• ×

من كواليس شهادة الترابي للجزيرة:الحكومة والشعبي رفضا البث،ماذا قال لمنقستو وابراهومة؟

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
السودانية ـ متابعات لا زالت حلقات برنامج (شاهد على العصر) مع الراحل الدكتور حسن الترابي الذي تبثه فضائية "الجزيرة" أسبوعياً، تجد متابعة منقطعة النظير من المشاهدين لما مثلته الحلقات الـ(14) والتي بثت حتى الآن من كشف لحقائق ومعلومات من رجل كان شاهداً على بعض منها وصانعاً لأكثرها.. فأهمية الحلقات جاءت من أهمية متحدثها... فضائية "الجزيرة" سجلت هذه الحلقات قبل نحو ستة أعوام، لكنها لم تبث إلا بعد رحيل الترابي.. وسبق بث الحلقات جدل كثيف ولا زال.. خلال الفترة التي تم تسجيل هذه الحلقات فيها والتي امتدت لقرابة الشهر.. رافق الراحل شيخ حسن خلال تلك الأيام القيادي الشاب بالمؤتمر الشعبي بالعاصمة القطرية الدوحة دكتور زكريا محمد السيد. والذي كان قائماً على برنامج الشيخ منذ مقدمه لتسجيل الحلقات وحتى اكتمالها.. الصيحة حاورته في محاولة منها لسبر أغوار تلك الأيام وكواليسها.. فماذا قال؟...

*بداية نريد بطاقة تعريفية منك للقارئ؟

- أنا د. زكريا محمد السيد عثمان، دكتوارة دراسات اجتماعية من جامعة النيلين، تخصص آخر بكالريوس شريعة وقانون من جامعة القرآن الكريم، كاتب وباحث، وناشط اجتماعي في مجال حقوق الإنسان.

*بداية علاقتك بدكتور حسن الترابي رحمه الله متى كانت وكيف بدأت؟

- بدأت علاقتي مع الشيخ الدكتور حسن الترابي رحمه الله أيام تكوين الجبهة الإسلامية حينها كنت طالباً بمدرسة القولد الثانوية، وقد تعاونت مع الشيخ المرحوم عوض الله عباس رحمه الله في الحملة الإعلامية لزيارة شيح حسن لمنطقة القولد، بعد الخطاب الذي ألقاه شيخ حسن رحمه الله سلمت عليه وبدأ ارتباطنا العاطفي والروحي، ولم أنقطع عنه وعن لقاءاته ومحاضراته، إلا أن العلاقة توثقت بيننا بعد المفاصلة واثناءها وبعيْدها، حينها كلفني ببعض الملفات قمت بإنجازها .

*تاريخ علاقة شيخ حسن الترابي رحمه الله بقطر؟

- علاقة د. الترابي رحمه الله مع دولة قطر قديمة، فقد شارك الشيخ الترابي رحمه الله في وضع دستور دولة قطر إبان استقلالها، وكان شيخ حسن رحمه الله له امتداد من العلاقات في المجتمع القطري منذ تلك الفترة، ولم تستثن هذه العلاقة حكامها وقياداتها، وأغلب زياراته كان أمير قطر الوالد الشيخ حمد بن خليفة حفظه الله يدعوه لزيارته، ومن بعده واصل ابنه الشيخ تميم بن حمد أمير البلاد حفظه الله، وما أعظم أن يلتقي رائد الحرية وأميرها من الحكام العرب مع رائد تحرير الفكر الإسلامي من قيود ومقعدات التقليد والجمود. حتى إن السيدة الأولى سمو الشيخة موزا بنت ناظر حفظها الله قد استضافته غير ما مره في صالونها الثقافي الذي تعده وتستضيف فيه بعض المفكرين والمهتمين بقضايا المرأة وتمكينها .

*تاريخ علاقة شيخ حسن الترابي رحمه الله بقناة "الجزيرة"؟

- علاقة د. الترابي رحمه الله مع قناة الجزيرة منذ بدايات تأسيسها، بعد وصولي إلى قطر 2003م كان شيخ حسن رحمه الله يصحبني إلى قناة الجزيرة كثيراً، فكان طاقم القناة يلتف حول إمام الحريات، وكانت اجتهاداته وآراؤه الفقهية والسياسية كثيراً ما تتصدر أخبارها، وكان فارس من فرسان الكلمة، جريئاً شجاعاً في طرح آرائه الفكرية والفقهية وآرائه السياسية رحمه الله.

