• ×

هاشم بدر الدين يروي تفاصيل إعتدائه علي الترابي:كان يستحق الصلب

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
السودانية هاشم بدر الدين محمد عبد الرحيم من مواليد أم درمان 1957، أب لأربعة أطفال- إيمان 15 سنة، محمد الأمين 13 سنة، رقية 6 سنوات، وخاطرة 4 سنوات- مدرب كاراتية، وقائد القوات الخاصة بالجيش الشعبي لتحرير السودان، بدأ حياته الرياضية سنة 1974، ثم انتقل إلى الجودو، وحصل على بطولة السودان في العام 1975 حتى العام 1978، وانتقل للعيش في اليونان حيث تعرف على رئيس فرع اليونتن للكيوكشن (سيلوين جنس)، ثم سافر إلى اليابان؛ ليواصل التدريب هناك.

"التيار" تنقل- بتصرف- المقابلة التي أجرتها الأستاذة إحسان عبد العزيز مع هاشم لصالح مجلة عزة- لسان حال التجمع النسوي فإلى التفاصيل:

ارتبط اسمك بحادث ضربكم للترابي بكندا في يوم 25 مايو 1992، ما هي الدوافع؟، هل للخلفية السياسية، أم لأسباب شخصية، أم ماذا؟.

لم يكن لديّ عداء شخصي مع الترابي، وأعتقد أن سجل الجرائم التي ارتكبها الترابي في حق الشعب السوداني يكفي لصلبه، وليس- فقط- ضربه.

الحدث في حد ذاته كيف وقع؟، وهل كان مرتبا أم وقع عن طريق الصدفة؟.

الصدفة- فقط- هي التي جمعتني بالترابي في العاصمة الكندية أوتاوا. نظرية المؤامرة أسلوب فاشل تستخدمه الجبهة الترابية ضد كل خصومها؛ أولاً: أنا كنت مقيما في العاصمة الكندية ما يزيد عن عامين، وجاء إليها هو من أقاصي الأرض بمحض إرادته؛ ليدافع عن نظام كان ينكر صلته به، وليعلن للغرب بزوغ فجر إمبراطورية إسلامية في الشرق الأوسط، يبايع فيها هو خليفة للمسلمين.

ثانياً: أحمد عثمان مكي، مرافق الترابي، وسيد ظافر، رجل الأعمال الباكستاني الكندي الذي رتب زيارة الترابي، عند سؤال الشرطة الكندية لهما بعد الحادث مباشرة إن كانا يعرفان الشخص الذي ضربهم، أجابا بالإيجاب، وذكروا اسمي كاملاً حسب محاضر الشرطة، وذكروا أن بعض أنصار الترابي زودهم باسمي ومعلومات عني مصحوبة بتحذير بأنني أشكل خطر على حياة الترابي إن هو زار أوتاوا، وقالوا إنهم قد أجروا اتصالاً بالمخابرات الكندية من فندقهم فور تلقيهم تلك التحذيرات، وأن بعض رجال المخابرات زاروهم بعدها بقليل، واجتمعوا بهم في غرفة الترابي بنفس الفندق، وأنهم شرحوا تخوفاتهم من لاعب كاراتية سوداني مقيم بمدينة أوتاوا لاجئا سياسيا. وبناء على أقوالهم فقد وعدت المخابرات بالطلب من الشرطة توفير حراسة في كل الأماكن العامة التي كان يزمع الترابي زيارتها، لكن الشرطة لا تستطيع أن تخصص له مرافقين في زيارة خاصة، وهو ليس بزائر رسمي إلى الدولة،

ذلك ما تم، فقد كانت هناك حراسة مشددة عند مدخل وزارة الخارجية؛ حيث تظاهر بعض السودانيون، بينهم زوجتي وأطفالي وشخصي؛ احتجاجا على زيارة الترابي الاستفزازية إلى بلد يقيم السودانيون فيه لاجئين هربوا من بطش وعسف النظام الذي جاء هو ليدافع عنه.

