• ×

السودان ..دولة "مبادرات" بلا حدود

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
السودانية يقول الشاعر ذائع الصيت، أحمد مطر في أحدى قصائده الشهيرة: “أكثر الأشياء في بلدتنا: الأحزاب والفقر وحالات الطلاق”، وإن أضفنا “المبادرات” سنجد أن في مقدور أبيات مطر أن تستوطن في بلادنا بكل يُسر، فالأحزاب تربو على المائة والعشرين، والفقر في تنامٍ، ويستتبع ذلك -بالضرورة- ازدياد معدلات الطلاق.

لسنا هنا في محل مقاربة أبيات مطر بما يجري في السودان، ولكن لمعرفة السر وراء ازدهار المبادرات الهادفة إلى حل الأزمة السياسية في البلاد.

ويعتبر تاريخ 19 ديسمبر المنصرم، برزخ بين زمانين، الفواصل بينهما تُرى بالعين المجردة، فقد خلقت الاحتجاجات الشعبية أوضاعاً جديدة بالكلية.

وقصت مدينة عطبرة شريط الاحتجاجات الشعبية التي ابتدرت بالمناداة بتحسين الأوضاع الاقتصادية، ثم ما لبثت أن ارتفعت المطالبات إلى الشعار السياسي الذاهب إلى إسقاط النظام.

وفي المسافة بين خيار الحكومة بالاحتكام للانتخابات في 2020 المتدثر بغطاء “تقعد بس” وخيار إسقاط النظام الذي يُعليه “تجمع المهنيين السودانيين” وهو كيان نقابي محسوب على المعارضة، ومحمول على متن شعار “تسقط بس”؛ في هذه المسافة تجوس كثير من المبادرات الرامية لإنتاج حلول تفك من تعقيد الموقف.

أخر هذه المبادرات، ولن يكون أخيرها ما كشف حُجبه القيادي بالحزب الاتحادي الديمقراطي، السماني الوسيلة، عبر “باج نيوز”. وإن لم يتم الكشف عن فحوى مبادرة “المسجل”، فإن أهم ما فيها ما يلي الدعوة لدراسة جميع الخيارات بما في ذلك خيار الحكومة الانتقالية.

وتتفق مبادرة الـ (52) التي يتولى كبرها رئيس وزراء الانتفاضة، د. الجزولي دفع الله، -وجرى طرحها الشهر الجاري- مع مبادرة “المسجل” في الدعوة إلى إحداث تغيير مستجيب لحراك الشارع بالترتيب لفترة انتقالية عمرها 4 سنوات.

وبالانتقال إلى أطروحة “الجبهة الوطنية للتغيير” نجدها تنادي بتشكيل مجلس سيادة انتقالي. ويقف على رأس المطالبين بذلك القيادي الإسلامي البارز، ورئيس حركة الإصلاح الآن غازي صلاح الدين، وزعيم حزب الأمة الإصلاح والتجديد مبارك الفاضل.

وفي “سوق المبادرات” طرح حزب المؤتمر الشعبي، المشارك في الحكومة مبادرة قال إنها تقوم على خلق منطقة وسطى بين شعاريِّ “تسقط بس” و”تقعد بس”، وما زلنا بانتظار تفاصيل الطريق الثالث الذي ينوي الشعبي تعبيده لحل مشكلة البلاد.

وليس بعيداً من حَملَّة مبادرة الـ (52) وهم مجموعة من الرموز الأكاديمية والسياسية، تأتي مبادرة أساتذة جامعة الخرطوم المطالبة بتنحي الرئيس عمر البشير، وتسليمه السلطة لحكومة انتقالية.

ورغم كل هذه المبادرات، يتوقع رفد الساحة السياسية بمزيد من المبادرات خلال الفترة المقبلة.

وسبق أن انتقد د. حيدر إبراهيم علي، مدير مركز الدراسات السودانية في مقال شهير المبادرات المطروحة في الساحة بحسبانها “تشوش المسار الثوري” حد تعبيره، وقال إن جُلها فارغ من المضامين.

وعلَّ حيدر في حديثه يلفت النظر إلى أن بعض المبادرات ما تزال محض عناوين لم تتخلق بعد إلى كائنات تمشي بين الناس.

بدوره يقلل المحلل السياسي، محمد نورين، من الأطروحات الجائلة في الساحة السودانية، كونها تتشابه في المضامين فيما قلوب أصحابها شتى، ما يُقدم دليلاً على عمق الخلاف السياسية وحالة انعدام الثقة بين مكونات الساحة.

وتصطف قوى المعارضة الرئيسة “نداء السودان” و”قوى الإجماع الوطني” خلف حراك الشباب في الشارع بقيادة “تجمع المهنيين السودانيين” بينما يشيح حزب المؤتمر الوطني الحاكم، بصره عن كل المبادرات التي تحمل في طياتها دعوات لحكومة انتقالية، وننقل هنا تصريح مساعد الرئيس، ونائبه بالحزب، فيصل حسن إبراهيم بشأن الحكومة الانتقالية إذْ قال: “ليس هناك حكومة انتقالية ولا أي أوهام”.

ويرى نورين في تمسك الأطراف السياسية الرئيسة بالبلاد بمواقفٍ متباعدة، أنه دليل على إمكانية الجلوس لإيجاد تسوية سياسية مع ضمانة تحقيق أكبر قدر من المكاسب عبر تعلية السقوف التفاوضية.

وحول إمكانية إدماج المبادرات في اتفاقية واحدة، قال إنه يستبعد ذلك، كون معظم المبادرات الحالية ترمي إلى إيجاد موطئ قدم مستقبلاً، ولكنه عاد وأعرب عن أمله في أن يصح الحديث عن كون رئيس قوى نداء السودان، رئيس حزب الأمة القومي، الإمام الصادق المهدي في طريقه لتجميع المبادرات المتناثرة في مبادرة واحدة.

بدورنا نقول إنه وحتى نهوض مبادرةٍ مُجمع عليها، سنرى كثير من المبادرات الجديدة وكأنما نستظل بلافتة “مبادرات بلا حدود”.
باج نيوز


بواسطة : admin
 0  0  721
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 09:15 مساءً الخميس 25 أبريل 2024.