*منذ متى أنت بالدوحة؟

- فضلاً عن دوافع الاغتراب التي لا تستثني بيتاً سودانياً، ولم يكن سبب الاغتراب بعيداً عن يد الأمن الخشنة التي طالت بابتلاءاتها كثيراً من الإخوة والأخوات في الحزب، حيث لم أكن حالة خاصة، فتوجهت إلى شيخ حسن رحمه الله حاملاً فيزا إلى دولة قطر، كنت أستبعد أن يوافق لي بالهجرة لأنني كنت من كوادر حزبه الفاعلين النشطين بالشمالية، وكان يهتم بالشمالية كثيراً، فشجعني على السفر ومسح على رأسي، وتوكلت على الله ووصلت دولة قطر في 3/ 9/2003م.

*حدثنا عن أول لقاء لك بالشيخ حسن الترابي رحمه الله في الدوحة وطبيعته؟

- كان شيخ حسن رحمه الله دائم الزيارة للدوحة في المشاركة في الفعاليات والمنتديات والمؤتمرات، بعد وصولي بفترة وجيزة حل ضيفاً بالدوحة فكنت من ضمن أفراد حزبه المستقبلين له بمطار الدوحة، وقد كنا نحتفي ونفرح بمجيئه ونقضي معه الساعات الطوال نناقشه في أفكاره والوضع السياسي في السودان.

*لقاءات الترابي بالقيادات الإسلامية العالمية بالدوحة كيف كانت تتم؟

- كما هو واضح للجميع أصبحت الدوحة بعد نهضتها قبلة جاذبة تقصدها النخبة من أصحاب المهن في كل المجالات، فضلاً عن بروزها كمحطة إعلامية وثقافية مهمة، لا يمر أسبوع إلا وفيها منبر محلي أو إقليمي أو دولي، فضلاً عن استضافة الدولة للعديد من المفكرين ودعاة الحريات، أتاح هذا الوضع للعديد من التلاقي والتحاور، كانت هذه النخب مجرد وصول الشيخ حسن رحمه الله تتقاطر إلى مقر إقامته وفود وجماعات وأفراداً، وقد رأيت العلامة القرضاوي حفظه الله في عام 2006م يحضر للشيخ في مقر إقامته، وكم استمتعنا بنقاشاتهم الفقهية العميقة، كما أن الشيخ الغنوشي والدكتور محمد مختار الشنقيطي كانا يفتخران بأنهما تلامذته، وكان الشيخ حسن الترابي رحمه الله يزور معظهم فكثيراً كان يصطحبه الأمين العام لعلماء المسلمين الشيخ علي محيي الدين القره داغي حفظه الله إلى العلامة القرضاوي، وكان شيخ حسن يحب شيخ علي محيي الدين القره داغي ويشهد له بالعلم.

*ماذا عن لقاءاته بالجالية السودانية وعضوية حزبه هناك؟

- كان شيخ حسن رحمه الله دقيقاً في التشاور معنا في وضع برنامجه الخاص، وكان يحرص على استقبال كافة أفراد الجالية بكافة ألوان طيفهم اليمين واليسار في جناحه الخاص بالفندق، كما كان يحرص على تنوير أفراد حزبه بمجريات الأمور الاقتصادية والسياسية في السوان. وأحياناً كان يجتمع في لقاءات تنويرية مع التنظيمات السياسية المتواجدة في الدوحة لتنويرها بالأحداث السياسية في السودان فضلاً عن اللقاءات الفكرية مع المثقفين السودانيين. وقد رأيت عدداً من الإخوة يقطعون المسافات الطوال للوصول للشيخ حسن من هؤلاء الدكتور علي الحاج محمد حفظه الله، فقد كان يحرص على مقابلة الشيخ حسن رحمه الله بالدوحة وكان الشيخ يفرح لمقدمه، وتتهلل أسارير وجههه، وكان يجلس معه الساعات الطوال، وأيضاً حضر للشيخ حامد ممتاز قبل انضمامه للدوحة، وكذلك الدكتور عوض عطا، والدكتور عمار السجاد، والأخ الصادق فرحات.

*وكيف كانت تعامله السفارة السودانية هناك؟

-شيخ حسن رحمه الله كان يحظى بقبول من كافة أفراد الجالية السودانية والسفارة السودانية، كانوا يحبونه ويجلونه ويقدرونه، وكان بعضهم يزوره في مقر إقامته، وعند وفاته فتحت السفارة السودانية أبواب المركز الثقافي للعزاء الذي تحدث فيه الشيخ العلامة يوسف القرضاوي رئيس هيئة علماء المسلمين حفظه الله، والشيخ علي محيي الدين القره داغي حفظه الله، والأخ الكريم السفير ياسر خضر سفير جمهورية السودان بالدوحة الذي تحدث عن الشيخ حديث العارفين. وقد حضر العزاء العديد من سفراء الدول الشقيقة والمفكرين والمثقفين، فضلاً عن أفراد الجالية السودانية التي ضاق بها المكان.

