• ×

صورة قاتمة للإقتصاد السوداني في العام 2017

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
السودانية لا تزال المضاربات الاقتصادية في الأسواق تخنق المواطن، ولم يتبق سوى أيام قليلة على غروب العام 2016، (التيار) استطلعت عددا من الخبراء الاقتصاديين في قراءة عجلى لمستقبل الوضع الاقتصادي للعام الجديد 2017، حيث سيطر التشاؤم على خبراء الاقتصاد، ووصفوا العام بغير المبشر، بل يلوح بقدوم الأسوأ، وأرجعوا التشائم إلى عدم وجود احتياط كافٍ من العملات الحرة في البنك المركزي، تتبعه زيادة في معدل الترهل العام بزيادة مضطردة في معدلات التضخم، ومجمل الإرهاصات التي سبق ذكرها تعدّ عجزا جديدا في ميزان المدفوعات، مما يترك أثرا جلياً في حراك الصادرات السودانية مقارنة مع العام السابق، وقال الخبراء: إن نتيجة ذلك ستكون ارتفاعات في تكلفة المعيشة، يدفع ضريبتها المواطن، دون خشية، أو حياء، مقارنة مع المنصرفات الحكومية، مما يؤكد حدوث نتائج كارثية على كافة الأصعدة.

عام سيء
ورسم خبراء صورة قاتمة للاقتصاد مطلع العام (2017)؛ حيث ابتدر الحديث الخبير الاقتصادي عبد العظيم المهل بجملة من التوقعات للوضع الاقتصادي، مؤكدا أن الأداء العام للاقتصاد للعام المقبل سيكون أسوأ من العام الحالي، عازيا الأمر إلى عدم وجود احتياطي كافٍ من العملات الحرة لدى البنك المركزي؛ مما يؤدي إلى ارتفاع معدل التضخم، خاصة أن الأرهاصات والبوادر بدأت تلوح في الأفق بارتفاع التضخم، وكشف المهل تنامي ارتفاع التضخم واستمراره في الارتفاع، مشيرا إلى أن المشكلة لن تتوقف عند التضخم- فحسب- بل- كذلك- الدولار سوف يتالي ارتفاعه مقابل الجنية السوداني، مع استمرار العجز في ميزان المدفوعات.

بين الصادر والوارد
وتوقع المهل زيادة في سوق الصادرات، وقال- في حديثه لـ (التيار): إن الصادرات السودانية ستشهد ارتفاعا، وزيادات طفيفة مقارنة مع العام السابق، مع ارتفاع في الواردات بنسبة كبيرة جدا، خاصة إذا ما تم حسابها بالجنيه السوداني، إضافه إلى ارتفاع هائل في تكاليف المعيشية مع بداية العام القادم، خاصة بعد القرارات الاقتصادية التي اتخذتها الدولة، القاضية برفع الدعم عن المحروقات، وتوقع المهل أن يلحق ذلك- أيضا- رفع الدعم عن القمح، وسلع أُخر، خاصة بعد ارتفاع سعر الدولار الجمركي، وزيادة بعض الضرائب، والرسوم.

العبء على المواطن
لكن السؤال المطروح.. هل يمكن أن تتأثر الخدمات الحكومية، التي تقدمها الوزارات إلى المواطنين؛ بسبب ارتفاع تكلفتها- أي الرسوم التي يدفعها المواطن- في هذا يقول المهل: إن الخدمات الحكومية ستتأثر خاصة إذا استمر الإنفاق السيادي- من جهة- والإنفاق على الأمن والدفاع والمؤسسات النافذة- من جهة أخرى- هذا إن لم تزد نسبة الصرف عن السابق؛ مما يؤدي إلى اختلال الوضع الاقتصادي، وقطع المهل أن العبء سيتحمله المواطن أكثر من الدولة، خاصة شريحة الفقراء، ومحدودي الدخل، أما الأغنياء والنافذون فسرعان ما تتحول هذه الأعباء لديهم إلى مكاسب.

مستقبل مظلم
بعض المراقبين يعتقدون أن الحال لن ينصلح، ولن يتحسن الوضع الاقتصادي إلى ما هو أفضل من الآن إذا لم يكن أسوأ، ويرى الخبير الاقتصادي حسين القوني أن الوضع قد يبدو أسوأ مما هو عليه، مبررا ذلك بأن الأسعار ما زالت في ارتفاع، ولا يوجد ما يؤكد زيادة الإنتاجية، وزيادة الصادرات السودانية التي تنعكس في توفير النقد الأجنبي؛ مما يحسن صورة ميزانية النقد الأجنبي، ورهن القوني انصلاح الوضع الاقتصادي في المستقبل القريب باستجابة البنوك السودانية إلى نداء الإدارة الأمريكية.

استحالة زيادة الإنتاج
هذا العام بلغ عجز الموازنة للعام القادم 18 ونصف المليار جنيه مقارنة مع عجز موازنة العام الحالي والذي بلغ 13 مليار جنيه، ويعدّ الخبير الاقتصادي محمد الناير أن عجز موازنة العام (2017) كبير جدا في ظل المستحدثات الحالية؛ مما يشير إلى عدم إمكانية زيادة الإنتاج في العام الذي أعلنت فيه الحكومة حزمة الإجراءات الاقتصادية الأخيرة، خاصة تلك التي أوصت بخفض الإنفاق العام.

