• ×

الزواج من الأجانب ..ظاهرة تطرق أبواب المجتمع السوداني

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
السودانية في الآونة الأخيرة استفحلت الظاهرة وطرقت معظم البيوت بل ودخلتها وأصبحت ملفتة لنظر كل المجتمع بمختلف طبقاته وهي زواج السودانيات من الأجانب التي قسّمت الناس بين رافض وآخر يقبل ولكن على مضض وبعض آخر يرى أن الأمر أكثر من عادي منطلقاً من عدة مبررات وأسباب وتبريرات.

طال الانتظار

( ع. ع) ابتدرت حديثها وملامحها تكسوها الرغبة الحقيقية في الحديث والإدلاء بالإفادة فهي تقول بعد أن طال بها الانتظار لشريك العمر لاسيما وأنها في مجتمع مازال يقيد فكره في جانب الزاوج بعمر الفتاة فعمرها فاق الثلاثين بكثير حتى شارف نهايتها وكانت كل صديقاتها وزميلات دراستها قد تزوّجن وهمسات أقربائها الذين يسألون من حين لآخر تلهب صبرها الذي تزيده يوماً بعد يوم بالصبر الجميل عسئ ولعل أن تجود الأيام ويستجيب القدر بالرغم من أنها كانت تشغل منصباً رفيعاً في شركة بترولية معروفة وكان كل شيء حولها مرضٍ إلى حد بعيد وكل متطلباتها تجدها رهن الإشارة لما توفره لها الشركة من مرتب مجزٍ وبشكل ممتاز، وأضافت أنها في يوم تم اختيارها ضمن زملاء لها من الشركة للسفر لإحدى الدول العربية لقضاء فترة تدريبية إدارية فقابلت هناك أحد الأجانب من الإداريين الذين أشرفوا على تدريبهم وكانت جنسيته أمريكي وصفت (ع) أنها وطيلة الفترة التي قضتها بالدورة التدريبية التي تمت 5 أشهر كان هذا الأجنبي على قدر عال من الأخلاق التي التمستها فيه من خلال تعامله العام مع الزملاء وعلى مستوى تدينه الذي كان ظاهراً أيضاً في سلوكه العام فعرض عليها الزواج وافقت هي على الفور مبدئياً بعد أن استشارت في ذلك بعض صديقاتها من زميلات العمل اللائي كُنّ يرافقنها في ذات الدورة التدريبية، وزادت في القول إن الحوار بينهما كان سلساً في كل مايتعلق بالعمل وقصصه عن السودان بحكم حرصه الدائم على السؤال عنه كقطر عربي متعدد الأعراق والثقافات، وقالت (ع) أنه تمسك بها أيما تمسك وقرر الزواج منها كما قال لها نسبة لمقدرتها على إدراك مستوى التعليم الذي جمعهما ،وأضافت أن مسارات الفهم بينهما كانت عالية جداً بالقدر الذي مهد لاستمرارية العلاقة وبنى أسواراً عالية من الثقة ودعم موقفها منه.

رأي آخر

أكبر هم واجه (ع) ذلك الهاجس الذي ظلّ يعتمل في دواخلها وهي ستواجه الرأي الآخر من ذويها تجاه زيجتها من رجل أمريكي أي يعني أنه أجنبي وجاءت كل صور الرفض التي تتوقعها من أهلها في حال مصراحتها لهم،كيف قابلته وكيف طرح عليها فكرة الزواج وكيف اقتنع بها كسودانية تحمل ثقافات وموروثات بطابع أفريقي ممزوج، وكيف ستقنعهم بأنه على خلق ودين وسلوك قويم، فأصبح ذلك الهاجس يقلق راحتها بعد عودتها من فترتها التدريبية خارج البلاد خاصة، وأن (م) ذلك الرجل الأجنبي المتقدم لها أصبح يلحُّ عليها بالأمر، أفادت (ع) أنها أصبحت بين رحى ضغطه عليها ومواجهة أهلها بما تعتبره مفاجأة لهم.

