• ×

تحرير الخبز ..الطامة الكبري ..!

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
السودانية ـ متابعات عادة ما تقوم الحكومة عبر آليات متعددة بإطلاق معلومة عن قرار ما سيتم اتخاذه في مقبل الأيام كبالون اختبار لقياس مدى تقبل الأمر لدى المواطن.. وخلال الأيام الماضية بدأت الحكومة ووزارة المالية تتحدث عن تحرير عدد من السلع من بينها الخبز، وذلك أمر اعتبره العديد من المراقبين مؤشرا على نية الحكومة وضع زيادات على سلعة الخبز، تضاف إلى الزيادات الأخيرة في الأسعار، والتي وصلت لبيع قطعتين من الخبز البلدي بسعر جنيه وقطعة واحدة في بعض الولايات.. وقد تحدث وزير المالية بدر الدين محمود، صراحة أمس الأول للصحف عن نية الحكومة تحرير سلعة الخبز مستدلا بأن تحرير سلعة غاز الطبخ قد رتب وفرة كبيرة رغم ارتفاع سعره، مما يؤكد أن المواطن موعود خلال الفترة المقبلة أو مع بداية العام الجديد بإجراءات اقتصادية أخرى تطال رغيف الخبز.

لكل حدث حديث

بدر الدين محمود، استند في عزم وزارته لتحرير سلعة الخبز على الإنتاج الوفير الذي تم تحقيقه في الموسم الشتوي الماضي للقمح، ويبدو أن توقيعات الوزير ذهبت في نفس الاتجاه للموسم القادم الذي بنى عليه آمالا عراضا في تمزيق فاتورة القمح وتحقيق الاكتفاء الذاتي منه، إلا أن آراء اقتصادية ذهبت إلى عكس ذلك وأطلقت تحذيرات بخطورة الخطوة في الوضع الاقتصادي الراهن، وأشارت إلى أن الخطوة تحتاج إلى تأنٍ أكثر ودراسة أعمق، وقال رئيس اتحاد المخابز الطيب عمرابي لـ(الصيحة) أمس إن الاتحاد ينتظر ثبوث أشياء معينة ولكن في حال إصدار قرار بتحرير الخبز، سيكون للاتحاد رأيا واضحا، مشيرا إلى أنهم سيقفون مع الإجراءات التي تخدم المواطن المغلوب على أمره، مبينا أن الاقتراب من التحرير يخضع إلى لجان، وتوقع أن يكون التحرير للأحسن، جازما بأن وضع صناعة الخبز في البلاد بالمستقر، وسبق أن أكد اتحاد المخابز ولاية الخرطوم، عدم تحرير سلعة القمح، جازما في الوقت ذاته بأن القمح الذي يستورد إلى البلاد مدعوما من قبل الدولة، خاصة وإن الإحصاءات تشير إلى أن نسبة دعم “الوقود والقمح” معاً (بلغت 14% من موازنة الدولة بواقع 5 مليارات جنيه)، وما يزيد عن المليار للقمح.

دعوة لإرجاء القرار

وأكد الخبير الاقتصادي دكتور هيثم محمد فتحي لـ(الصيحة) أن تحرير أسعار الخبز من قبل الحكومة سيرفع سعر الخبز على أقل تقدير إلى الضعف، مشيرا إلى وجود تكاليف غير منظورة في صناعة الخبز ستفرض على المخابز أعباءً إضافية في حال تم تحرير الأسعار بشكل كامل، ما سيدفع المخابز لتحميلها للمواطن في نهاية المطاف، وقال إن الحكومة وفي حال تم تحرير أسعار الدقيق لا يحق لها وضع تسعيرة للخبز في ظل وجود منافسة كبيرة، مشددا على أهمية بحث قضية تحرير أسعار الخبز لجهة أن القرار يتطلب جملة من الإجراءات المدروسة المسبقة، مطالبا بضرورة توفير قاعدة بيانات دقيقة تتضمن تكلفة الدعم والوفر المتحقق إضافة إلى إشراك جميع الجهات ذات العلاقة لمناقشة الموضوع من كافة جوانبه وتحديد إيجابيات وسلبيات القرار المستقبلية بجانب تحديد آلية إيصال الدعم لمستحقيه خاصة الشريحتين الوسطى والدنيا وتحديد الحد الأدنى للمسؤولية الاجتماعية للدولة تجاه مواطنيها باعتبار أن سلعة الخبز سلعة إستراتيجية سيتوقف على ارتفاع سعرها ارتفاع كافة السلع داعيا الحكومة إلى التريث ودراسة كافة أبعاد وانعكاسات أي قرار قد يتخذ بشأن رفع الدعم عن الخبز على المواطنين، وأوضح أن الهدف من قرار تحرير أسعار الخبز، توفير مبالغ مالية لصالح الخزينة العامة للدولة إلا أنه يمكن توفير هذه الأموال من خلال خطط وبرامج تنفيذية صارمة لتحصيل مبالغ الدعم من خلال الحد من التهرب الضريبي وخفض النفقات الحكومية.

