• ×

الطائراتالعسكرية ... سقوط بلا توقف !!!

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
السودانية : الخرطوم  لم تمض سوى ثلاث دقائق بعد السابعة والنصف صباحاً على اقلاع المروحية العسكرية (ميج 24) والتى تعرف محلياً بأسم (أبابيل) -تجمع وتركب محلياً- من مطار الابيض حتى ارتجت الطائرة بعنف وانتشرت رائحة الدخان لتعلن عناشتعالها بعدل احتراق محركها، ومن ثم بدات تنذر بالسقوط، مما اضطر الكابتن لمحاولةتلافى سقوطها العنيف وانقاذ الطائرة عبر الهبوط فى ميدان قرب المطار غير اهلبالسكان فى تلك الساعة المبكرة من الصباح، غير أن بعض المواطنين بالمدينة وضواحيهاشهدوا كرات من النار تسقط من السماء.


يبدوأن لعنة (النعوش الطائرة) ستظل واحدة من السمات البارزة التى ستطلق على الطائراتفى السودان بشقيها المدني والعسكري ووصلت خسائرها لمئات القتلى بينهم نائبي رئيسوعدد من الدستوريين والعسكريين واصحاب الكفاة فى مختلف المجالات، وطائرة الانتنوف24 التى سقطت صباح أمس بالقرب من مطار الابيض حاضرة شمال كردفان ربما كانت الرابعةفى هذا العام على الصعيد العسكري فقط فى اطار مسلسل مستمر لسقوط الطائرات.

أسطورةالميج

بشكل عام تصنف طائرات الميج 24 بأنها مروحية روسية وطائرةهليكوبتر هجومية كبيرة متعددة الاغراض، تسع كابينتها لعدد ثمانية ركاب، بداانتاجها وتشغيلها فى العام 1972 من قبل سلاح الجو السوفياتي وأكثر من ثلاثين دولةأخرى وتجمع عسكري أخر أبرزهم حلف شمال الاطلسي (الناتو).

وقد وصفها الطائرين الروس بانها (دبابة طائرة)، الا أن اللقبالذى طغي عليها عالميا هو (التمساح) نتيجة لتمويه الطائرة والواح زجاج كابينةالقيادة المسطح. ويشير مراقبون الى ان تقديرات سعر الطائرة الواحدة يصل لقرابة 75الف دولار وهو سعر جيد بكل المقاييس مقارنة بامكانيات الطائرة، التى يمكنها حملالصواريخ والقنابل الصغيرة، نقل واخلاء القوات، بجانب كونها مكان جيد كغرفة قيادةمتحركة. هذا فضلا عن انها ذات كفاءة عالية وقليلة الحوادث.

ويقولخبراء عسكريين فى مجال الطيران الجوي أن المقاطعة الاقتصادية خلقت أزمة بالنسبةلقطع غيار الطائرات عموماً مما تسبب فى هذا الكم الهائل من الحوادث، ويري المحلل العسكرياللواء م فيصل مسعود الخبير ان تلك الحوادث بصورة عامة الأمر تاتي لعدة عواملأبرزها الحظر الاقتصادي المفروض على السودان الذي يحول دون امتلاكه قطع الغياراللازمة ويمنعه -كذلك- من القيام بأجراء الصيانات الدورية لأسطوله الجوي بصورةمنتظمة بجانب أن الحظر يحد من خيارات فرص تدريب الكادر البشري.

أماالأسباب الأخرى التي لربما تقود لتهاوي الطائرات العسكرية فمتمثلة بحسب مسعود فيحديثه للزميلة (الرأي العام):"مساحة السودان الهائلة بحيث تستغرق الرحلة منالخرطوم للجنينة (4 ساعات) نفس الوقت تقريباً الذي تقطعه ذات الطائرة في رحلتها منقلب العاصمة تجاه إحدى عواصم الجوار وهو ما يمثل عامل ضغط أضافي للطائراتالعسكرية. كما وأن طقس السودان متعدد الأمزجة يلعب دوراً فاعلاً في حاجة الطائراتالدائمة لأعمال الصيانة.

كفاءة بشرية

وينحو خبراء العسكريين فى مجال الطيران الحربي لـ(السوداني) بعد أناشترطوا عدم ذكر اسمائهم-الى أن من يشرفون على امداد القوات المسلحة يجب أن يكونوامهندسين ذوي كفاءة عالية ومقدرة على فهم واستيعاب لعمل الطائرات واحتيجاتها. ويشيرون الى ان كابتن الطائرة الاخيرة يحمل رتبة ملازم اول ممايعني أن خبرته فى مجال الطيران محدودة بحيث انه لم يكمل الحد الادني من ساعاتطيران التى تسمح له بقيادة طائرة بمفرده ( 4 الف ساعة). ويزيدون لذلك فربما كانخطا الكادر البشري عامل مؤثر فى الحادث خاصة أن سمعة هذه الطائرة جيدة على مستوي العالم.

