• ×

عبد اللطيف خضر .. حاوي الألحان وصانع الفنانين

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
السودانية ـ صلاح شعيب

لم يرث عبد اللطيف خضر ثروة من والده الذي كان كثير المراس في نثر الدهشة السحرية. ولكنه ورث منه هواية الموسيقى. وحين احترف المهنة صار الموسيقار حاويا في استنباط الألحان المؤثرة، والمؤسرة، والمؤنسة. إذا وقفت على تاريخ إبراهيم عوض فستجده يملك صفحات نيرة فيه. وبالمقابل إذا وقفت على تاريخه فإنك تجد الفنان الذري يشكل حضورا غارقا ً في سيرته. أما إبراهيم الرشيد فهو نساج الحروف الذي يكون ثلاثية حي العرب. حقا كانت ثلاثية فنية مختلفة بيد أن المؤكد أن ثنائية ود الحاوي وإبراهيم عوض أهدت المستمعين سبعة عشر لحنا. وربما يمتد تأثير ود الحاوي إلى كل الفنانين الذين جايلوه، بدء بعبد العزيز محمد داؤود، وحمد الريح، وإسماعيل حسب الدائم، وعبد العزيز المبارك، وعثمان مصطفى، ومجذوب أونسة، وزيدان إبراهيم، وليس انتهاء بجيل طه سليمان. ولا بد أن كل فنان من هؤلاء خطف زهرات يانعات من حديقته اللحنية التي ما تزال قادرة على التجدد برغم بلوغ عبد اللطيف السبعين.
من بين ثلاثة أبناء، وأربع بنات، طور عبد اللطيف مواهب موسيقية لوالده الذي عرف بلقب خضر الحاوي. ويذكر أن الوالد التاجر كان يضرب برأسماله إلى الهند. تجارته كانت على نسق أخوانه الذين أسسوا محل التيمان المعروف والذي صار معلما بسوق أمدرمان. يجلب خضر رحمة الله إلياس عمر من الهند البخور، وكل أنواع العطور، ومستلزماتها. هناك تعلم فنون الألعاب السحرية لمدى سبعة أعوام. عاد حاويا خارقا في الستينات ثم صادق السيدين. وحين رآه إسماعيل الأزهري بارعا في منولوجاته، وهوائياته السحرية، التي أطبقت على أمدرمان الخارجة إلى بهو الاستقلال قائدة، ورائدة، أعجب به. وما أيام تمر، وتمر معها ليال، إلا ويصدر الرئيس الأزهري قرارا بأن يطوف الحاوي على كل مدارس السودان لتقديم عروضه السحرية التي كانت تجلب السعادة، والترويح لمرتادي حلبته. ولما كان عبد اللطيف في صغره قد تعلم العزف على يدي والده البارع في العزف على العود، والأكورديون، كان لا بد أن يستعين الحاوي خضر بمن هو أكبر من الأبناء.
هذا التطواف الذي ابتدره خضر أتاح لعبد اللطيف أن يتعرف على مجتمعات السودان المتعددة، ولا غرو إن جاءت إيقاعاته الموسيقية مشحونة بالعرضة، والدلوكة، والتم تم، والدليب، والمردوم، والسبعة بلدي. تأخر الفتى في المدرسة شيئا لأن سرية بعض ألعاب الحاوي كانت تتطلب معاونا له في ترحاله البيئي. ولكن مدارس جدهم عميد الرباطاب بابكر بدري كانت قد منحته الفرصة لتعويض الذي فات من درس. مؤكدا على عزمه، ومجدا في بلوغ التحصيل العلمي، درس عبد اللطيف حتى أكمل الثانوية، ومنها وجد رجالا بجدية حازمة في مستوى المرحوم اللواء محمد أحمد التيجاني حيث كانت شؤون الموسيقى تتبع له في سلاح الخدمة قبل إنشاء سلاح الموسيقى. حظه الثاني أن العم أحمد مرجان ملحن النشيد القومي، ورائد النوتة السودانية، كان وقتها مشرفا على موسيقى الجيش فتدرب على يديه حتى تخرج بامتياز عازفا على الساكس، والكلارنيت، والبيانو.
