• ×

تصدير إناث النعاج ..قرار خطير ومدمر !!

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
الخرطوم ـ (السودانية ) زرت الهند في نهايات ثمانينيات القرن الماضي لحضور سمنار نظمه البنك الدولي، وذلك برفقة إخوة أفاضل من قيادات العمل الإرشادي الزراعي في السودان، وهم أحياء يرزقون أمد الله في أيامهم. وبجانب ما نعرفه عن الهند، إذ هي أكبر ديمقراطية موجودة في العالم وأنجبت الملهم المهاتما غاندي، وتلميذه جواهر لال نهرو أحد زعماء حركة الاستقلال في الهند وأحد مؤسسي حركة عدم الانحياز العالمية عام 1961، ووالد رئيسة الوزراء السابقة أنديرا غاندي ... إلخ آخر تلك المعلومات التى كان يعرفها كل سوداني نال قدرا ولو بسيطا من التعليم، كنا تواقين لمعرفة المزيد عن الهند، خاصة في مجال الزراعة (أساس الزيارة) لذا أمطرنا مضيفينا من "مركز راجندرنغار للتنمية الريفية" الذي يبعد بنحو 30 كيلومترا من مدينة حيدر آباد بوابل من الاسئلة والاستفسارات. ووقتها تجلت لنا حقائق مذهلة عن هذه الدولة القارة. فمثلا المتفوقين من طلاب المرحلة الثانوية الهندية يتم قبولهم في كليات الزراعة، لكونهم الأقدر في مجال الإنتاج الزراعي على الإبتكار والإبداع لتطوير أساليب جديدة تسهم في إطعام حوالي 900 مليون شخص "فم" هم تعداد الهند وقتها (ذكرت ذلك في مقال سابق ومنشور).

لكن كان المدهش حقا لي وللرفقة الطيبة، ما يحيطه الهنود من سرية تامة عن طرق إنتاج ورعاية "شجرة الصندل" باعتبارها ثروة قومية لا يمكن التفريط فيها بتمليك أسرارها من حقائق وأرقام لكائن ما كان. ذكرت هذه الواقعة لما راعني مما تناقلته الأخبار الإسفيرية بشأن موافقة صديقي وزير الثروة الحيوانية الدكتور فيصل حسن إبراهيم على تصدير ألف من إناث النعاج إلي الخارج ووصل 500 منها بالفعل إلي محجر سواكن البيطري.

إذا صحت هذه الأخبار، ففي تقديري الذي أزعم بأن الكثيرين من المهتمين بالشأن الاقتصادي يوافقونني عليه، تمثل هذه الموافقة بادرة خطيرة بكل ما تحمل الكلمة من معني، فهي تمثل هدرا لثروة قومية وتتضيعا لميزة نسبية يتمتع بها الاقتصاد، وتتقاطع مع حرص الوزير نفسه على ترقية قطاع الثروة الحيوانية لكونه رافدا قويا لاقتصاد وخزينة البلاد بالعملات الحرة خاصة بعد ضياع البترول، وتؤكد على قصر نظر سياساتنا الاقتصادية وإلي غياب الخطط الاستراتيجية للدولة، وفوق ذلك تؤكد على الفوضي والتخبط في إصدار قرارات سيادية بهذا الحجم.

وهنا أنادي وبالصوت العالي، يا وزراء القطاع الاقتصادي.. الأمر في غاية الخطورة .. والمطلوب بشكل عاجل وفوري وحاسم هو إيقاف هذه الخطوة المدمرة لمواردنا الاقتصادية.
د.سيد البشير حسين
sayedtamam@gmail.com


بواسطة : admin
 0  0  1244
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 02:27 مساءً الأربعاء 24 أبريل 2024.