• ×

صحيفة لندنية:السيناريوهات التي تنتظرها واشنطن لتغيير النظام في الخرطوم

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
السودانية الخرطوم- يتجه الحراك الشعبي في السودان إلى دخول شهره الثالث، مع زيادة القوى السياسية ضغوطها على الرئيس عمر حسن البشير للتنحي وتمهيد الطريق لحكومة انتقالية. وفي خضم هذا الوضع تتركز أنظار الكثير من المحللين على تتبع مواقف القوى الإقليمية والدولية وبشكل خاص الولايات المتحدة.

وأطلقت واشنطن منذ بدء الاحتجاجات بعض المواقف المنتقدة لأسلوب السلطات السودانية في التعاطي الخشن مع المحتجين، وكانت أقصاها المطالبة بإطلاق سراح المعتقلين، والإصغاء لمطالب المتظاهرين.

واندلعت الاحتجاجات منذ 19 ديسمبر الماضي في مدينة عطبرة من ولاية نهر النيل شرق السودان، قبل أن تتمدد لتشمل أجزاء واسعة من البلاد، وحملت في بداياتها عناوين اقتصادية واجتماعية قبل أن تتخذ أبعادا سياسية تلخصت في شعار “ارحل بس” في إشارة إلى الرئيس البشير.

وتقول دوائر سياسية إن مواقف الولايات المتحدة المحتشمة لا تعكس تبنيها الوقوف في صف أحد من طرفي الأزمة في السودان، وأنها لا تزال تقيم الموقف، على حسب مدى صمود الرئيس عمر البشير أمام هذا الحراك غير المسبوق.

وتشير هذه الدوائر إلى أن واشنطن ترى أنه ليس من الصالح انهيار النظام السوداني لما يعنيه ذلك من تبعات خطيرة ليس فقط لجهة الفوضى التي قد يقود إليها هذا السيناريو في البلد، بل وأيضا لتداعيات ذلك على الجوار وعلى المنطقة عموما.

وتلفت الدوائر إلى أن الولايات المتحدة ترى أنها لا تزال في حاجة إلى استمرار التعاون الأمني مع نظام الرئيس عمر حسن البشير الذي أسست له منذ سنوات، وتراهن على تعزيزه خاصة وأن السودان يقع في موقع جيواستراتيجي، حيث تربطه حدود جغرافية مع كل من ليبيا ومصر وجنوب السودان وإثيوبيا وإريتريا. وقد لعبت الخرطوم دورا محوريا سواء لجهة تحقيق اختراقات في عدد من الأزمات وكان آخرها في أفريقيا الوسطى أو لجهة مد واشنطن بمعلومات استخبارية ثمينة عن الجماعات الإسلامية المتطرفة التي تنشط في المنطقة.

الاحتجاجات أضعفت البشير بشكل خطير
وكانت واشنطن قابلت هذا التعاون برفع العقوبات الاقتصادية عن السودان في أكتوبر 2017، وبدأت قبل أشهر جولة ثانية من الحوار مع الخرطوم بشأن رفعها عن قائمة الدول الراعية للإرهاب، بيد أنها وضعت حزمة شروط إضافية ركزت على الوضع الداخلي من قبيل إطلاق الحريات والابتعاد عن أي شبهات بدعم الإرهاب.

ويقول خبراء إن واشنطن تريد البناء على زخم ما تحقق على صعيد العلاقات مع الخرطوم، وهي لا تريد أن تجازف حاليا بالانخراط في دعم معلن لأي طرف، وهي تضع في اعتبارها جميع السيناريوهات لكن لا مؤشر على رغبتها في انهيار النظام الحالي.

ويستشهد هؤلاء بما نقله ﻣﻮﻗﻊ “ﺃﻓﺮﻳﻜﺎ إﻧﺘﻠيجنس” عما قال إنه تقرير سري يكشف عن تحفظ وكالة الاستخبارات الأميركية التي تدير العلاقات بين الخرطوم وواشنطن إزاء تغيير النظام في السودان، وإن كانت لا تدعم الوكالة بشكل مطلق الرئيس عمر البشير.

وطبقا للتقرير السري الذي حصلت “إنديان أوشن نيوزليتر” على نسخة منه، ونقله موقع “أفريكان إنتليجنس” الجمعة الماضي فإن الاحتجاجات التي يشهدها السودان إذا أضعفت البشير بشكل خطير عندها ستعمل وكالة الاستخبارات الأميركية على تسريع مغادرته السلطة واستبداله بمدير جهاز الأمن صلاح عبدالله قوش الذي يتمتع بعلاقات جيدة مع دول إقليمية وغربية.

وسبق وأن زار قوش واشنطن في سبتمبر الماضي، وأجرى عدة لقاءات مهمة من بينها مع مديرة الاستخبارات الأميركية جينا هسبل، وتعهد قوش الذي تولى المنصب في فبراير من العام 2018 خلفا لمحمد عطا، بالمزيد من التعاون مع الولايات المتحدة في مجال مكافحة الإرهاب خلال تلك الزيارة.

ويرتبط قوش أيضا بعلاقات جيدة مع مصر، وقد شهد التعاون بين جهازي المخابرات المصري والسوداني منذ توليه المنصب تحسنا نوعيا، ترجمته اللقاءات المتواترة بين رئيسي الجهازين خلال الأشهر الماضية.

الاحتجاجات اتخذت أبعادا سياسية
ويرى مراقبون أن طرح اسم مدير جهاز الأمن والمخابرات بديلا عن البشير وارد، ولكن الأمور ليست بالسهولة المطروحة لجهة أن قادة الحراك يحملونه الجانب الأكبر من المسؤولية عن قمع الحراك الاحتجاجي.

وعلى خلاف تصريحاته السابقة حاول عبدالله قوش أن يبدو أكثر مرونة، فلئن شدد، مساء السبت، على اصطفاف القوات النظامية مع “الشرعية” بيد أنه شدد على أنه “لا تهاون خلال المرحلة القادمة في التعامل مع المتقاعسين”.

وقال قوش في كلمة أمام ضباط الأمن بمنطقة الخرطوم “إن السودان لكل السودانيين وإن المحسوبية مرفوضة وإنه لا تهاون خلال المرحلة القادمة في التعامل مع المتقاعسين أيا كانت صفاتهم ومواقعهم في جسم الدولة”.

ودعا إلى التفكير خارج الصندوق، لافتا إلى أن الشباب هم أبناء الإنقاذ وينبغي الالتفات الجاد إلى قضاياهم الحقيقية ومطالبهم الموضوعية. ويقول المراقبون إن المواقف الإقليمية تبدو أيضا قريبة من موقف واشنطن حيال السودان، حيث أن معظم الدول العربية تنظر بحذر شديد إلى الوضع في هذا البلد ولا تتبنى خيار انهيار النظام بالكامل، وإن كانت لدى الكثير منها تحفظات على سياسات الرئيس البشير.

وطالب البرلمان العربي، الأحد، الولايات المتحدة بشطب اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب. وقال رئيس البرلمان العربي مشعل السلمي إن الخرطوم نفذت المسارات المتفق عليها في واشنطن لرفع اسمها من قوائم الإرهاب، مؤكدا أن “الوقت حان، والظرف أصبح مواتيا ومناسبا لرفع المعاناة عن السودانيين”.
@جريدة العرب اللندنية


بواسطة : admin
 0  0  1171
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 06:09 مساءً الجمعة 29 مارس 2024.