• ×

من هو صلاح بندر الذي أقام الدنيا بعد وفاة فاطمة احمد ابراهيم ؟

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
السودانية الغرفة رقم خمسة
“معلمة الأجيال الآن في السودان.. ولكن لن أنسى أنها عاشت في وحشة وعزلة وتجاهل.. كنت أتألم أن هذا الرمز يُقابل بكل هذا الإجحاف ونكران الجميل.. كتبت لقيادة الحزب الشيوعي وناشدت العشرات وكتبت في الإنترنت أناشد إنقاذ فاطمة أحمد إبراهيم “فاطنة” من وحشة بيت العجزة في لندن ولم يرد عليَّ شخص واحد! للتاريخ وللذين يغالطون ويكذبون واقعة أنها عاشت سنواتها الأخيرة وحيدة.. وللتاريخ أرسل لك بيت العجزة وغرفتها. فضيحة بجلاجل للحزب الشيوعي السوداني.. ومنافقيه”.
بهذه العبارات عاد د. صلاح البندر للأضواء مرة أخرى، لتصب لعنة الكثيرين عليه في وقت ناصره البعض واصفاً إياه بالشفَّاف الساعي لكشف أوجه القصور. بين هذا وذاك كان الثابت أن صلاح البندر رجل مثير للجدل والعواصف في آن واحد.. فمن هو؟

البندر ظل ولفترات طويلة رجلاً مثيراً للجدل بسبب انقلابه المفاجئ على المعارضة بكلياتها مخصصاً معظم نقمته على حزبه السابق الشيوعي السوداني.. وطبقاً لما تواتر عن سيرته التي خطها بنفسه، فإن اسمه الحقيقي محمد صلاح الدين، فيما أورد الحزب أن اسمه صلاح عباس البندر، من مواليد مدينة أم درمان 1955م، على الرغم من أنه أورد في صفحته الشخصية على موقع سودانيز أونلاين أنه من مواليد 1933م وهو أمر مستبعد. درس المرحلة الابتدائية في حي العرب، فيما كانت المرحلة المتوسطة بأمدرمان والثانوية بكريمة.. ينتمي لأسرة بندر المشهورة بأمدرمان كما يرتبط بصلة قرابة بأسرة هاشم بدر الدين وله صلة مصاهرة مع الشاعر يحيى فضل الله.
جاء انتماؤه السياسي مبكراً لشيخ اليسار السوداني، وطبقاً للمتاح من معلومات فقد كان هذا الانتماء منذ بواكير سنوات عمره الدراسية في المرحلة المتوسطة ووقتها نشط في إصدار صحيفة حائطية اتخذ لها اسم القرض.. البندر تلقى تعليمه الجامعي بجامعة الإسكندرية متخرجاً كمتخصص في علم الوراثة قبل أن ينال منحة ماجستير في علم الهندسة الوراثية بذات الجامعة بالإضافة للعلوم السياسية.. وطبقاً لما تم توثيقه فإن صلاح يعد أبرز الطلاب السودانيين والعرب في الجامعة سلوكاً وتفوقاً وشهرةً نظراً لما يتميز به من سلوك حميد وصفات نادرة.
وبحسب ما تناثر حوله من كتابات يعرف عنه حُبُّه للفن، بل وتميزه بمواهب فنية متعددة، ربما متأثراً بالفنان أحمد الجابري الذي يعتبره فنانه المُفضَّل. وتضيف إحدى التوثيقات عنه أنه كان يعد خطاط جامعة الإسكندرية الأول حيث تميز بتفرد في كتابة الخطوط المختلفة، كما يُعرف عنه حبه للكاريكاتير ويعتبره البعض (كاريكاتيرست) من الطراز الأول فضلاً عن حبه للرسم.
السياسة وانتماؤه اليساري لم يفارقه في الجامعة ولم يزاحم ممارسته للسياسة عشقه لضروب الفن، ويُعرف عنه تأسيسه للجبهة الديمقراطية بجامعة الإسكندرية، واستطاع مراراً أن يحصل على بعض المقاعد في عدد من دورات اتحاد الطلاب الجامعيين السودانيين.
ونقلت التوثيقات عن أن حياته الجامعية قادته إلى بريطانيا حيث استقر بها طالباً ثم باحثاً في جامعة كمبردج حيث أسس مركزاً للبحوث الإفريقية، ومركزاً آخرَ للحريات، وظل صلاح بندر مهموماً وهو يعمل في كمبردج بموضوع تنمية القدرات العربية ورفع الكفاءات، وله كتابات مهمة عن الاستدامة للموارد العربية في البلدان المختلفة.. ولقد نمّى صلاح أسلوباً واتجاهاً محدداً لبناء الشخصية العربية في مواجهة تحديات العولمة، وضرورات الإصلاح السياسي والهيكلي للأنظمة العربية المختلفة وله في ذلك كتابات ونظريات وموجهات دفعته إليها دائماً رغبته في أن يرى بلدان الأمة العربية وقد ارتقى سلوكها وتوجهها نحو بناء الإنسان والذات العربية.