معارضة التحرير
ويؤكد الناير أن الإجراءات الأخيرة أدت إلى ارتفاع الأسعار، وارتفاع معدل التضخم- بلغ 20%- وهذا معدل مرتفع، كما إن قضية سعر الصرف لم تحلها القرارات الأخيرة، ولم تؤثر إيجابيا حتى على سعر الصرف؛ لأنها تحتاج إلى قرارات أُخر، تتعلق بمنح حوافز تشجيعية للمغتربين، وإعادة بناء الثقة لديهم، وتنويرهم بالاستثناء الأمريكي، وترغيبهم عبر القنوات الرسمية من خلال هذه الحوافز؛ لأن قضية معاش المواطن تحتاج إلى الإنتاج والإنتاجية، وتوفير المال اللازم لتنفيذ البرنامج الخماسي.

عام الكساد
ولم يبد الخبير الاقتصادي البروف عصام عبد الوهاب بوب تفاؤلا بشأن الوضع الاقتصادي للبلاد؛ ففي حديثه لـ (التيار) أكد أن الموازنة التي قدمت مع ربطها بالوضع الاقتصادي الحالي ستؤدي إلى مزيد من التدهور في الإنتاج مع زيادات متواصلة في الضرائب، وانخفاض القيمة الحقيقية للعملة الوطنية، ومضى قائلا: هذا الوضع ليس جديدا فالبلاد ظلت تعاني من أزمة اقتصادية منذ العام 2008، الذي سمي عام الكساد العالمي، وأدى إلى صدمات اقتصادية في العديد من الدول، أضف إلى ذلك حدوث انفصال الجنوب في العام 2011؛ حيث تزامن معه انخفاض حصة السودان من البترول، وبدأت فصول أزمة اقتصادية حقيقية.

جذور الأزمة
ويرى بوب أن جذور الأزمة تعود إلى العام 1996؛ وذلك بسبب تدهور الإنتاج في المشاريع المروية، وانعدام تمويل الزراعة، التي كانت العماد الاقتصادي الأول في السودان كمشروع الجزيرة، وزيادة اعتماد الدولة على الضرائب؛ مما أدى إلى خروج الدولة من من جهود التنمية في هذه القطاعات، الأمر الذي دعا الحكومة إلى تكثيف جهودها، وسعيها التقليل من الإنفاق الحكومي، بل كان الشعار- حينها- للحكومة توسيع مظلة الضرائب، وقد كان له أثر سلبي على المنتجين بصورة كارثية، وبدأ التدهور في الإنتاج بصورة واضحة في العام 2012_2013، وكان الأثر ينعكس على القيمة الحقيقية للجنية مقابل الدولار، والعملات الأخرى، وهذا انعكس- أيضا- على قدرة المنتجين على توفير مدخلات الإنتاج، ومقابلة التكاليف الأخرى للزراعة والصناعة.

تصريحات جوفاء
وقال بوب: إن وزير المالية أشار- في وقت سابق- إلى تخفيض الإنتاج الحكومي، مؤكدا أن حديث الوزير يدعو إلى استنتاج أن الدولة دخلت في متلازمة الإنتاج الحكومي العالي يحفز ذلك وجود التزامات أمنية واسعة، ونزاعات أهلية في كافة ولايات البلاد، الأمر الذي زاد من نفقات حفظ الأمن، وزيادة العبء على المواطن من تكاليف ضرائب ونقل والمواصلات، وقال بوب: ما حدث الشهر الماضي من تطبيق روشتة البنك الدولي، وقيام وزير المالية بتسميتها رفع الدعم، وهو في حقيقته إلا زيادة في تحصيل الضرائب، ومحاولة لتغطية العجز الحكومي، وقال: للأسف هو قصير المدى، بل لن يكون كافيا لسد العجز فى الميزانية الحالية التي لن تكون كافيه للإنفاق، وسد العجز الحكومي، ولن تكون كافية لتحفيز القطاعات الاقتصادية، والإنتاجية بمزيد مدخلات الإنتاج.

خطط على ورق
الكارثة الأكبر- يقول بوب– تكمن في إضافة أعباء جديدة على عيشة المواطن، ومن ثم قدرتها على الإنتاج، وتطبيق روشتة البنك الدولي، ويشرح بوب الأمر، ويقول: كان من المفترض أن يصاحب الإنتاج تمويل حقيقي للقطاعات الإنتاجية حتى تستطيع استعادة العافية، لكن هذا لن يحدث، أما الحديث عن المنتجين فهو لا يعدو كونه وعد وخطط على ورق، مشيرا إلى أن قراءة أداء القطاع الزراعي والصناعي في العام 2017 في حالة انحدار مستمر؛ لذلك يقول لا بد أن نربط الإنتاج بدخول السلع السودانية إلى السوق العالمية؛ إذ أن حجم الاستيراد في السودان انخفض 6.5 مليار دولار، وهذا يوحي بأن سكان السودان كلهم يعيشون تحت خط الفقر، خاصة أن السودان يضم عدد هائل من السكان، وهذا يرتبط بحجم الإنتاجية أولا، ثم يرتبط بالنقد الأجنبي، والأسواق العالمية ثانيا، ثم يرتبط بالميزة النسبية للسلع السودانية.

عقول مغلقة
وقال بوب: أرى أن العديد من المسؤولين يتحدثون عن تخفيف الاستيراد، الذي أرى أنه أقل من احتياجات السودان، وأن واجب السودان هو تحسين قدرته على الإنتاج، وهذا ما ظلت الإدارة الاقتصادية عاجزة عن تحقيقه طوال ثلاثه عقود؛ لأننا ظللنا بعقلية مغلقة تسمى (يا حليل الصادر)- أي الاعتماد على الإنتاج السوداني، ويليه الوارد، وهذا يختلف مع مبادئ التجارة الدولية؛ التي تؤكد ضرورة إتاحة حرية الصادر، والوارد.
سعدية الصديق
صحيفة التيار


بواسطة : admin
 0  0  1057
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 02:57 صباحًا الجمعة 26 أبريل 2024.