• ×

جريدة لندنية : المستبعدون من الأجهزة الأمنية قنبلة موقوتة يستغلها أنصار البشير

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
السودانية:الخرطوم رئيس الحكومة السودانية عبدالله حمدوك يقول إن أحداث التمرّد بجهاز المخابرات كانت تهدف إلى قطع الطريق على المسار الديمقراطي.

التمرد الذي شهدته بعض مقار جهاز المخابرات في السودان يشي بأن الوضع الأمني لا يزال غير مستقر في ظل أجندات تخريبية تقودها بعض الجهات المحسوبة على النظام السابق، يعززها غياب التوافق حد اللحظة حول سبل إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية.

العرب اللندنية – أعلن رئيس مجلس السيادة بالسودان، القائد العام للقوات المسلحة، الفريق أول عبدالفتاح البرهان، أن مقرات هيئة العمليات التابعة لجهاز المخابرات التي شهدت “تمردا”، تحت سيطرة الجيش، وتم فتح المجال الجوي أمام حركة الطيران.

وأشار رئيس الحكومة، عبدالله حمدوك، الذي كان بجانب البرهان في خطاب متلفز، أذيع صباح الأربعاء، إلى أن الأحداث التي وقعت هدفت لقطع الطريق على بناء ديمقراطية سلسة، والدولة السودانية بكل مكوناتها “وقفت صفا واحدا ضد هذه المؤامرة المدبرة”.

وشهد السودان، الثلاثاء، تمردا من جنود مسرحين من هيئة العمليات المنحلة المخابرات العامة بالخرطوم، احتجاجا على عدم تسلّم عدد منهم الحقوق المادية لنهاية الخدمة كاملة، قبل أن يعلن جهاز المخابرات مساء اليوم ذاته، انتهاء التمرد وتسليم المحتجين أسلحتهم.

وأعلن مسؤولون مقتل خمسة أشخاص، بينهم جنديان، خلال تصدي الجيش لحركة التمرد، إثر اشتباكات جرت أثناء دخول القوات مقرات استولى عليها متمردون في حي كافوري، بشمال الخرطوم، ومنطقة سوبا شرق، ومقر ثالث يقع شرق مطار الخرطوم.

وأظهرت مؤسسات الحكم الانتقالي تناغما في التعامل مع ما جرى بالخرطوم وعدد من الولايات، ما يعني شعورها المسبق بالخطر الذي تخفيه مثل هذه الحوادث التي تعرقل جهود الهيكلة الأمنية باعتبارها أحد مطالب الثورة.

وعلى خلفية ما حدث كشف رئيس مجلس السيادة الانتقالي، في وقت لاحق أن مدير المخابرات العامة أبوبكر دمبلاب تقدم باستقالته، وأنها قيد النظر، وكشف البرهان عن تشكيل لجنة تحقيق ستحدد من المسؤول في جهاز الأمن والمخابرات وستتم محاسبته.

وأشادت قوى إعلان الحرية والتغيير، الأربعاء، بالدور الذي تقوم به قوات الجيش، واعتبرت أن مثل تلك الأحداث تأتي في ظل سعي قوى الثورة المضادة لتعطيل المرحلة الانتقالية والانقضاض عليها عبر ذيول النظام السابق، ما يتطلب ضرورة تصفية أذرعه داخل الأجهزة الأمنية والمؤسسات العسكرية.

واعتبر القيادي بالحرية والتغيير، نورالدين صلاح الدين، أن السيطرة الأمنية على الأوضاع لا تعني انتهاء أزمة الترتيبات الأمنية، وأن محاولة مكونات السلطة الانتقالية الابتعاد عن جذور الأزمة قد يؤدي إلى نشوب توترات، لأن هناك متضررين من إجراءات إعادة الهيكلة.

وأضاف في تصريح لـ”العرب”، أن القوى السياسية حريصة على استقرار الأوضاع بالداخل، لكن ذلك لا يمكن أن يحدث من دون التعامل القوي مع المشكلات المعرقلة لطريق الثورة.

وتبقى إعادة هيكلة القوات الأمنية من أهم المنغصات الحالية، ما يستلزم اتخاذ إجراءات سريعة نحو بناء القوات على عقيدة وطنية راسخة، بحيث يكون الولاء للمؤسسات وليس للأشخاص.