أجداد عبد اللطيف من المؤسسين لمنطقة الشريق بالمديرية الشمالية إلا أن والده رأى النور في أمدرمان. عبد اللطيف نفسه لم ير مراتع صبا أجداده، وإن كان يتمنى الآن أن يراها. ربما كانت أمدرمان لا تهتم بالقبيلة بقدر اهتمامها بتمتين نسيجها السوداني الذي ضم كل الأعراق. ولذلك ما عادت منطقة الرباطاب تمثل له غير ذلك المكان الذي يحتضن رفات الأجداد القريبين، والبعيدين.

-2-
في يوم من أيام عام 1941 تنجب آمنة عبد الخالق طفلا حلو القسمات أسمته عبد اللطيف. وكبر الطفل، وترعرع، في حي الرباطاب بأمدرمان، والذي يسمى أيضا حي البوستة. وأحيانا يسمى حي برمبل نسبة إلى مفتش أمدرمان الإنجليزي. والحقيقة أن هذه الأحياء تقضم طرفا من أزقة حي العرب، والذي كان يتفرع إلى فرعين. فرع تقطنه غالبية الرباطاب، والآخر الغنادير. في هذه المنطقة الكثيفة الأعراق علم خضر الحاوي نفسه. ومن الأشياء التي يحكيها عبد اللطيف عن والده أنه كان شغوفا بالعلم، ولذلك علم نفسه بنفسه. ومن سيرة الحاوي أيضا أنه لم يدرس الخلوة كما فعل أقرانه آنئذ. وكان يتساءل عن جدوى أن يعلم الناس بعض الناس. فهو، في ذلك الزمان الغابر، قد استهجن ذلك الأمر، وعده اتكالا على الغير. ولهذا أصر على أن يكون معلما لنفسه. وقد ظفر.
تدريبات الموسيقار الرائد مرجان للفتى من أجل خوض غمار العمل الموسيقي ذهبت به إلى الإذاعة. كانت (هنا أمدرمان) وقتها تضج بفطاحل النغم. ولكن، على أي حال، كان لدى أهله ثمة رأي بأن يخطو ابنهم خطوات مختلفة. ولكن الرأي الأول، كما يقول الموسيقار، كان للفنان خضر الحاوي والذي قال له، ذات مساء، إنه خلق فنانا، ويريده أن يقتفي أثره. وكفى بالله وكيلا.
بثقة عالية، ودربة علمية، ومران مثابر، جلس أمام علاء الدين حمزة رئيس الجوقة، وبرعي محمد دفع الله، وعبدالله عربي، وأسمعهم إبن السابعة عشر ما عزف من أغنيات. حالا قبل كأصغر عضو في فرقة الإذاعة التي كان الانضمام إليها أمنية ما بعدها من أخرى. بالإضافة للممتحنين كانت الفرقة تضم الخواض، والتهامي، وجاد السيد، والله جابو، ورابح. فرحب به غالب الموسيقيين، أيما ترحاب، لكونه جاء إليهم بعلم موسيقي نهله من مرجان، حيث ود الحاوي عنده مدرك لأسرار النوتة في النهار، وحاذقا لطعم النغم في ليل محفوف بضمخ صوت البلابل الصادحة في الأعراس. وهكذا استمر عبد اللطيف في الفرقة المبدعة عازفا إلى أن خاض في أمر تأليف اللحن. وبعد تجربة، أو تجربتين، اصطنع منافسة ملهمة بالسخاء الفني بينه وبين بشير عباس من جهة. وبينه وبين برعي من جهة أخرى. وهكذا أجاد نسج الفن مع أولئك الملحنين العمالقة، وآخرين شنفوا أذن المستمعين.