وهنايثار سؤال حول تكرار تلك الحوادث وما مدي علاقته باخطاء فى تاهيل الكوادر البشرية، ويقول خبراء عسكريين من الواضح ان تلك الكوادر يتم تاهيلها محليا، ولا يتمتاهيلهم فى بلد المنشا.

ويؤكد اللواء فيصل مسعود فى افادته السابقة الى أن القوات المسلحة تمتلك خيرة الكادرالعسكري وقال: الجيش ظل يحارب طيلة خمسين عاماً وأحياناً في ظروف قاسية من دون أنيتلقى الهزائم ولكنه حذر من أن يقود ذلك الشعور الزائد بالثقة لإهمال أحتياطاتالأمان الموجودة في كتيب الأمان الموجود قرب نافذة كابينة قيادة الطائرة من الجهةاليمنى.

وفىذات السياق يقول الخبير في شؤون الطيران الكابتن شيخ الدين محمد عبد الله، فى حديثسابق للزميلة (الأهرام اليوم) إن عملية سقوط الطائرات غير مرتبطة بالموديل، سيماوأن الصيانة الدورية الجيدة تُمثل مربط الفرس لكل الطائرات حديثها وقديمها.

سيناريوهات العطل

ويذهب المحللون فى حديثهم لـ(السوداني) فى معرضتحلليهم للحادثة الى ان سببها قد يكون بسبب الحمولة الزايدة أو تسرب الوقود او الخطا البشري، ويشيرون الى انه وفى حال الشحنة الزايدة فيقولون:" أنها تسقط الطائرة أيضا فوراقلاعها اذا كانت درجة الحرارة اكثر من 33 درجة، اما فى حال الاجواء الباردة فانذلك يتاخر لدقائق معدود كما حدث فى الطائرة الاخيرة.

ويشددون على انه وقبل فترة من الاقلاع يتمفحص الطائرة عبر قرأة فنية ومن ثم يتم التحليق والا يتم ايقاف محركات الطائراتفورا فى حال وجود أي خلل، لذلك فان الخطا الذى يحدث فى الدقائق الاولى من الطيران يكونبشري ان لم تتعرض الطائرة لاصابة من الخارج.

وفى حال سقوطها بسبب تسرب وقود محمول، فىبراميل عادية على متن الطائرة، لافتين الى ان انخفاض الضغط فى ظل أي احتكاك بسيطقد يؤدي لانفجار، وينبهون الى ان طائرة الميج تحظى بنظام اطفاء تلقائي فى اي مناجزائها عند اشتعال الحريق، فيقوم الطيار بعزل الجزء المحترق ومن ثم يتم الاطفاءاتموتيكيا.

أشهرالحوادث

والمتتبعلسقوط الطائرات في السودان ان البلاد فقدت العديد من ابنائها ابرزهم النائب الاوللرئيس الجمهورية الفريق الزبير محمد صالح الذى سقطت طائرة (الانتنوف) التى كان علىمتنها بالناصر أثناء جولة تفقدية له بولايات الجنوب العشر في فبراير 1998م بعد انهوت طائرة "انتنوف" كانت تقله ومرافقيه في نهرالسوباط بالقرب من مدينة الناصر بولاية أعالي النيل وصرع بجانبالزبير الذي عد وقتها ارفع مسؤول رسمي بلقى مصرعه وهو في سدة الحكم (20) آخرينأبرزهم القائد الجنوبي البارز أروك طون أروك والمهندس محمد أحمد طه، وعبد السلامسليمان سعد.

وبعدها بثلاثة أعواموتحديداً في أبريل 2001م تحطمت طائرة عسكرية لدى انحرافها على مدرج عدارييل بأعاليالنيل نتيجة عاصفة رملية كان على متنهاالعقيد إبراهيم شمس الدين مساعد وزير الدفاعأحد ابرز أعضاء مجلس قيادة ثورة الانقاذ بجانب (14) من كبار ضابط الجيش، ومن بينالذين صرعوا في الحادثة الفريق أمير قاسم موسى، واللواء طبيب مالك العاقب الحاجالخضر قائد السلاح الطبي، واللواء بكري عمر

خليفة،واللواء السيد العبيد عبد الحليم، واللواء كمال الدين علي الأمين، واللواء علياريكا كوال، واللواء ياسين عربي محمد، واللواء فيصل عيسى أبو فاطمة، والعميد مهندسعمر الأمين كرار، والعميد أحمد يوسف مصطفى.

الامر أمتدايضا لنائب الرئيس و قائد الجيش الشعبي د.جون قرنق الذي سقطت طائرة الرئاسة اليوغندية التى كانت تقلهفي سماء الجنوب في يوليو2005.

حصادالاجواء

وفي حصاد الطائراتالعسكرية نجدها أزهقت أرواحاً أكثر من خمسين ضابطاً بولاية كسلا في يونيو العام1999م بعد عطل فني أصاب محرك طائرتهم.

وفيالعام 2005م وبالضفة الثانية للبلاد لقى (19) عسكرياً حتفهم إثر تحطم طائرتهمبالقرب من مدينة نيالا بولاية جنوب دارفور. كما وتحطمت طائرة عسكرية في مطار أويلشهر فبراير العام 2006م حاصدة أرواح عشرين من منسوبي الجيش السوداني.