بقينا أمام الخارجية حتى انتهاء الدوام الرسمي، لكننا لم نشاهد الترابي، فبالرغم من وجود العديد من رجال الشرطة لحمايته إلا إنه تجنب الباب الرئيس وآثر الدخول من الباب الخلفي المخصص لموظفي الوزارة، يبدو أن خوف الرجل كان أكبر من أن يزيله وجود الشرطة، وقد بقي داخل الوزارة حتى انفضاضنا من أمامها.

ثالثاً: الترابي بعد مغادرته وزارة الخارجية ذهب إلى السفارة السودانية، وهناك، قال أتباعه: إنه أدى صلاة العصر، وبعد أن انفض منها سأل مرافقيه إن كانت هناك رحلة أخرى بعد رحلتهم المخصصة بالطائرة في الساعة السادسة مساءً، فأجابوه أن هناك طائرة كل رأس ساعة تقلع من أوتاوا إلى تورنتو، فطلب تأجيل سفره ساعة ليغادر أوتاوا في السابعة دون إجراء حجز أو الاتصال بالمطار، فظن أتباعه أن روح القدس قد نفست في روعه وأن ما نطق به هو إلهام إلهي، لكنه لم يكن موفق هذه المرة.

جاء الترابي إلى المطار في الساعة التي ظن أنه أُلهمها عند انفضاضه من صلاة العصر، وليست الساعة التي حددها مسبقاً، وأخطر بها الشرطة الفدرالية التي كانت تنتظره بالمطار حتى إقلاع طائرته دونه، وبعد مراجعتهم قوائم الركاب- حسب وثائق الشرطة التى قدمت إلى المحكمة- لم يجدوا اسمه في سجل الحجز؛ لأنه كان يسافر باسم مزور، ويحمل جواز سفر باسم مزور، وينزل في الفنادق باسم مزور، فهو الشيخ جيمس بوند.

جاء الترابى إلى المطار في زفة من أتباعه، ومعجبيه من سوريا، وفلسطين، وفي حراسة شبان صوماليين من أتباع الزعيم الراحل محمد فرح عيديد؛ ليجد الشرطة الفدرالية، التي جاءت لحمايته، وقد انفضت من المطار قبل وصوله إليه بقليل، ويصادفني وقد وصلت إلى المطار قبله ببضع دقائق بصحبة صديق جاء إلى أوتاوا لبضع ساعات؛ للحصول على تأشيرة من السفارة البريطانية.

من كل هذه الحيثيات كيف تكون هناك مؤامرة، فلو غادر الترابي أوتاوا في سفريته المحددة عند الساعة السادسة لنفد بجلده؛ فالرجل قد أُنذر وحُذر منذ لحظة وصوله إلى كندا أن له فيها أعداء لا يُخفى غضبهم، ولا تؤمن غوائلهم، لم ترهبهم بعد خيالات المآتة المنصوبة في حقول الوطن الوريفة، وأن زيارته قد لا تمضي كغيرها من الزيارات، لكنه لم يكتفي فقط بالمُكر والاستجارة بالشرطة والمخابرات الكندية والاستعانة بالأتباع والمُعجبين؛ فـ "طبزها" أن جاء في اللحظات الأخيرة وقبل ساعة من إقلاع طائرته؛ ليزعم أنه يعلم الغيب، وأن العناية الإلهية تحرسه، فأخذه الله بشر أعماله، واستجاب لدعوات اليتامى، والأرامل، والمعذبين، والمُشردين.

الترابي- حينها- كان رجلا مُسنا وأنتم في مقتبل الشباب، ألم تضع لذلك اعتباراً بصرف النظر عن شخص الترابي، وتوجهاته؟.

