• ×

قصص اطفال قرية سودانية يولدون بأشكال غريبة

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
الخرطوم ـ السودانية على مدى عدة أيام ظل الإعلام يتابع ما يجري في قرية (الدومة) ابو شمال تلك القرية الوادعة التي تقع بمنطقة شرق النيل والسبب الذي جعل الأضواء تسلط على تلك القرية هي ظاهرة ولادة أطفال بأشكال غريبة بعض الشيء، إنهم يولودن برؤوس لا يغطيها شعر (صلع) وليس لديهم رموش ولا حواجب، فضلا عن ذلك فهم متخلفون عقليا.
ليست هي المرة الأولى التي يسلط فيها الإعلام الضوء على هذه الظاهرة فقد سبقنا الى ذلك عدد من البرامج التي تناولت الظاهرة في سنوات ماضية، مثل برنامج (صور شعبية) و (عبق المسيد) و (دنيا).. ولكنها جميعها لم تثمر بشيء حسب إفادات شيخ المسيد في القرية.
توجهنا صوب القرية، ومنذ الوهلة الاولى يلفت انتباهنا الهدوء العام.. شوارع وأزقة خالية من المارة إلا القلة القليلة.
قصدنا المسيد حيث يقبع به عدد من الفتية الذين قصدناهم بالداخل. ولجنا الى حيث يجلس الشيخ شرف الشيخ النور وبجواره (سلمى ومحمد) اللذان يعانيان من ذات المرض.
رحب بنا الشيخ أيما ترحيب ومن ثم عرفناه بأنفسنا ثم رمينا إليه بحزمة تساؤلات. لنتابع ماجاء على لسانه:
زواج الأقارب
كشف شيخ شرف الدين الشيخ النور صاحب المسيد بالقرية أن المرض الذي أصاب أكثر من 18 طفلا وراثي وسببه زواج الأقارب، مشيرا الى أن أول حالة شهدتها القرية كانت في العام 68 لصبي يدعى لقمان يقيم الآن مع أسرته بمنطقة الحاج يوسف ببحري وآخر حالة طفلة تبلغ من العمر سبعة أشهر قائلا إنهم لفتوا انتباه الإعلام منذ عدة سنين عبر أكثر من برنامج حتى ينصلح الحال إلا أن الجهات المنوط بها الاهتمام بالموضوع لم تلق لهم بالا وتجاهلتهم، وواصل صاحب المسيد حديثه وهو يحتضن سلمى ذات الثلاثين عاما بكل تحنان قائلا: "أتمنى من المسئولين تدارك الأمر ومعالجته حتى ينعم هؤلاء الصبية بحياتهم مثلهم مثل الأطفال"، مؤكدا أن ما يشاع عن أن النفايات هي السبب لا صحة له مرجحا الأمر الى زواج الأقارب وأن الكثيرين يرفضون أن يُمنع زواج الأقارب باعتبار أنها عادة درجوا عليها، إضافة الى أنه يقوي الصلات الأسرية، ووصف شرف الدين هؤلاء الأطفال بالذكاء قائلا: "منذ ولادتهم تتضح عليهم علامات معينة على ضوئها يتبين للأسرة شكلهم العام الذي يتمثل في اختلال العقل وعدم القدرة على الحديث عند الأغلبية، إضافة الى اللون الأبيض وخلو الجسم من الشعر والنقطة الحمراء التي تكون على الظهر ثم تختفي تدريجيا"، وطالب الشيخ شرف الدين في ختام حديثه كل المسئولين بضرورة زيارة القرية والوقوف بأنفسهم على حالة أولئك الصبية الذين حرمهم المرض من أن يعيشوا حياتهم كبقية الأطفال.
قصص وحكاوي مع القابلة
من ناحيتها تحدثت إلينا القابلة ست النور البدري خليفة التي قامت بتوليد أغلب الحالات وقالت لنا: "بعرف الأطفال من لحظة ولادتهم"، شارحة بقولها: "راس الطفل بكون قوي مازي بقية الأطفال وبطلع لونه أصفر جدا حتى لو كان والداه خضر إضافة الى أن شعرهم يكون كثيف جدا وفوق ذلك تتعثر أمهاتهم في الولادة والحبل السري يأتي ضعيفا مقارنة بالحالات العادية"، وواصلت حاجة ست النور حديثها قائلة إن أولئك الأطفال تأتي صرختهم مكتومة ولا أملك غير أن أنبه والدته بأن هذا الطفل سيأتي مشوهاً ومجرد أن تسمع الحديث يغمى عليها، ولفتت الى أن عدد الحالات لا يتجاوز 18 حالة منها خمس حالات انتقلت الى الرفيق الأعلى منهم شقيق سلمى الشيخ الذي توفي في حادث سير والأشقاء مصطفى الذي لقي حتفه غرقا وشامة التي توفيت حرقا واثنان توفيا نتيجة أمراض عادية والأمر ليس كما روجت له بعض الصحف، ونفت تخوف نساء القرية من الحمل والولادة وأنهن تركن الأمر للقسمة والنصيب.

حلول ومعالجات
بعدها غادرنا المسيد مباشرة وبرفقتنا (محمد وسلمى) يتقدمنا شيخ المسيد متجهين صوب منزل والد الطفل محمد، وما أن وطئت أقدامنا أرض المنزل تلقفنا أهل المنزل بترحيب حار وكرم فياض عرف به أهل القرى، ثم بدأنا بعدها الحديث مع العم عوض مصطفى والد الطفل محمد والذي قال: "ما حدث لنا هو امتحان من الله سبحانه وتعالى، عزاه البعض للجينات الوراثية التي يكون سببها زواج الأقارب، ولكن هناك من يتزوجون من أقاربهم ولم يحدث معهم مثل هذا، وابني المريض محمد من أذكى أبنائي بالرغم من المرض الذي ولد به وظل يعاني منه حتى الآن، أغلبهم شرسون وابني محمد لا يتحدث كثيرا ولكنه كثير الحركة يتنقل من هنا الى هناك ويمكنه برمجة القنوات التلفزيونية عربية وأجنبية كما أنه يستطيع التعامل مع الهواتف الذكية بكل أنواعها رغم أنه يعاني من آلام حادة في قدميه ويحتاج الى إجراء عملية حسب قول الأطباء، ما نتمناه هو إيجاد حلول طبية حقيقية لمعاناتنا لمعرفة الأسباب حتى ينشأ أبناؤنا معافين يتمتعون بحياتهم دون أي عوائق بدنية او عقلية".

مشاهدات عامة
*ظلت الفتاة سلمى ترافقنا حيث نتنقل داخل القرية وهي تتحدث إلينا بابتسامة وروح مرحة قائلة: "عمري 33 سنة وأنا كبيرة إخواني لكني مسحورة إن شاء الله تجدوا علاج لمشكلتنا". وظلت تردد بعض الكلمات باللغة الانجليزية ولم تفارقنا إلا بعد أن ودعتنا على أمل اللقاء قائلة: "عليكم الله زورونا تاني".
* اكتفى الطفل محمد بابتسامة بريئة وعيون لا تدري ماذا تريد، وودعنا بخطوات متسارعة دون وجهة معلومة.
*ظللنا مصدر حفاوة أهل القرية حتى مغادرتنا وهم يصرون على إكمال واجبهم بتناول وجبة الغداء ولكن الزمن كان الفيصل بيننا.
السوداني


بواسطة : admin
 0  0  2686
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 02:38 صباحًا السبت 20 أبريل 2024.