وحين سأله الكاتب عن مرد هذا النجاح في الاستحواز على قلوب الناس رد بتواضعه المعهود، ورهافته الكبيرة، بقوله: (عندما أبدأ في تلحين القصيدة أضع الشعب السوداني أمامي..البسيط منه، والمثقف..لا أحاول فلسفة اللحن..أحس وقتها كأنني الرجل البسيط الذي تطربه الجملة الموسيقية..وأحس أيضا كأنني المستمع المثقف الذي يريد شيئا جديدا من النغم لا مثيل له.. وبهذه المعايشة أشرع في هدهدة الكلمة لأعطيها أبعادها، والجملة الموسيقية لأمنحها الإشباع، وبنائية الأغنية لأنظر إليها كنسق فني جميل..بعدها أرضى بما فعلت ثم أطلب من الفنان المعني الاستماع إلى الأغنية.. وحين يقنع بها نأتي إلى التنفيذ مع الفرقة الموسيقية.. وكنت أقول لكل أعضائها: هذا هو العمل وإن وجدتم إحساسا أجمل من هذه الجملة الموسيقية، أو تلك اللزمة، أبدلوها بأحاسيسكم التي ربما هي أجمل من إحساسي..ومع ذلك كان الموسيقيون يكتفون بما قدمت..والحقيقة حين نجلس لتنفيذ لحن لفنان آخر كنا نضيف إلى الأغنية، وأحيانا تشارك الفرقة بثلثي اللحن..ولم يكن أحد منا ليتحدث عن الإضافة، أو الحذف، اللذين برزا..والسبب هو أننا كنا نحس أننا ننتمي جميعا إلى اللحن وإن كان الملحن يأخذ الصيت في نهاية الأمر..كان هذا هو ديدننا في الستينات، والسبعينات، ولذلك كانت كل الأعمال تأتي قوية البناء، والمحتوى. وفيها أكثر من إحساس..ويبقى الفضل لثيمة الملحن الأولى التي جعلتنا نعدل هنا..ونضيف هناك)
بعد الثبات في فرقة الإذاعة تم ابتعاثه مع زملاء له لدراسة الموسيقى الشرقية في مصر. هناك درس المقامات الشرقية، ووقف على جماليات مقامات عربية، منها الرصد، والحسيني، والعشيران، وما خفي أحلى، وأطرب. وعاد عبد اللطيف إلى السودان إلى أن غادر إلى دولة قطر وصار هناك عازفا بفرقتها.

-3-
إن موسيقى عبد اللطيف خضر نكهتها أمدرمانية، والإيقاعات التي اشتغل عليها معبرة عن حيوية تنوع الرزم السوداني. وهاتان الركيزتان في تجربته هما المعبران عن فكرته لتطوير المواريث الغنائية التي أنتجها ملحنون أمثال عبد الرحمن الريح، وبشير عباس، وأحمد زاهر، وبرعي محمد دفع الله. ولعل ود الحاوي بحق من المتأثرين بإحساس برعي في التعامل مع النص الغنائي الذي يقدم على الكشف عنه. وقد قال ود الحاوي للكاتب إن علاقته مع برعي بدأت حينما كان الأستاذ علاء الدين حمزة مديرا لقسم الموسيقى فيما كان برعي مراقبا للقسم، وأضاف عبد اللطيف بقوله "برعي ساعدني كثيرا بإحساسه الجميل، وكنا مقربين وأصدقاء بمعنى الكلمة، بل كانت علاقتنا أكبر من الصداقة، الحقيقة كنا إخوانا. أثبت حرصه الكبير علي، ولذلك كنت في كثير من المرات أسمعه لحنا جديدا وكان يقول لي : (استمر استمر) وعندما أسمع منه "استمر" أحس أن كلمته هذه بمثابة الضوء الأخضر لي وتعني أكبر مساعدة أحتاجها. ما كان برعي، أبدا، ليجامل أي شخص في هذه الدنيا على حساب الفن، وهذا ما أوجد منه إنسانا رائعا. كان أخا حبيبا..كان رجل نكتة، وعندما تجالسه فلا بد أن تضحك معه من قلبك..نعم، لا بد أن تضحك من قلبك.. وحين أقرأ له قصيدة جديدة لأدرك إحساسه كان يقول لي إن هذه لا تشبهك..وحين أسمع منه هذا الكلمة أترك القصيدة حالا، ثم بعدها أحس بدافع كبير منه لتجويد اختياراتي. لقد كان برعي المهني الرائع، والملحن الأروع..ذهبنا، ومعنا العاقب محمد حسن، ومحمدية إلى مصر... ودرسنا المقامات الشرقية.. تعلمنا كثيرا، واستطعنا صقل مواهبنا، والمساهمة ببعض الإحساس الجميل."