*هل صحيح أن الشيخ حسن الترابي رحمه الله في زيارته الأخيرة لقطر خضع لفحوصات دقيقة أشارت إلى ضعف قلبه؟

- مدير مكتب الشيخ حسن رحمه الله الأخ الفاضل تاج الدين بانقا اتفق مع رئيس مجلس الشورى والأمين العام لحزبنا على توعية العضوية، بعدم الحضور إلى المستشفى، خوفاً من تدافع أفراد الجالية للمستشفى، ومكث شيخ حسن أيام سراً في المستشفى ، كانت تأتينا الأخبار بأن هناك بعض الإشكايات في أداء القلب.

*حدثنا عن آخر لقاء له لعضوية حزبه في قطر.. وبماذا أوصى؟

- أغلب أعضاء الحركة الإسلامية انحازوا لـ(الشعبي) في الدوحة، فقد كان شيخ حسن حريصاً على الالتقاء بهم وتنويرهم، وكانوا يحتفون بمقدمه، وفي آخر لقاء له في في الأول من يناير 20016، كان يحدثهم عن الحوار، وجمع الصف، والمنظومة الخالفة.

*من أين أتت فكرة تسجيل حلقات شاهد على العصر؟

- أظن أن فكرة الحلقات نابعة من إعجاب إدارة قناة الجزيرة، والأخ أحمد منصور بأفكار وآراء واجتهادات الشيخ حسن الترابي رحمه الله، وحسب ما علمت، ولا أكاد أجزم بأن حلقات هذا البرنامج لا تتم إلا بعد موافقة الإدارة العليا للقناة.

*حدثنا عن الأجواء التي سبقت مجيء الترابي إلى الدوحة للتصوير؟

- كانت الأجواء عادية، لكن عند حضوره في هذه الزيارة تحديداً كان البرنامج مزدحماً، وكنت أتولى البرنامج المصاحب، وظل الهاتف يرن على مدار الساعة وكان جناح شيخ حسن رحمه الله في فندق الشيرتون يضج بالزوار من كافة الجنسيات المفكرين والمثقفين فضلاً عن أفراد الجالية السودانية.

*من نسَّق بين الشيخ حسن الترابي رحمه الله والقناة؟

- التنسيق دائماً يتم عبر مجلس إدارة قناة "الجزيرة"، لكن ليس لي علم عن الجهة التي قامت بالتنسيق في السودان، فقد انحصر دورنا في تلك الزيارة على استقبال الشيخ ووضع البرنامج المصاحب .

*هل كان هناك مقابل لتسجيل الحلقات؟

- إبان زيارة شيخ حسن رحمه الله للدوحة عام 2010م، أتى له شخص يملك دار نشر في إحدى الدول الخليجية، وطلب من شيخ حسن رحمه الله أن يقوم بطباعة كتبه بمقابل مادي، فرد عليه شيخ حسن رحمه الله (اذهب واطبع ما شئت فهذا العلم ملك للأمة)، هذا هو ديدن شيخ حسن، منذ صحبته لم أجد جنيهاً واحداً في جيبه رحمه الله.

*عدد ساعات التصوير اليومية للحلقات؟

- كانت مدة التصوير 47 دقيقة يومياً أحياناً تزيد قليلاً وأحياناً تنقص قليلاً، كان شيخ حسن رحمه الله دقيقاً في مواعيده يحضر للاستديو قبل التسجيل بربع ساعة ويتجاذب أطراف الحديث مع الأخ أحمد منصور وطاقم التصوير وبعد ذلك يبدأ التصوير. وبعد التصوير أحياناً كنت أصحب الشيخ للرياضة على شاطئ البحر المقابل للفندق فكان كثيراً ما يسبقني في رياضة المشي رحمه الله.

*خلال تسجيله للحلقات هل لاحظت على الشيخ أي حالات للتبرم والسخط من طريقة أحمد منصور؟.

- كنت أصطحب الشيخ في أول حلقة مع ابنته أمامة وقبيل التسجيل بلحظات سألنا الأخ الكريم أحمد منصور ما علاقتكم بشيخ حسن، قلت له أنا تلميذه وهذه كريمته أمامة حسن فقال لنا الأخ أحمد منصور " لقد حاورت ملوكاً ورؤساء وأمراء ومفكرين ورجال دين، ما رأيت أصدق من هذا الرجل، وما احترمت رجلاً مثلما احترمت هذا الرجل"، وأشار إلى شيخ حسن داخل الاستديو.