كيف يُعرِّف نفسه؟
طبيعة الرجل برزت في تعريفه بحياته ضمن ما يُورده من معلومات عن نفسه مستخدماً الرمزية في توصيل ما يُريد، فعرف مكان ميلاده في السودان القديم، بينما أوضح أن لونه السياسي السودان الجديد.. من هواياته المُحبَّبة إلى نفسه رياضة المشي، فيما يعشق تناول الفول والطعمية والجبنة. طبيعته المرحة وشخصيته الجذابة وعبقريته البحثية والمهنية ساهمت بشكل أو بآخر في أن تُسرع السلطات البريطانية في منحه الجنسية البريطانية. وشغل منصب الباحث والأستاذ بجامعة كامبردج قبل أن ينتقل للعمل في البحرين في يناير 2002م كمستشار للتخطيط الاستراتيجي بالديوان الملكي البحريني، قبل أن تتم إعارته إلى وزارة شؤون مجلس الوزراء في يناير 2006م.
حياة البندر انقلبت رأساً على عقب في سبتمبر 2006م، عقب إصداره تقريراً عن مركز الخليج للتنمية الديمقراطية يتناول في 240 صفحة ما وُصِفَ بالمؤامرة السياسية على الشيعة في البحرين بتورُّط شخصيات سيادية في البحرين، لتقوم السلطات هناك بترحيله إلى بريطانيا في 13 سبتمبر 2006م.
يشغل البندر ضمن نشاطاته الأخرى منصب الأمين العام لمنظمة (مواطن) مركز الخليج للتنمية الديمقراطية، وهي منظمة غير حكومية مسجلة في لندن، كما أنه وبحكم أنه (مواطن) بريطاني شغل منصب عضو في مجلس مدينة كامبردج عن حزب الديمقراطيين الأحرار من 2008م إلى 2012م قبل أن يغادر الحزب في عام 2015م.

الإثارة الحاضرة
شهرته ربما تعود لترحيله من البحرين عقب تقريره المشهور وكشفه المؤامرة التي تستهدف الشيعة، بيد أن استهدافه للشيوعيين في بريطانيا والمعارضة بشكل عام ساهم في تحقيق انتشار للرجل سواء سلباً أو إيجاباً؛ ففي يناير من 2012 أصدر الحزب الشيوعي بياناً عنه، وصف فيها ما يقوم به البندر بـ”التخريب لعمل القوى المُعارِضة لنظام الإنقاذ وخاصة الحزب الشيوعي السوداني”، وأن تخريب الرجل اتخذ أساليب متعددة مثل الكذب والتجسس والابتزاز والتشكيك في مصداقية وأخلاق أعضاء وعضوات الحزب والتبخيس من قيمة مساهماتهم والانتقاد الهدام الذي لا يرمي للإصلاح كما يدعي، بالإضافة إلى إلقاء الاتهامات الجزافية التي لا تسندها الوقائع ولا الإثباتات.
بيد أن أبرز ما عاد به للأضواء هجومه على مركز الخرطوم لحقوق الإنسان، وتركيز هجومه حينها على د.مرتضى الغالي وفيصل الباقر وطلال عفيفي، الأمر الذي قاد لتباعد شقة الخلاف بين المستفيدين من المركز كجهة رقابية لتجاوزات حقوق الإنسان وبين البندر.
بيد أن أشهر المحطات التي جعلت من البندر محط أنظار الكثيرين رسالته للسكرتير العام للحزب الشيوعي في فبراير 2013م حول نهلة التي طالبت بحق اللجوء وقام الحزب الشيوعي في بريطانيا بدعم طلبها للسلطات الإنجليزية قبل أن ترفض تلك السلطات ذاك الطلب، وتلخصت رسالته في انتقاد موقف الحزب الشيوعي من طلب اللجوء لشابة سودانية «مرتدة» عن الإسلام، وتتجاوز آثار مناشطها الإلحادية الجالية السودانية لعموم الجاليات العربية والمسلمة في بريطانيا. ويواجه موقفها من الإسلام على شاشة التلفزيون استهجان الجاليات العربية والمسلمة في بريطانيا ناهيك عن السودانية.

رد فعل
مؤخرا واجه البندر انتقادات عنيفة خصوصاً بعد أن مس بحديثه طبقاً للكثيرين حرمة الأموات في شخص الراحلة فاطمة أحمد إبراهيم، مما دعا البعض إلى اتهامه أنه يثأر من الحزب الشيوعي.
مواقع التواصل الاجتماعي بل ومنتديات المناقشات ضجت بالآراء السالبة حوله، فاعتبره شوقي بدري رجلاً ممنوع الاقتراب منه، لجهة أن الضرر يصيب فقط من يقترب منه، فيما لام كثيرون المسؤولين على انتخابه في مجلس أمناء المنظمة السودانية لمناهضة التعذيب باعتبار أن ذلك غلطة تاريخية يجب أن تصححها الجمعية العمومية، كما وصفت محاولاته لمحاربة الفساد في العمل العام وفي منظمات المجتمع المدني عبر الإعلام بأنها “لا تتم بهذه الطريقة المشبوهة الانتقامية السايكوباتية”، حيث كتبت أحد أفراد الجالية السودانية ببريطانيا (متى يفكنا هذا المريض ويريحنا في غربتنا ويمنع عنا أذاه؟).
على الضفة الأخرى يرى البعض أن صلاح بندر نموذج للرجل الشفاف والشجاع الذي لا يخشى أن يعبر عن ما يراه صحيحاً ولا يهتم كثيراً لردود الفعل وينطلق من مبدأ الشفافية لكشف أوجه القصور حتى إن مس ذلك أقرب المُقرّبين إليه.
إعداد: عمرو شعبان
السوداني


بواسطة : admin
 0  0  3468
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 04:36 صباحًا الجمعة 29 مارس 2024.