وربما ما قاله ود الحاوي، كما جرت الكنية في أوساط الموسيقيين والفنانين، يحيلنا إلى السؤال عما إذا كان هناك ملحنون شباب يحفظون لمن سبقهم بعظمة المساهمة في إرث الموسيقى السودانية، إذ كثيرا ما كنا نسمع في مطلع الثمانينات بعض شعراء، وموسيقيين متحمسين، يجادلون بأن أعمالهم المحدثة جاءت لتحل، هكذا، محل ما خلفه جيل الرواد، وذلك قبل أن يضاعفوا في تجاربهم حتى نحكم في النهاية لها أو عليها. وشهد الكاتب حوارات أن التعالي كان سمة المتحدثين من الطرف الآخر المتحمس على شعر إسماعيل خورشيد، ومحمد يوسف موسى، وألحان علاء الدين حمزة، بل وكان تيار جديد من شبان دارسين للموسيقى والمسرح، ومدارس الشعر الفصيح، يضمرون هذا التعالي الفني الذي لم ينجز مع مر السنين إضافات نوعية كثيفة، ولم تنجب القلة من هؤلاء الشبان إلا بعض أصوات شعرية لحنية ما تزال بحاجة إلى مضاعفة وجودها في المشهد الثقافي. ومع تأثير الظروف السياسية الإنقاذية على الإبداع، والمبدعين، لم نخلص إلى إبداعات متميزة على مستوى المسرح والدراما، واللحن، وظلت الأسماء التقليدية التي عرفناها باقية كرموز في الذاكرة بما قدمت من أعمال كثيفة التبديع، وما تزال تجد القبول. ويكفي فقط الإشارة لمغن واحد مثل صالح الضي، والذي لحن أعمالا خالدة في صباه، ولم يستطع كثير من مبدعي الجيل الجديد أن يتجاوزوا حرفيتها العالية.
وود الحاوي من ذلك الجيل المحترف بأدواته المتقنة، والذي مهما تقادمت السنون فإنه يزداد توهجا في ذاكرة العارفين بأفضال الملحنين، ودورهم في تطوير أشكال الغناء. ولا بد أن وفاء الموسيقار عبد اللطيف لبرعي، وللأجيال التي عاصرها هي منحة التواضع التي ألهم الله بها ذلك الجيل. وعليه تمهدت له الطريق بأن يقوي غريزة الإبداع لديه. وكما نعلم أن التعالي، والنرجسية، والأنا، هي الأدواء القاتلة للمبدع متى ما تجسدت فيه. وما نراه هذه الأيام في الساحة الفنية التي صارت تعج بمئات من هواة الغناء ليس هو إلا انعكاس لغياب الملحنين العارفين بالصنعة إن جاز التعبير، والذين يعرفون قيمة تجديد الخيال، والإيقاعات، واللزمات الموسيقية، كما عرفها جيل ود الحاوي. ويدلنا واقع الساحة الفنية هذا على غياب المعايير التي تعارفنا عليها في تقديم الفنان عبر الأجهزة القومية، كما يدلنا على فداحة الحيلة الإبداعية. والحقيقة أنه ليس كل من أمتلك بحة جميلة، أو قوة نبرة في صوته، يمكن أن يكون فنانا. يمكنه أن يكون مغنيا. ولكن للفنان مواهب جمالية تتجمع في صوته، وتنصقل بوعيه الفني، وبعدها ينمي الفنان هذه الجماليات عبر قدرته على التلحين، أو يتطور من خلال ملحنين يعرفون كيفية قدرته في استخراج الأبعاد الصوتية، والأدائية. فضلا عن ذلك، فهناك ضرورات تواجه الفنان الراغب في الخلود، ومنها عوامل الجدية، والشوف العميق لخارطة الواقع الفني، ومعرفته بإضافات الفنانين السابقين التي أسهمت في تطوير التراث الغنائي، وبعد ذلك تأتي القدرة الإبداعية العالية للراغب في الإتيان بالجديد الذي يلفت نظر الناس، وذلك في واقع فني لا عنوانه له إلا التنافس بقوة.

