• ×

عثمان ميرغني : ليس وقته

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
السودانية من حكايات الطفولة القديمة.. أنَّ الأب إذا أراد العدلَ بين أبنائه فإنه يمنح أحدهم حق الإمساك بالسكين وتقسيم التفاحة، على شرط أن ينال الابن الآخر حق أن يختار أي النصفين يأخذ.. وهنا لا يقدر الممسك بسلطة التقسيم أن يبر نفسه بأكثر أو أفضل من الآخر..
واحد من أكبر أخطاء (الحوار الوطني الشامل) أنه أعطى السكين لنفس اليد التي تختار النصف الذي تأكله.. السيدات والسادة الذين دخلوا قاعة الصداقة للحوار كانوا يدركون أنَّهم يمسكون بالسكين ليقطعوا لأنفسهم التفاحة.. لو اشترط الحوار أنَّ من يدخل القاعة بالضرورة لن ينال شيئاً من التفاحة لكانت النتيجة مختلفة تماماً..
الحصيلة أنَّ البرلمان الآن.. الذي تحدث أمامه السيد رئيس الجمهورية أمس في مبتدأ دورة انعقاده.. هو من الممسكين بالسكين.. المستفيدين بصورة مباشرة من استصدار دستور جديد، لأنه بالضرورة سيمد من عمر البرلمان أو يمنح ميزاتٍ أفضلية لهم..
الأجدر أن يكون تأجيل النظر في استصدار دستور جديد إلى وقتٍ لاحق تتغيَّرُ فيه تركيبة البرلمان الحالية.. خاصة أنَّ عدداً مقدراً من النواب ولجوا البرلمان بالتعيين عبر قسمة كيكة الحوار الوطني.
لا عجلة الآن لدستور جديد فالمعضلات التي تواجهها بلادنا الآن تفرض أولوياتٍ أخرى.. هناك مشكلة حقيقية تتطلبُ معالجاتٍ استثنائية عاجلة، لا تخاطب الأزمات الراهنة فحسب بل ترسي منصة الانطلاق نحو مستقبل أفضل..
الانهماك والإنهاك الذي ستدخل فيه بلادنا إن انشغلت باستنباط دستور جديد سيؤدي لفشلين.. الفشل في صياغة دستور متفق عليه يلبي شروط الدولة السودانية الحديثة.. والفشل في استدراك الأزمات الراهنة، فتزداد تأزماً وتعقداً بصورة خطيرة للغاية، ليس على الحكومة وحدها بل على الوطن بمن وما حوى..
ليتَ الحكومة تعيد النظر في نيتها استصدار دستور جديد.. فهو ليس الحل المناسب ولا في الوقت المناسب.
التيار


بواسطة : admin
 0  0  2767
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 02:37 مساءً السبت 20 أبريل 2024.