وجهة قبول

أكدت (س) وهي محجبة وذات تدين واضح من بين أفراد أسرتها فصارحتها بما في نفسها من تفاصيل زواجها من الأجنبي فوجدت (ع) الموافقة والفرحة في عيون شقيقتها التي وعدتها بأن تكون خير معين وتقف معها أمام أهل البيت إذا مابدت منهم أية معارضة أو ممانعة تجاه زواج (ع)، فاقترحت عليها مجيء (م) إلى المنزل حتى يقدم نفسه بشكل أفضل باعتبارات التصرفات العامة التي ستنجم عنه جراء مقابلة أهلها والتي ستبرهن على طبعه وخلقه وسلوكه، فاستحسنت (ع) مقترح شقيقتها كما وصفت لنا وطرحت الفكرة على (م) الذي أبدى موافقته الفورية بالمقترح الذي سيكون له بمثابة خطوات واسعة في مشوار كبير وسيجتاز الكثير من العقبات التي كان هو أيضاً يرسمها في ذهنه إذا ماتم رفضه كما أوضحت ذلك (ع)،وبعد مشاورات اكتملت الزيجة السودانية الأمريكية.

جهات ذات صلة

ما أوضحته الأستاذة منال عبدالله المحامي حول زواج الأجانب من السودانيات أفادت بأنه لابد من أن يقوم الزوج الأجنبي بتقديم طلب للمحكمة ذات الاختصاص ومعه ما يفيد بطبيعة عمله التي بموجبها يقيم في البلاد ومن ثم تقوم محكمة الأحوال الشخصية بتوجيه خطاب لسفارة الدول التي ينتمي إليها الأجنبي الذي ينوي الزواج بسودانية وأكدت أنه لابد ومن الضرورة بمكان أن تبدي السفارة موافقتها التامة بتلك الزيجة حتى يتم عمل كل اللازم من إجراء يضمن لكل الأطراف حقوقها التي يمكن أن تواجه بالإهدار أو الظلم في حال الرفض أو عدم القبول وإن كان مجرد تلميح.

مخالفات واردة

وأكدت الأستاذة منال فيما أوضحته من موقف المحكمة تجاه الزواج من أجنبي بالنسبة للسودانيات أبانت أن ذلك من باب الحرص على حق الفتاة كمواطنة مؤمنة لها حقوقها الشرعية والقانونية وأيضاً للتأكد من نواح كثيرة من جانب الأجنبي الذي بالتأكيد له ثقافات مختلفة كل الاختلاف عن السودان البلد المعروف بالتدين والأعراف العتيقة، إلى جانب أن الأجانب الأوربيين لهم ما لهم من عادات لاتقيدهم في العديد من تصرفاتهم بالحياة ومعاملاتهم التي تميل إلى التحرر والكثير من الأشياء التي قد تكون خافية عنها كمواطنة بالسودان وهو بالأصل من بلد بعيد بكل أنواع البعد المكاني والموروثات وحتى يتبين السلوك الذي سيكون ظاهراً بالنسبة للسفارة التي ينضوي هو تحت حصانتها فهي تعرف تماماً كيف هو ببلاده وكيف سلوكه، وأشارت إلى أنه ذلك يكفل أيضاً للفتاة السودانية ضمان الاستمراية لزيجة تكون بعيدة عن عوامل الانفصال أو هجرانها من قبله أو الهروب بها مثلا كما أوضحت منال، وأعربت في معرض قولها أن المحكمة من بعد ذلك تقوم بتوجيه خطاب مكتوب فيه التفاصيل التي بموجبها يقوم المأذون الذي يوجد بمنطقة الفتاة والذي بدوره يقوم بإجراء عقد القران بينهما فهو المعني بالتحديد في إقامة تلك الزيجة.