-4-
"أنا من المعجبين بصوت إبراهيم عوض". هكذا قالها عبد اللطيف، ووصلتني قوية، متجاوزة المسافة بين الدوحة وواشنطن، لم تعترض جملته أمواج البحر، ولا صحراء الربع الخالي، ولا تضاريس أفريقيا، ولا المحيط. فقط وصلت الجملة مسفرة عن وضوحها، واستطرد ود الحاوي: "لأن إبراهيم يعطيني الإحساس، والحقيقة تجدني مفتونا بأحاسيس كل الذين لحنت لهم..ولكن إبراهيم عوض وصلاح ابن البادية (بجرو في دمي) ويوصلوا فكرتي التي أردت إيصالها للمستمع..وحتى حينما أغني، أحيانا، يقول الناس: (ده صلاح بن البادية)..والمسألة كلها لها علاقة بقوة الأبعاد الصوتية..عندما لحنت (المصير) لم أر فنانا يمكن أن يعطيها أبعادها الصوتية كما فعل إبراهيم.. وبعد أن تسلمت قصيدة (سال من شعرها الذهب) لأبو آمنة حامد ولحنتها أحسست أنها خلقت لصلاح..وصلاح بن البادية لديه قدرة الوصول إلى المنطقة العالية في صوته. وهو مدرسة بحاله..إبراهيم يمتاز بحنية الصوت، وبساطة الكلمات، والذوق الجميل..صلاح من المتمكنين في الأداء بشكل غريب، ويصل إلى أي طبقة صوتية بارتياح..كان إبراهيم يقول لي: (يا عبد اللطيف عندنا حفلة جميلة في الحتة الفلانية..والله لو في أغنية حلوة ورايعة جديدة نبر بيها الناس ديل يكون أحسن)..هكذا يطلب مني (أبو خليل) الجديد، وبعد ساعة ونصف تجدني لحنت له قصيدة..وهذا هو التعامل الذي كان ماثلا بيننا وقتها..وكل الذي يستمع إليه الناس من ألحاني لم يكن ليأخذ بضع ساعات..المصير التي ألفها سيف الدين الدسوقي أخذت مني يومين..(أسمعنا مرة) لحنتها في يوم، (وسيم الطلعة) و(قلبك حجر) لم تأخذ مني أكثر من ساعات..وفي الكويت حدث شئ غريب..ذهبنا إلى هناك في بعثة فنية، ومعنا عثمان حسين، وسيد خليفة، وشرحبيل..في إقامتنا وجهت لنا الدعوة للمشاركة في زواج أبنة ولي العهد وقتها، وهو الأمير الآن جابر..زارتنا إبنته العروس قبل يوم من الحفل، وقالت لنا إنها نها تريد معرفة الأغنيات التي سنقدمها في الحفل..غنى لها سيد خليفة (المامبو)..وكذا فعل شرحبيل..وأعجبت بالأغاني. وحين جاء دور عثمان حسين غنى لها (أرويني ..أرويني)..ولاحظت الأميرة بعدها أن هناك قصيدة تجثم في المنضدة..وكان عثمان حسين قد أعطاني إياها لأتحسس معانيها، وكانت القصيدة لمحمد يوسف موسى، وعنوانها تسابيح..رفعت الأميرة الورقة، ثم قرأتها فقالت لي: هذا شعر حلو وهل ستغنونه غدا ً؟..رمقنى عثمان حسين بنظرة، وفي ذلك الوقت لم تكن القصيدة ملحنة..فقلت لها سنغنيها إنشاء الله..وكان هذا الكلام حافزا لنا، وللفرقة الموسيقية، لتقديم القصيدة في حفل الزواج..وقد قمت بتلحينها، وأجرينا البروفات مع الفرقة الموسيقية وهكذا قدمها عثمان حسين في حفل العرس..وتسابيح هي اللحن الوحيد الذي قام عثمان حسين بترديده لملحن دونه، ولم يسبق له أن تعاون مع أي ملحن".

