• ×

كاتب اماراتي : السودان في محنة ولابد من مساندة عربية ودولية

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
السودانية يمر السودان في هذه المرحلة من تاريخه المجيد بمنعطفات كبرى خطيرة جداً، وهو في أشد الحاجة إلى أن يقف معه أشقاؤه العرب ويساندوه للخروج من تلك المحن التي وجد نفسه فيها دفعة واحدة. وبالتأكيد أن أهم وأدهى المحن التي يواجهها السودان اليوم هي المعضلة الاقتصادية، التي تليها مشكلة التفتت إلى دويلات تقوم في كل جزء من أجزائه بعد أن انفصل الجنوب وأصبح دولة مستقلة هي في حقيقتها دولة فاشلة منذ أول يوم قامت فيه. وبالتأكيد أن مشكلة التفتت إلى دويلات صغيرة يقلقنا كعرب كثيراً، فحدوث ذلك في كل جزء من أجزاء السودان ستنهيه وتنتهي معه الدولة السودانية الموحدة القائمة حالياً، ومع انتهائها وزوالها ستنتهي وتزول عروبة السودان ولكونه مفصلاً مهماً من مفاصل الوطن العربي والأمة العربية.
إن المناداة المستمرة والمتكررة التي أطلقها للوقوف إلى جانب السودان وأهله لا تنطلق من فراغ ولكن من إدراك تام لماهية السودان ولأهميته لجميع دول العالم العربي، خاصة لدول الخليج العربي التي لا يفصلها عنه سوى كيلومترات قليلة هي عرض مساحة البحر الأحمر الضيقة التي تفصله عن المملكة العربية السعودية. ما يحدث حالياً من محاولات عربية تقودها بهدوء كل من السعودية ودولة الإمارات ومصر ودولة الكويت لإعادة السودان إلى أهله العرب تشكل دلالة مهمة على أن الدول العربية جميعها تهتم بالسودان وتوليه رعايتها وحرصها على أن يبقى ضمن المنظومة العربية. وهذا الاهتمام والحرص لا ينطلق من فراغ ولا يأتي من عاطفة عابرة، ولكنه يعود في الأساس إلى ما للسودان من أهمية استراتيجية مستقبلية كبرى للعالم العربي، وتكفي الإشارة إلى أنه يمتد في عمق إفريقيا لمسافات واسعة يخترقها النيل العظيم الذي يروي خصوبة أرضه البكر التي تجعل من السودان السلة الفعلية لغذاء العالم العربي.
من وجهة نظري كمراقب عن كثب للسودان وأوضاعه العامة أن المشكلة السودانية الكبرى هي المشكلة الاقتصادية التي تتسبب في جميع المشاكل الأخرى، بما في ذلك مشكلة التفكك التي سأعود للحديث عنها في مقالة أخرى. لذلك فإن ما يحتاجه السودان وبشكل سريع جداً هو وجود خطة طموحة متكاملة لإصلاح الاقتصاد. ويمكن القول إجمالاً أنها يجب أن تستهدف هيكلة شاملة للاقتصاد، وتنظيماً للضرائب بشكل منصف للمواطن والدولة، وتشجيع الاستثمارات الأجنبية عن طريق مراجعة وإلغاء جميع القوانين والتشريعات التي تعيقها حالياً، ومحاربة الفساد الإداري والمالي، وتعديل المسارات لكي يمكن الحصول على الدعم من الدول المانحة، خاصة السعودية والإمارات والكويت، ومراجعة معوقات العلاقات مع دول الغرب، خاصة الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي، وبريطانيا، وأخيراً إقامة مؤسسات تشكل جسوراً لإقامة صداقات السودان مع العالم الخارجي، وعقد مؤتمر جامع لتحقيق ذلك.
وبالتأكيد أن مثل هذه الخطط الشاملة لابد وأن تتضمن عدداً من الإجراءات شديدة الوطأة على المواطن البسيط التي هي ضرورية لضمان نجاح الإصلاحات المزمع إجراؤها، فهي لابد وأن تؤدي إلى غلاء المعيشة على المواطن البسيط، حيث يمكن أن يلغي الدعم عن بعض الضروريات، لذلك فلابد من وجود خطط موازية لحماية الفقراء الذين لا يمكن لهم الصمود في وجه الآثار الجانبية السلبية التي ستترتب على عملية الإصلاح. من هنا تأتي الدعوة إلى وقوف دول قوية اقتصادياً كالسعودية والإمارات والكويت والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا، إلى جانب السودان في جميع مراحل تنفيذ الخطة الإصلاحية، وذلك بعيداً عن الأيديولوجيا، لأنه من غير ذلك سيبقى السودان عاجزاً عن تنفيذ خططه التنموية.
د. عبدالله جمعة الحاج ـ جريدة الاتحاد الاماراتية


بواسطة : admin
 0  0  923
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 03:36 صباحًا السبت 20 أبريل 2024.