أعتقد أن فارق السن ما كان يمكن أن يكون موضوعاً لو لم يكن هاشم بدر الدين لاعب كاراتية، لكن ماذا عن حراسه ولماذا خصموا من الرصيد؟. بالرغم من أن الأدلة التي قدمت في المحكمة كلها قادت هيئة المحلفين إلى أن تستنتج أن الحادث كان دفاعاً عن النفس، وأن حراس الترابي هم الذين بادروا بالعنف، إلا إن "الإخوان المسلمون" تجاهلوا مبدأ العنف الذي هو في الأصل أسلوبهم في التعامل مع الخصوم، وتشبثوا بقضية السن، وصارت مناحتهم في نواحهم على شيخهم، ومعبودهم الذي كان في التاسعة والخمسين من عمره.

لقد كان الإسلامبولي ورفاقه الذين قتلوا أنور السادات في العشرينيات من عمرهم وهو يناهز السبعين، وقد كان الرئيس الجزائري السابق بوضياف في الرابعة والسبعين عندما قتله شاب في الثامنة والعشرين، وكذلك كان الأديب نجيب محفوظ في الثالثة والثمانين عندما طعنه شاب في منتصف العشرينيات، في كل تلك الحوادث لم يذكر الأخوان المسلمون، داخل السودان أو خارجه فارق السن بين أتباعهم وضحاياهم، بل سموا كل تلك الحوادث جهادا يستحق- فقط- المباركة والتهاني، ويثاب فاعليه بالخلود في الجنان، فهم المطففون الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون، وإذا كالوهم أو وزنوهم يُخسرون.

إن كان هؤلاء يستشهدون بالإسلام فالسن لا اعتبار لها في الجهاد، ولا يسقط الجهاد عن الرجل وإن جاوز التسعين، والرسول- صلى الله عليه وسلم- امتطى صهوة جواده وقاتل وهو في الستينيات، وكذلك كانت سيرة كل أصحابه، بعضهم قاتل بعد أن جاوز التسعين، لم نقرأ أو نسمع أن واحدًا منهم تخلف عن الجهاد لكبر سنه، لكن إذا افترضنا جدلاً أن هذا الحادث كان قد وقع والترابي في الخامسة والعشرين من عمره، وأنا في الستين، هل كانت النتيجة ستكون مختلفة؟، لا أعتقد. أليس هو نفس الشخص الذي أغمي عليه في ساحة سجن كوبر في سبتمبر 1983 عندما ذهب في حاشية نميري ليتلذذ بمشاهدة قطع الأيدي، قال بعدها مبرراً ذلك: "إن بعض الناس يغمى عليهم من مشاهدة الدماء".. يا لها من رقة لم نسمع بها عند الطبيبات والممرضات، والدايات.

هل وصلت الحادثة إلى المحكمة، ومن كان الشاكي؟.

نعم وصلت إلى محكمة الجنايات بمقاطعة أونتاريو، الشاكى كان الترابي ومرافقوه: أحمد عثمان مكي، والباكستاني سيد ظافر، وأحد حراسه الصوماليين الذي بدل أقواله يوم المحكمة، وقال: إنني لم أضربه، وأن أحمد عثمان مكي هو الذي أملى عليه الرواية الكاذبة التي أدلى بها إلى الشرطة مسبقاً.

بما حكم عليك؟.

البراءة من التهم الثلاث: الاعتداء مع تسبيب الأذى الجسدي لكل من الترابي وأحمد عثمان مكي والحارس الصومالي، كسبنا القضية تحت حق الدفاع عن النفس، أثبتنا أن حراس الترابي هم الذين بادروا بالاشتباك لكنهم خسروا النتيجة. فالقانون لا يحتم في أيّ عراك أن المنتصر هو المعتدي وأن المهزوم هو الضحية؛ إنما ينظر إلى كل الحيثيات.
بتصرف- من مجلة عزة


بواسطة : admin
 0  0  15084
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 03:54 صباحًا الخميس 25 أبريل 2024.