لماذا زوج أجنبي؟

ما ذهبت إليه (هـ.ن) قبولها من الزواج بأجنبي منذ 6 سنوات مضت هو أنه إنسان واقعي ومدرك بشكل غير متوقع أبداً كما وصفت وزادت في القول إن الزوج الأجنبي ليست لديه أية نظرة مجتمعية على صعيد العرف أو النوع أو القبيلة والإثنية، وأضافت أنه يكون على إلمام تام بالحال التي تكون عليها شريكة حياته من البلد الآخر على مستوى وضعها الاجتماعي كما هو الحال هنا تنظر الأسر إلى بعضها البعض بمذهب الحسب والنسب وبمحسوبيات الملكية لممتلكات أو كذا وهو لايتقيد بأي انتماءات أسرية تفرض عليه أي شيء يختص بحريته كفرد عاقل بالغ رشيد، وأضافت أنه أكثر فهماً ووعياً فيما يخص الجانب الاقتصادي ولايميل بأية حال من الأحوال إلى البذخ، وأكدت أن الزواج من الأجنبي هو الأمثل في ظل غياب الوعي عن أولاد البلد ويظهر ذلك على مستوى حديثهم العادي وسلوكهم العام فتشعر أنهم بعيدون كل البعد عن الإنسانية القويمة والإدراك الحقيقي لمعنى الحياة الذي يحتاج إلى كثير من المقدرة على القيادة والإدارة والمعايشة، فالأجنبي هو أكثر الرجال فهماً لكل أبعاد الحياة الزوجية برأيها كما وصفت (هـ.ن) كما أنه يمثل البوابة التي ليس بها أي معوقات للخروج إلى الدول الأوربية التي تقدمت بها الحياة بشكل مختلف اختلافاً كلياً ومن ثم تحقيق كل الأهداف التي تضعها الفتاة في حياتها العملية والعلمية والأسرية، مضيفة أنه يكفل للفتاة العديد مما تحلم به ما كان ليتحقق لها لو أنها تزوجت من ابن بلدها الذي هو بعيد ويركن عادةً إلى قبيلة البنت وإثنيتها ومستوى تعليمها وأوضحت (هـ) أنها سبق لها وأن تزوجت برجل جزائري قبل الرجل الأوربي الحالي الذي هو في عصمته وأنجبت منه بنتاً وأكدت أنها الآن تعيش حياة كريمة طيبة ملؤها السكينة والتفاهم الكبير والمعرفة الحقيقية للمحبة كما وصفت.

زواج ذو حدين

ترى الأستاذة حنان الجاك المختص النفسي والاجتماعي أن الزواج من أجنبي به الكثير من الحساسية ولعل التحولات التي أدت إلى زواج الفتاة السودانية من أجنبي فيها الكثير من التعقيدات النفسية والاجتماعية نسبة للظروف الاقتصادية والإرهاق لذا حدثت النقلة الزواج الكثير من الأجانب فالزواج من أجنبي يمثل هروباً من القيود التي يفرضها الرجل السوداني، وتؤكد أن هذا النوع من الزواج هو سلاح ذو حدين لاختلاف العادات والتقاليد والبيئة الاجتماعية والتنشئة نفسها مايؤدي إلى إحداث هوّة كبيرة مما تؤثر في لونية العلاقة، وأوضحت أن زواج الفتاة من أجنبي يكون نتيجة لعدد من الأسباب التي تعاني منها الأسر التي عادة ما تتدخل في طبيعة الحياة الزوجية ولعل هذا سبب من أسباب اختيار الفتاة لرجل أجنبي ليس عليه قيود أو أحد يشاركه الرأي في أشيائه الخاصة، وأضافت أن هذا الزواج قد يرتبط بدافع اكتشاف الآخر من حيث مستوى الثقافة والوعي والثقافة الجنسية والتي أصبحت الأخيرة تشكل إحدى أسباب الطلاق في الآونة الأخيرة الأمر الذي يثجم على صدور الكثيرات من الفتيات وتذخر بها المحاكم وتمنعها التربية المجتمعية بمفهومها أن تشرح ما هو عليها من مشكلة حقيقية تعيشها، وترى أن وجود الأجانب الكثير في السودان هو أيضاً دافع للزواج منهم من قبل الفتيات السودانيات لأسباب كثيرة معها يمكن أن تحقق عبره أحلامها إذا كانت من الفتيات الطموحات وهي تفند المفهوم السائد (البت بعد تعرس تاني عندها شنو غير بيتها) فالرجل الأجنبي يحقق الأهداف من خلال إدراكه المختلف على عكس السوداني وهذا أيضاً من دوافع الزواج منه بالنسبة للسودانيات، وترى حنان أن الشخص الذي تتوافق معه طموحات الفتاة هو أفضل لها من الزواج بأجنبي لأنه يمكن في لحظة ودودة أن ينهي علاقته بها لعدم إيجاد التوافق الحقيقي بينهما لأنه قد يصعب عليه التعايش في المجتمع السوداني لاختلاف طبيعة تكوين المجتمع والاختلال الذي يتوافر في معاييره الاقتصادية التي تميل إلى البذخ واختلال معاييره الاجتماعية مما يشعر الأجنبي بالغربة وبالتالي ينفصل عن زوجته السودانية.
تيسير مبارك ـ الصيحة


بواسطة : admin
 0  0  6387
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 08:43 صباحًا الجمعة 19 أبريل 2024.