* أين كان التصوير وأين تم إنزال الشيخ؟

- دولة قطر كانت تحتفي بمقدم شيخ حسن وتقوم بإنزاله بأكبر وأفخم فنادقها، وقامت بإنزاله في تلك الزيارة في فندق الشيرتون أكبر فنادق الدوحة في جناح خاص مطل على البحر، وتم إعداد استديو في نفس الفندق لغرض التسجيل.

*في اعتقادك لماذ لم يتم بث الحلقات إلا بعد وفاته؟

- بث الحلقات متعلق بسياسة قناة "الجزيرة" خاصة برنامج شاهد على العصر يتأخر أحياناً مع كل الضيوف الذين حاورهم الأخ أحمد منصور، أما ما أشيع عن اشتراط الشيخ لبث الحلقات بعد وفاته فهذه المعلومة لا أظن أن لها أساساً من الصحة، لأن الشيخ نفسه كان يسأل عن هذه الحلقات في زياراته اللاحقة للدوحة.

*هل فعلاً أن الحكومة طالبت بعدم بث حلقات البرنامج؟

- نعم حاولت الحكومة عدم بث الحلقات، وكذلك المؤتمر الشعبي، إلا أن سياسة قناة الجزيرة حالت دون ذلك .

*أين كنت تجلس خلال تصوير الحلقات وأنت مرافق للشيخ؟

- كنت أجلس في الغرفة المجاورة للاستديو ولها باب مفتوح في الاستديو، كنت أسمع الكثير من الحوار.

*في اعتقادك ووفق ما سمعته وشاهدته خلال التصوير هل تم حذف إفادات مهمة للشيخ خلال المونتاج؟

- منذ عام مم 2003 ومقدمي إلى الدوحة، فقد دخلت إلى قناة الجزيرة مع شيخ حسن رحمه بحضور إخينا الفاضل صديق حسن، فإن قناة الجزيرة تمتاز بمهنية عالية، وكل لقاءات شيخ حسن رحمه الله بثت كاملة، فما أظن قد تم حذف من هذه اللقاءات.

*مواقف تستحق التأمل في زيارات الشيخ حسن رحمه الله للدوحة؟

- رجل يكتب ويؤلف كتابين عن الشيخ وآرائه دون أن يلتقيه أو يلتقي بعضو بارز في الحركة الإسلامية السودانية، ثم يلتقي بالشيخ فيخرج منه وهو أكثر أعجاباً ذلكم هو الدكتور المفكر محمد مختار الشنقيطي، فقد كان يقول لي: (هذا الرجل استثنائي لا مثيل له في عالمنا)، ويفتخر أنه من تلاميذه. وقد كان لي فضل ترتيب هذا اللقاء، والشنقيطي كما هو معروف قد ألف كتابين حول آراء الترابي والحركة الإسلامية في السودان هما: (آراء الترابي.. من غير تكفير ولا تشهير)...و(الحركة الإسلامية في السودان: مدخل إلى فكرها الاستراتيجي والتنظيمي). وأذكر أن أحد الإخوة من المغرب العربي جاء يقول لنا قبل وفاة الشيخ بخمس سنوات إنكم أهل السودان قد ضيعتم ثروة للعالم الإسلامي، لو قدر الله أن يكون الشيخ حسن رحمه الله في دولة غير السودان لتغير وضع العالم الإسلامي اليوم، وقال لنا أيضاً" إننا في المغرب العربي لا نقرأ إلا كتب شيخ حسن رحمه الله".

*من المواقف الأخرى؟

- كان شيخ حسن يهتم بالنخب من أهل الفكر والدعوة والسياسة، ندخل عليه في آخر زيارة له للدوحة في يناير الماضي فنجده ومعه إبراهومة كابتن المريخ والفريق القومي السوداني سابقاً، وكذلك منقستو كابتن الهلال والفريق القومي السوداني سابقاً، نجده يحدثهم كيف يمكننا أن نجعل الكرة رياضة تحترم أخلاق المجتمع من خلال تكريس معاني التعاون والإخلاص والشفافية سلوكاً في الملعب.

*ما تود قوله أخيراً؟

- أود أن اشكر القيادة القطرية الحكيمة بصفة خاصة من بين قيادات العالم العربي والإسلامي لإكرامهم للعلماء والمفكرين من مختلف دول العالم الإسلامي، لكن كان إكرامهم واهتمامهم بالشيخ حسن الترابي رحمه الله وفكره بارزاً وملفتاً، جزاهم الله خير الجزاء، كما أشكر صحيفة الصيحة على إتاحتها هذه الفرصة والتواصل مع المغتربين إنما يدل على إدراكها ووعيها بقضايا الأمة .
رمضان محجوب ـ الصيحة


بواسطة : admin
 0  0  5110
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 06:55 مساءً الثلاثاء 16 أبريل 2024.