• ×

عثمان ميرغني يكتب : الفرص الضائعة

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
السودانية زيارة الشيخة موزا إلى مناطق الآثار التأريخية السودانية أثارت لغطاً في الإعلام المصري.. ولغطا مضاداً في الأثير السوداني يستنكر استنكار المصريين للزيارة.. وبين هذا وذاك غاب السؤال الكبير.

مصر تبذل جهوداً خارقة للترويج للسياحة والآثار على نطاق العالم.. وتستضيف فعاليات واحتفالات عالمية بهدف استدراج الأضواء نحو السياحة التأريخية في مصر.. وتدعو شخصيات ذات صيت عالمي لزيارة الآثار حتى تجذب هذه الشخصيات وراءها الدعاية والشهرة والترويج السياحي.. وكان آخر هذه الشخصيات الدولية لاعب الكرة الأشهر دولياً "ميسي".. نجم فريق برشلونة الأسباني.. ومنتخب الأرجنتين.

نحن في الضفة الجنوبية لوادي النيل– ما شاء الله- لا نروج للسياحة في بلادنا، ولا ندعو شخصيات لا عالمية ولا إقليمية ولا حتى محلية لزيارة الآثار التأريخية رغم ثراء بلادنا بهذه الآثار التأريخية.. ورغم أنف المؤرخين العالميين الذين يؤمنون أن حضارة وادي النيل بدأت من هنا.

إلى أن جاءت الشيخة موزا بمحض اختيارها.. وزارت الآثار التأريخية السودانية، وانتشرت في الأثير صورها وهي تتجول بين الآثار.. ولم نتكلف قرشاً واحداً في هذه الزيارة الملكية التأريخية.. وبدلاً من أن نستغل زيارة هذه الشخصية ذات الحضور الدولي للترويج لآثارنا التأريخية، انشغلنا بمعركة وهمية مع الإعلام المصري.

أميرة دولة قطر ليست أي شخصية، وزيارتها ليست أي زيارة.. كان الأجدر أن تُعد خطة إعلامية كبرى لتسويق هذه الزيارة على مستوى دولي؛ لجذب مزيد من الزيارات المهمة.. بالله عليكم دعكم من وسائط الإعلام الدولية هل لحظتم كيف غطى إعلامنا المحلي زيارة الأميرة؟.

تغطية خجولة ركزت على الجانب (الإنساني) المرتبط بالمشروعات الخيرية، وأقرب إلى تجاهل كامل للجانب المتعلق بالآثار والمشروعات المرتبطة بها.. الأمر هنا لا يحتمل سوى تفسيرين، أحلاهما مُر.

الأول، أن القائمين على الآثار لا يدركون أهميتها.. ويعدّونها مجرد قطع أحجار مرصوصة لا تتعدى أهميتها الكتب والدراسات الأكاديمية المغلقة بين جدران قاعات العلم.

والثاني، أننا لا نعرف كيف نُسوّق مآثرنا وآثارنا النفيسة.. ونظن أن إقامة مهرجان (البركل) هو أقصى المنال.. ليالي غنائية في استاد مروي، وخطب سياسية، وبهارج تنتهي بنهاية المهرجان.

علاوة على التفريط المحزن في كثير من آثارنا التي باتت تتآكل بفعل الإهمال.. فإن الفرص الضائعة في تحويل الآثار إلى قيمة اقتصادية تعضد القيمة الثقافية والحضارية تثبت أننا لا نعرف قيمة ما نملكه.. دول أخرى كثيرة تصون التأريخ لا للصيت فحسب بل وللجدوى الاقتصادية أيضاً.. انظروا إلى "تاج محل" في الهند ملايين الزوار سنوياً يجلبون معهم مليارات الدولارات.. وفي جارتنا مصر.. ثلاثة أهرامات (في مقابل أكثر من 200 هرم سوداني هنا) تجلب لمصر موارد بالعملة الصعبة هي الأولى في قائمة الدخل القومي.. الأردن.. وتونس.. وسوريا (قبل الحرب).. ودول أخرى كثيرة تعرف كيف تجعل للتأريخ ثمنا.. ميراث الأجداد للأحفاد.

بالله عليكم.. من المسؤول من آثار السودان؟!.
التيار


بواسطة : admin
 0  0  1088
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 11:26 مساءً الجمعة 19 أبريل 2024.