ولفت نورالدين إلى أن مسؤولية ما جرى لا تتحملها فقط جيوب النظام البائد الذين يحركون المستبعدين وفقا لأهدافهم السياسية، لأن الأمر ينطوي على موقف مجلس السيادة الحالي الذي يتولى ملف الترتيبات الأمينة ولديه بعض القصور في طريقة إدارة الملف، فهناك الآلاف من ذيول النظام السابق ما زالوا مستمرين في مواقعهم العسكرية والأمنية.

وتمثل قضية المسرّحين من الأجهزة الأمنية خطرا يهدد السلطة الانتقالية، لأن الهيكلة الأمنية الواسعة يترتب عليها تسريح عدد كبير ممن لن يكونوا من المؤهلين للاستمرار في القوات النظامية، خاصة المنتمين إلى جيوش الحركات المسلحة، وهؤلاء لن يتخلوا بسهولة عن وظائفهم.

وحملت الصحافية السودانية، إيمان عثمان، السلطة الانتقالية مسؤولية الأحداث التي وقعت نتيجة عدم تجريد المسرّحين من جميع الأسلحة التي كانت بحوزتهم، والأمر اقتصر فقط على الأسلحة الثقيلة، ما مكنهم من تهديد واحدة من المؤسسات المليئة بالذخيرة.

وشددت في تصريح لـ”العرب”، على ضرورة استيعاب أكبر قدر ممكن من هؤلاء داخل الأجهزة الأمنية عقب إعادة هيكلتها، وعدم ترك فرصة لهم ليحققوا مصالح النظام البائد الذي يهيمن على عدد من القوى الأمنية الموجودة في جهازي الشرطة والقوات المسلحة.

ولم تستبعد تكرار مثل هذه الحوادث في المستقبل، لأن رؤية الترتيبات الأمنية الشاملة تبدو غائبة عن عقل الحكومة، وباتت منخرطة بشكل كبير في المشكلات الاقتصادية، ومركزة على التصرفات الأمنية المتقطعة التي تقع في عدد من الولايات، ما جعل إعادة ترتيب المؤسسة العسكرية يأتي في مرحلة تالية.

وترى دوائر قريبة من حكومة السودان، أن تسريح الخلايا النائمة في الجيش السوداني وقوات الدعم السريع وقوات الشرطة سوف تمثل المرحلة الأصعب، لأن أعداد تلك العناصر وأماكن تمركزها غير معروفة جيدا، حيث عمل نظام البشير على وجود أتباع له في الوحدات والإدارات المخلتفة، فيما يمكن التعامل سياسيا مع قادة الحركات المسلحة بشأن العناصر المستبعدة حال التوافق على ملف الترتيبات الأمنية.

وبرأي بعض المراقبين، أن الترتيبات الأمنية أحد أسباب تعثر مفاوضات السلام في جوبا، مع تباعد وجهات نظر السلطة الانتقالية والحركات المسلحة، فالأخيرة تطالب بتوحيد جميع عناصرها تحت لواء جيش وطني من دون استبعاد أحد، وذهبت السلطة إلى ضرورة تنفيذ إعادة هيكلة جميع القوات، ما يعني خروج أعداد كبيرة من المسلحين في ولايات عدة.

وتتضاعف تكلفة حوادث التمرّد العسكري، حال جرت في أي من الولايات السودانية التي تعاني حضورا أمنيا هشا أو هامشيا، ما يشي بأن الإقدام على خطوة جادة لإعادة ترتيب القوى الأمنية يتطلب توافقا عاما، ما يفسر قدرة متمردي هيئة عمليات جهاز المخابرات السيطرة على حقلي نفط بولاية كردفان، قبل استردادهما من قبل القوات المسحلة.

وأعلنت الحكومة السودانية، الأربعاء، استرداد القوات المسلحة لحقلي نفط حديد وسفيان، بولاية كردفان، بعد يوم من خضوعهما لسيطرة مسلحين من هيئة العمليات، وعقب تفاوض القوات المسلحة مع أفراد هيئة العمليات.

ويشير متابعون، إلى أن معالجة ملف الترتيبات الأمنية يجب أن يتصل بملفات اجتماعية متعددة، بحيث يكون هناك دمج لهؤلاء في الحياة المدنية وتقديم الدعم المالي الذي يضمن عدم خروجهم على مؤسسات الدولة، وتطبيق القانون بحسم على أي محاولة لإثارة الفوضى.


بواسطة : admin
 0  0  531
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 07:11 صباحًا السبت 20 أبريل 2024.