-5-
لحن ود الحاوي لصديق روحه إبراهيم عوض (الزمان أشقاني مرة، دنيا غريبة، لوداير تسيبنا، قلبك حجر، يازمن، نسيم الطلعة، أبقى ظالم، وشايا، مابقدر أقول، المصير، غاية الآمال). ولحن لحمد الريح (شالو الكلام، نسمة العز ياسماحة، كمل جميلك تمموا، شهرين، عمي الزين، بين اليقظة والاحلام). ولحن لخوجلي عثمان (أحلى الكلام، بدر الهلال الهلا، غني يا فؤادي، أسمعنا مرة). ومنح عبد العزيز محمد داؤود (لو أهديت عمري) وزيدان إبراهيم (بالي مشغول ياحبيبي). أما عثمان مصطفى فقد منحه (مابعاتبك مابلومك، راح الميعاد وزماني راح، بعد الرحيل) والجابري (الغرام وإنت وأنا) وهو أيضا الوحيد الذي لحن لمحمد الامين (سبعة يوم واليوم سنة) و أعطى علي عمرابي (شفقتينا عليك يازينا) ومنح الأمين عبد الغفار (أشيل الريد وأشيل ودو، آه يا أنا) كما لحن عبد اللطيف لإسماعيل حسب الدايم (أديني رضاك قدامي سفر، الخداع) ولمجذوب أونسة (ماسلامك، قول لي قول ، ياقمري يا رحال) ولعبد العزيز المبارك (أحلى جارة – يالطف الله) وإبراهيم موسى أبا (سألنا عن إسمك) وكمال ترباس (من عزالنا سيبك سيب) ونجم الدين الفاضل (سحروك ولا أدوك عين) وثنائي العاصمة (في غرامك). ولحن لثنائي النغم (يا الفيك عيون زي النجف) ولثنائي الجزيرة (لحن الفرحة) ولعبد التواب عبدالله (يا فرح عمري الجديد) ولعز الدين عبد الماجد (يانضارة) ولعماد احمد الطيب (لو شفت الغريب، حابيك أنا). ولم يبخل ود الحاوي على الفنانين الشباب فقد منح محمود عبد العزيز (ظالمني شوف من كم سنة، يامدهشة، سلامتك والألم بيزول، الدنيا بتعلم) وهشام درماس (ياذوق يا مواهب) وعاصم البنا (ما ألمك، هسى فيك أنا شن بسو) وطه سليمان (فرحني قلبك، أهلاً سيد الحلا، الناس كتيرة مكايدها) وأخيرا، وليس آخرا (مدام في الدنيا إنت في) لمعتز صباحي. عبد اللطيف خضر رحمة الله إلياس عمر أحد متصوفة الفن، عسى يجزيه الله على دوره في توحيد وجدان أهل الجهات الخمسة في السودان.


بواسطة : admin
 0  0  1910
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 07:42 صباحًا السبت 20 أبريل 2024.