بينماشهد العام 2007 في شهره السابع وفاة جنديين نتيجة أحتراق محرك طائرتهما من طرازأنتنوف عقب أقلاعهما من مطار الخرطوم.

فىنهاية مارس من العام 2010 سقطت مروحيتان عسكريتان تتبعان للجيش بمنطقة شطاية بجنوبدارفور بين مدينتى كاس ونيالا، دون خسائر في الأرواح، وأكد مدير الجيش أن المروحيةالأولى سقطت نتيجة عطل فنى، وكانت تحلق بارتفاع منخفض وهبطت الثانية لإنقاذ طاقمهافدخلت بعض الأتربة إلى محركها، ما أدى لاشتعال النيران فيها. وفي نيالا حاضرة جنوبدارفور قالت مصادر عسكرية لشبكة (الشروق) عن تلك الحادثة، إن الطائرة الأولى كانتفي مهمة استطلاعية عادية، بينما اصطدمت الثانية "بشجرة"، ما أدىلاحتراقها بعد تعرض محركها للأتربة.

وفىنهاية ديسمبر من العام 2010 سقطت طائرة تدريب عسكرية بمنطقة خلوية غرب مدينة بورتسودانأثناء قيامها بعمليات تدريب ليلي، وكان على متنها شخصان، أحدهما روسي الجنسيةوالثاني ضابط برتبة نقيب بالقوات المسلحة ولم يصابا بأذى جراء السقوط.

حوادث العام

فى نهاية ابريل الماضي أنحرفتطائرة سوخوي، عن المدرج بمطار الفاشر أثناء هبوطها بعد عودتها من مهمة استطلاعية.وقال الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة العقيد الصوارمي خالد سعد وقتها إن كابتنالطائرة خرج سليماً ولم يصب باي أذى، كما نشب حريق محدود في احد إطارات الطائرةتمت السيطرة عليه، مؤكداً ان الطائرة ستباشر مهامها بصورة طبيعية في القريبالعاجل.

وقبلها بقليل تحطمتطائرتان عسكريتان الأولى مروحية تدريب من طراز (أم أي 24) أحترقت قبل أقلاعها منمطار الخرطوم فى الثالث عشر من ابريل الماضي وقضى في الحادثة أحد أفراد طاقمهاالثلاثة. وقال الصوارمي إن المروحية سقطت على أرضية المطار بالقُرب من المطارالحربي أثناء محاولتها الإقلاع، وأن النيران اشتعلت في أحد مُحركاتها قبل انحرافهاعن المدرج واحتراقها، ومقتل أحد طاقمها المكون من (3) أشخاص -قبل أن يتوفي لاحقاالمزيد-.

وذكرشهود عيان أن المروحية المنكوبة حاولت الإقلاعبالجزء الشمالي الشرقي لمدرج المطار لكنها هبطت سريعاً، قبل أن تهوى على الأرض إثرالمحاولة الثانية، وأن النيرات اشتعلت في مؤخرتها قبل أن تتصاعد أعمدة الدخانبكثافة. واضافوا أن الطائرة هوت على المدرج مباشرة واشتعلت فيها النار وأن الشخصالقتيل لقي مصرعه في الحال وأن الاثنين الناجيين أصابتهما حروق شديدة، وأن أحدهما كسرت ساقه.

أما الطائرة الثانية والتىسقطت بعد خمسة ايام فهي من طراز (ام آي 17) وتحطمت فى الثامن عشر من أبريل بمنطقة(قولو) القريبة من الفاشر وهي قادمة من مهمة عسكرية بمنطقة (كرنوي)، جراء عطل أصابمحركاتها وبالتالي فقدت القوات المسلحة أفراد طاقمها الخمسة.

وتقولالسلطات الرسمية إن المُبررات الموضوعية لتحطم تلك الطائرات متوافرة أيضاً.. وقالتالمصادر إن الطائرة المنكوبة كانت في طريق العودة من مُهمة عسكرية بمنطقة «كرنوي»شمال غرب الفاشر.

ورغمالشائعات التي رجت عن أن الطائرة قصفتها الحركات المُسلحة، إلا أن والي شمالدارفور؛ محمد عثمان يوسف كبر، استبعد مكانية وجود عمل عدائي أدّى لسقوط الطائرة،مبيناً أن الحادث نتج عن عُطل فني.

وفىكل الاحوال يمكن القول أن تساقط الطائرات العسكرية يفتح ملفاتها امام المؤسسةالعسكرية التى قطعت اشواطا فى تحديث اسطولها الجوي، ولكن ما زالت هناك بعض الثغراتالتى تتسبب فى فقدها للكثير من الاموال والكوادر الشابة التى يحتاج أقل واحد منهالما يعادل ثلاث سنوات من الدراسة والتدريب، هذا غير الشخصيات المهمة التى قد تكونفى تلك الطائرات


بواسطة : admin
 0  0  1671
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 12:28 صباحًا السبت 20 أبريل 2024.