تحذير

هيثم حذّر من رفع الدعم عن الخبز وتحرير تجارته وصناعته دفعة واحدة على المواطن، ونادى بالرفع التدريجي لجهة أنه يساهم في قياس مدى فعالية القرار وإمكانية تطبيقه، منوها إلى أن رفع الدعم عن الخبز يشكل جزءا من برنامج متفق عليه في البرنامج الخماسي للإصلاح الاقتصادي (2014_2019م ) حيث يأتي استكمالا لما طرح العام الماضي من تحرير تجارة القمح والدقيق، لافتا إلى ضرورة الأخذ بعين الاعتبار الظروف الاقتصادية للمواطنين، واقر بوجود صعوبة في تقدير حجم احتياجات الأسرة الفعلي من الخبز وابدى خوفه من أن يصبح رفع الدعم عن الخبز موضوع سجال وطني جديد، وأن يثير نتائج اجتماعية خطيرة.

رفع التضخم

وأكد الخبير الاقتصادي هيثم فتحي أن رفع الدعم سوف يؤدي إلى ارتفاع التضخم خاصة أن الخبز مادة أساسية يعتمد عليها المواطنون في حياتهم بشكل مباشر سيتبع هذا القرار من تأثيرات سلبية على المواطنين وخاصة الشرائح الفقيرة ومتوسطة الدخل بالإضافة إلى الفساد الذي سيستشري في ما بين الموظفين والتجار والمستفيدين واستغلال الظروف الاقتصادية وارتفاع أسعارهذه السلعة الحساسة وأوضح أن عملية إيصال الدعم إلى مستحقيه فشلت وهناك تجارب عديدة لذلك لابد من الابتعاد عن أو اتخاذ قرار يفتقر إلى الرؤية ودراسة الآثار السلبية الكثيرة التي ستفوق تكلفتها قيمة الدعم المقدم من قبل الحكومة بأضعاف، وتوقع ارتفاع "الفساد" التجاري والإداري للضعف في الرقابة من قبل الأجهزة الحكومية على الأسواق الأمر الذي يدفع ثمنه المواطن، جازماً بأن رفع الدعم سيُساهم بصورة محدودة في سد عجز الميزانية، ولكنه سيؤدي لارتفاع معدلات التضخم بصورة كبيرة. داعيا لوضع آلية لضبط الأسعار لجهة أن ثبات الأسعار في السلعة لمدة طويلة يظهر فيها الخلل، وقال " لابد أن تتوفر للحكومة خطة لإنفاذ أسعار جديدة والذي بدوره تضطر الحكومة لإصدار قرارات حادة وعنيفة ".

قدرة المواطن

خبراء اقتصاديون تحدثوا لـ(الصيحة) دعوا الحكومة للأخذ في الاعتبار قدرة المواطن على تحمل القرارات التي تصدرها الحكومة، واستند في حديثه إلى أنه أول ما تحدث ندرة أو أزمة في سلعة ما يشعر المواطن بأن الحكومة لديها النية في رفع الأسعار كما حدث في أزمة السكر والغاز والخبز في وقت سابق، وفيما يتعلق بعدم تحرير استيراد القمح أو الدقيق أشار فتحي إلى أن هناك كثيراً من الأقاويل حول هذا الدعم، فالكل يعلم عندما أكدت وزارة المالية مراراً وتكرارًا بأنه ليس هناك أي نية لرفع الدعم في موازنة العام الحالي وبعد 25 يوماً فقط من بدء العمل بالموازنة الجديدة تم رفع الدعم عن أهم سلعة للشعب وهي سلعة الغاز.
مروة كمال ـ الصيحة


بواسطة : admin
 0  0  901
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 08:51 مساءً الثلاثاء 16 أبريل 2024.