• ×

عبد الجليل سليمان يكتب: إلى عمر القراي ورهطه

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
السودانية:الخرطوم .
وحري بي هنا، أن أقول إنني أثق تمام الثقة في أن المؤسسة التي يرأسها القرّاي لن تذهب إلى أدلجة التعليم وتسييسه، لكنني من (باب الاحتياط) أقول، إنها لو فعلت ذلك، سأكون أول المناهضين لها وبقوة، لأن أمر التعليم لا يحتمل المجاملة أبداً.
على كلٍ، فإن عودة النظام التعليمي إلى سُلمه القديم، يُعد أمراً رائعاً، وإن كنت أفضل نظام (4+4+4)، ولي في ذلك دفوعات وحجج، لست بوارد ذكرها الآن. أما المناهج فإنها أس البلاء التعليمي والفوضى (المناهجية) التي تعمه من أعلى رأسه إلى أخمص قدميه، لذلك يجب استبدالها جملة وتفصيلاً بأخرى رشيقة ومُحكمة ومواكبة ومتسقة مع خطط التنمية الاقتصادية وسوق العمل الداخلي والخارجي، وأن تراعي احتياجات المجتمع الثقافية وتسهم في بلورة الهوية السودانية الجامعة.
أكثر من ذلك، فإن ركيزة التعليم هي (المعلم) نفسه، فلا بد من تطوير قدراته وتدريبه بشكل مستمر وجعل راتبه الأعلى في الدولة وبالتالي تكون مهنة التدريس أكثر احتراماً واقبالاً فيتمكن المُدرسون من القيام بعملهم بكفاءة، وهذه مهمة الحكومة بالطبع.
والحال هذه، فإن مهمة القراي وفريقه ليست بالهينة، لكنها ليست شائكة أيضاً، إذا ما ابتدروا على الفور وبدقة شديدة وحياد علمي ومهنية عملية رفع مستوى الكتب المدرسية وغيرها من أدوات التعلم والتعليم وتحديثها من أجل ضمان محتوى أكثر صرامة وحداثة ومواكبة.
على (المناهج) أن تعدّ العدة مثلاً، لإجراء تقويم مطرد ومنتظم لأداء التلاميذ في الصفوف النهاية للمراحل المقررة (ابتدائي/ متوسط/ ثانوي) على سبيل المثال، ويلزم ذلك التأكد من كفاءتهم في العلوم الأساسية كاللغة الإنجليزية والرياضيات والعلوم والجغرافيا والتاريخ، بالإضافة إلى تهيئتهم نفسياً واجتماعياً ليصبحوا مواطنين صالحين في مجتمع منتج عبر مدّهم بالمعارف والمهارات اللازمة للتنافس في سياق النظام الاقتصادي العالمي، وأن تزداد كفاءتهم في ممارسة حقوق المواطنة وواجباتها.
وبحسب تجارب تعليمية متقدمة اطلعت على بعض منها، فإن طلاب الثانويات يمكنهم تلقي مهارات أخرى غير أكاديمية (اختيارية في الغالب) تمثل دعماً لهم في حياتهم العملية مثل تعلم قيادة السيارات والطباعة وخلافهما.
وتبرز هنا تجارب فذة للتعليم الأساسي، أهمها تجارب؛ فنلندة، كوريا الجنوبية، اليابان، الولايات المتحدة الأميركية، حيث تتوفر بجانب ما أشرنا إليه سابقاً بيئة مدرسية لائقة ومواتية لتلقي الدروس في هدوء وسكينة نفسية.
أهم ما في تلك التجارب، إن العملية التعليمية لا تجري تحت الضغط، أي لا يخضع التلاميذ حتى سن الــ 13، لأي اختبارات أو واجبات، بل يتلقون دروسهم في هدوء دون أن يتعرضوا لامتحانات، بجانب تركهم يمارسون هواياتهم كل بحسب رغبته واتجاهاته، كما يمنع العقاب – أي نوع من العقاب – منعاً باتاً، ويحاسب أي مدرس يتعرض لتلاميذه بالضرب أو الإهانة اللفظية؛ لعقوبات قانونية قد تصل إلى سجنه بعد أن يتم طرده من هذا السياق الحيوي.
إلى ذلك، نأمل أن يستدعي القراي وطاقمه الباحثين المتخصصين – وأظنه فعل – إلى رفد المركز ببحوث ودراسات ومقترحات بما يوسع دائرة المشاركة في هذا العمل العظيم، كما عليه أن يستمع لوجهات نظر الخبراء في الثقافات المحلية من كافة أنحاء السودان لتضمينها في المناهج الإنسانية التي ينبغي أن تعكس التنوع الديني والإثني و الثقافي لكافة السودانيين على قدم المساواة.

اليوم التالي


بواسطة : admin
 0  0  769
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 06:30 مساءً الخميس 28 مارس 2024.