال المتسولين باعتبار أن التسول قد اتخذ كتجارة للبعض يستخدمون فيها الأطفال في بعض الأحيان من أجل كسب المال، ويواصل سليمان: لا يوجد تشريع أو مادة في القوانين الوطنية التي تناولت ظاهرة التسول اهتمت بموضوع المتسولين الأجانب بصورة منفصلة، إلا ما جاء في قانون الجوازات والهجرة والجنسية للعام 1994م والخاص بتنظيم دخول الأجانب إلى بلاد وفق ضوابط محددة مع تحديد كيفية التعامل مع المتسللين منه.
معالجات وحلول

ولمعرفة كيفية المعالجات والحلول لهذه الظاهرة طرقنا أبواب وزارة التنمية الاجتماعية بولاية الخرطوم باعتبار أنها من أكثر الجهات المهمومة بقضية التسول، فأوضحت لنا الأستاذة عفاف أحمد عبد الرحمن أن الوزارة قامت بتعيين أكثر من (500) مشرد في وظائف ثابتة، بجانب تخصيص شرطة لمكافحة التسول يعاونها باحثون اجتماعيون ترتكز في مناطق تواجد المتسولين، وقالت أن الهدف الإستراتيجي هو تجفيف الخرطوم تماماً من المشردين ولتحقيق هذا الهدف نعمل على جملة من البرامج الاقتصادية بتكلفة قدرها (400) ألف جنيه، التزم بتوفيرها والي الخرطوم من ميزانية التنمية البشرية، جهودنا أسفرت عن ضبط (600) متسول أجنبي منهم (100) طفل أعمارهم نحو عشر سنوات، وذلك في يوم واحد من منطقة محددة!!.
وبالنسبة لعائدات المتسولين في شوارع العاصمة تصل شهرياً إلى (28) مليون جنيه، بالإضافة إلى أن وراء هؤلاء المتسولين عصابات تعمل على تجميع الأموال وتهريبها خارج البلاد.
أجانب ووطنيون!

الخبير بوزارة التنمية الاجتماعية بولاية الخرطوم الأستاذ محمد فضل الدرديري قال أن الوزارة قامت بترحيل عدد كبير من المتسولين الأجانب على مراحل ودفعات فقد بلغت المرحلة الثالثة (185) متسولاً، ويأتي ذلك في إطار خطة الوزارة للحد من الظاهرة. ويضيف: وضعت الوزارة خطة واسعة للحد من ظاهرة التسول بشراكة مع وزارة الداخلية وشرطة أمن المجتمع بجمع وتصنيف المتسولين الأجانب، وقد شرعت الوزارة في ترحيلهم بتنسيق مع سفاراتهم وإدارة تنسيق الأجانب، وقد بلغ عدد الذين تم ترحيلهم حتى الآن ما يقارب (500) متسول أجنبي، وستتواصل الخطة لترحيل كل المتسولين الأجانب. أما فيما يختص بالسودانيين فقد شرعت الوزارة في تزويدهم باحتياجاتهم العاجلة عبر ديوان الزكاة وسد حاجتهم الفورية مع كتابة تعهدات بعدم الرجوع للتسول.
بدائل للتسول

اما الدكتورة منى مصطفى خوجلي مدير إدارة الرعاية الاجتماعية بوزارة الشؤون الاجتماعية ولاية الخرطوم أكدت بأن الوزارة قامت بتوزيع (30) نقطة للمتسولين لمعالجة ظاهرة التسول بالولاية ،وذلك بالتنسيق مع الشرطة وأمن المجتمع، وتوزيع باحثين على الثلاث محليات على أن يكون كل باحث مسئول عن عدد من المتسولين، بالإضافة إلى أن الوزارة بالتنسيق مع مؤسسة التنمية للرعاية التي تتبع لوزارة الرعاية بولاية الخرطوم تعمل على تمليك مشاريع للمتسولين.
وقد بلغ عدد المتسولين المسجل حوالي (303) متسول ستقوم الوزارة بتمليكهم مشاريع على ثلاث مراحل بعد تدريبهم ودراسة الحالة لكل متسول عبر الباحث الاجتماعي.


بواسطة : admin
 0  0  6751
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 03:55 صباحًا الجمعة 26 أبريل 2024.