• ×

الطيب مصطفي :لماذا أصبحت الحركة الإسلامية في الجامعات محل تندُر الطلاب؟

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
السودانية ين يدي الفشل الذريع الذي مُني به المشروع الإسلامي في السُّودان، أجزمُ بأنه قد حدثت ردة فِعل قويَّة ضد الإسلام، كمشروعٍ سياسيٍّ، أو قل ضد ما اصطلح على تسميته بالإسلام السياسي، وزلزلت الأرض زلزالها وأطبقت الهزيمة النفسيَّة على الكثيرين من الإسلاميين الذين أعني بهم كل من يؤمن بالإسلام كنظام توحيدي شامل، يستوعب كل مناحي الحياة والأحياء، ولا أقصر الأمر على المنضوين في أُطُر وتنظيمات إسلاميَّة، إنما أعني كل مسلم لا يفصل بين الإسلام والسياسة، أو قل كل من لا ينتمي إلى فِكر علماني مناهض لأي دور للدين في الشأن السياسي.

الغريب العجيب أنه في الوقت الذي تزايد فيه عدد الصوامين القوامين، وكثرت فيه المساجد وانتشرت في كل مكان وزُينت وهُيئت للمصلين والعابدين، وزادت فيه وتيرة التدين الشعائري.. في الوقت الذي حدث فيه ذلك بشكلٍّ مدهشٍ، تضاءل صوت المشروع السياسي الإسلامي، وخنس وأنزوى في الشارع العام وفي الجامعات وغيرها وأضحى دُعاته القدامى خجلين من الجهر به كشعار كان ذات يوم مدوياً وهادراً خاصة أيام الجهاد والاستشهاد.

يا تُرى، ما هو سبب أو أسباب نكسة المشروع الإسلامي في السُّودان، والتي جعلته سبة ليس في السُّودان فحسب، وإنما في دول أخرى كثيرة، وربما في شتى أنحاء العالم؟.

أقسمُ بالله أنني سمعتُ عدداً من سائقي التاكسي في القاهرة إبَّان احتدام الصراع بين القوى الإسلامية والعلمانية في مصر.. سمعتهم يعيّرون إخوان مصر بتجربة إسلاميي السُّودان، ولكن هل تحكم الحركة الإسلامية في السُّودان أم أن المشروع الإسلامي يحمل جريرة من انتسبوا إليه ولا يزالون زوراً وبهتاناً؟!.

إنه المؤتمر الوطني بمرجعيته الجديدة التي يمارسها فعلاً لا قولاً، بعد أن استدبر مرجعية الحركة الإسلامية وانقلب عليها، وجعل من الحركة التي أنشأته وأنشأت الإنقاذ مجرد تابع ذليل يمنحه صكوك الغفران، بينما هو يلهو ويلعب ويخبط كالعشواء، ويمارس كثيرٌ من قياداته الموبقات باسم الإسلام البريء مما يفعلون.

لماذا أصبحت الحركة الإسلامية في الجامعات محل تندُر الطلاب بالرغم من أنها بريئة مما يفعله المؤتمر الوطني الذي أصبح كثير من طلابه يعملون بمرجعية أخرى بعيدة كل البعد عن مرجعية الحركة الإسلامية ويسلكون سلوكاً آخر غير ذلك الذي كان يتسم به المجاهدون القدامى، أمثال علي عبد الفتاح وهيكل ومعز عبادي وغيرهم من الشهداء الأطهار؟!

لماذا أصبح تزوير انتخابات الطلاب في كل الجامعات والإعلان عن الجمعية العمومية للطلاب قُبيل الانتخابات يتم خلسةً، وبصورةٍ غير قانونية وغير أخلاقية؟، لماذا أصبح طلاب المؤتمر الوطني هم الأثرياء وأصحاب العربات وأجهزة الهواتف الذكية، بعد أن كان أسلافهم من طلاب الحركة الإسلامية يقدمون أرواحهم رخيصة في سبيل مبادئهم؟.

خارج القطاع الطلابي، لماذا أصبح خرق الدستور والقانون هو السلوك الغالب في كل مناحي الحياة؟، يحلل الربا بفتاوى مضروبة، ويحلل تجنيب الإيرادات رغم أنف القانون، ويحلل الخروج على الدستور رغم أنف المحكمة الدستورية، ويخرج علينا (ترزية الفتوى) ببدعة تسمى التحلل، (يتخارج) بها لصوص المال العام من المساءلة القانونية والعقوبة، ويظلون في مواقعهم التي نهبوها، أو بالأحرى نهبوا من خلالها أموال هذا الشعب المغلوب على أمره؟.

ذلك وغيره مما أسقط المشروع الإسلامي، وجعله محل تهكم أعدائه، وليت الحركة الإسلامية نأت بنفسها عما يفعل المؤتمر الوطني بدلاً من أن تتحمل أفعاله المنكرة باسم الإسلام والإسلام ومشروعه بريئان براءة الذئب من دم يوسف.

اشتد النقد على حكومة المؤتمر الوطني التي شارك فيها من الأحزاب الأخرى منذ وقبل أيام الحركة الشعبية لتحرير السُّودان من لم يتخذوا الإسلام مرجعية فكرية، وكان لتطور الاتصالات الإلكترونية ووسائط التواصل الاجتماعي أثره في إشعال المعارضة وإبراز سوءآت الحكومة الكثيرة، بل وربما تضخيمها. وللأسف فإن (رأس السوط) كان على الدوام مسلطاً على الحركة الإسلامية و(الكيزان) الذين لعب عداء حركات اليسار الناشطة سياسياً لهم دوراً بارزاً في تشويه سمعتهم، بالرغم من أن المؤتمر الوطني هو الذي كان ولا يزال ممسكاً بقرون البقرة (الحركة الإسلامية)، حالباً أثدائها، مدمراً سمعتها، من غير حول لها ولا قوة!.

أقولُ هذا وأنا اعقد المقارنة بين ما قاله الأستاذ علي عثمان محمد طه حول المشروع الإسلامي، وما قاله الدكتور علي الحاج الذي تحدث عن الإسلام السياسي وحاجته إلى مراجعات، مما سأتعرض له غداً بإذن الله.


بواسطة : admin
 0  0  1226
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 12:34 صباحًا الجمعة 26 أبريل 2024.