• ×

ايقاف التعامل مع المصارف السودانية آخر مسمار في نعش (الادوية) وعلي ظهر المواطن

أزمة الدواء تتعدد الاسباب والنتيجة واحدة

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
الخرطوم ـ (السودانية ) 
· أفادت الاخبار الواردة في هذا الاسبوع ان المصارف السودانية تلقت إخطاراً رسمياً من نظيرتها السعودية، وبعض المصارف الغربية بإيقاف التعامل المصرفي معها، ابتداءً من الثامن والعشرين من شهر فبراير ، وأكدت مصادر أن بنك السودان المركزي تلقى إخطاراً رسمياً بإيقاف كافة التحويلات والمقاصات من وإلى المصارف السعودية،هذه الخطوة كانت ذات اثر بالغ في ارتفاع جميع اسعار السلع الاساسية التي يتم استيرادها من الخارج بالعملة الصعبة .وكانت بداية الازمة والتنبيه لها هي معلومات كشف عنها المدير العام للهيئة العامة للإمدادات الطبية د.جمال خلف الله والذي كشف عن تعثر عمليات التحويلات المالية لاستيراد الدواء و من جهته أكد رئيس لجنة الصحة بالبرلمان عبد العزيز اتنين أن 50% من سكان السودان لا يجدون الدواء الأساسي و 79% منهم يدفعون فاتورة الدواء وفيما اعتبر أن الدواء من أكبر مسببات الفقر لتصاعد أسعاره وأقر مدير الهيئة بأن ربع سكان السودان لا يتحصلون على الأدوية الأساسية بصورة منتظمة وقال إن الهيئة دفعت برؤيتها للدولة لتوفير الدواء بأسعار مقدور عليها. وتعهد عبد العزيز خلال الزيارة أمس باتخاذ قرار لمعالجة تأخر فتح الاعتمادات لاستيراد الدواء ووصف الأمر بالخطير.

· واقع مخيف :

من جهته قال الدكتور ياسر ميرغني، الأمين العام لجمعية حماية المستهلك السودانية، في تصريحات صحافية إن الفوضى في قطاع الدواء تعود لعدم إحكامه بواسطة وزارة الصحة، وانتقد ترك شؤونه لمجلس مستقل لا توجد لديه أي هيبة لفرض القانون حسب قوله.وأشار دكتور ياسر ميرغني إلى أن القانون الحالي للأدوية والسموم من دون عقوبات حسب تعبيره. وأضاف مجلس الأدوية يعمل بنظرية أطعم الفم وتستحي العين، موضحاً أن هناك نصا قانونيا يسمح للمجلس بتقبل التبرعات، فيما تساءل كيف لجسم رقابي أن يقبل تبرعات من الجهات التي يراقبها (الشركات والمصانع ).وأكد الأمين العام لحماية المستهلك أن بنك السودان وفر سيولة مالية، لكنه أشار إلى أن هناك بعض البنوك التجارية حولت هذه المبالغ لشركات لا علاقة لها بالدواء.

وأكد بأنه شخصياً يمتلك قائمة بأسماء هذه الشركات، وطالب بنك السودان بالتحرك وفتح بلاغات لاسترداد تلك الأموال من هذه الشركات في مهلة حتى الثاني من أبريل القادم، وإلا فإنه سينشر أسماء تلك الشركات بالصحف اليومية.

وقال الأمين العام للمجلس القومي للأدوية والسموم في السودان دكتور محمد الحسن إمام في تصريحات نشرتها وكالة السودان للأنباء الرسمية، إن ما يحدث في الساحة الدوائية من صراع مبعثه تصفية الحسابات الشخصية وليس له أية علاقة بمصلحة المستهلكين، مؤكداً حرص المجلس على عدم دخول أية أدوية او مستلزمات طبية أو مستحضرات تجميل غير مطابقة للمواصفات للبلاد. بينما شهدت أسعار بعض الأدوية، خاصة المضادات الحيوية ارتفاعاً كبيرا مؤخراً، وارتفعت بعض الأصناف بأكثر من (100%) في السودان

· حجم الكارثة وعمق المأساة :-

· يستورد السودان كميات كبيرة من الدواء ،حيث بلغ حجم الاستيراد في عام 2011م 1 مليار دولار ،فيما بلغ حجم الاستيراد في عام 2012م ما يقارب 797 مليون دولار ،اعتماد السودان علي الاستيراد في مجمل احتياجاته من الدواء يجعل هذه الخطوة بمثابة كارثة حقيقية علي قطاع الدواء شأنه في ذلك شأن مختلف القطاعات الاخري، الاستهلاك السنوي من الادوية يبلغ 350 مليون دولار امريكي يستورد القطاع الخاص ومن خلال 80 شركة ما قيمته 270 مليون دولار امريكي في حين يتم تغطية الباقي حوالي 68 مليون دولار من خلال المصانع المحلية ،فيما يري رئيس شعبة مستوردي الادوية الدكتور نصر مرقص في حديثه امس ل(الميدان) ان انعكاس هذا الامر علي قطاع الدواء سوف يكون كبيرا ،مبديا تخوفه من هذه الخطوة لما لها ما تأثير سلبي علي الدواء ،وقال مرقص : (سوف تصبح هناك مشكلة في استيراد الدواء )مطالبا الدولة بايجاد معالجة جدية لهذا الامر ،ومضي قائلا : (اذا لم تحل هذه المشكلة فسوف تكون كارثة) نافيا صحة ما تقوله الحكومة عن ان هذه الخطوة لا تترك تأثير ،وعلق قائلا : (المشكلة في التحويل سوف تؤثر علي قطاع الدواء،خاصة وان معظم الدواء ياتي عن طريق الاستيراد) .

ويقول حامد رئيس معامل أميفارما في تصريحات سابقة بثتها شبكة النبأ (نحتاج إلى استيراد مواد لصناعة الأدوية تسدد قيمتها بالدولار. لكن الحصول على الدولار من الجهاز المصرفي في منتهى الصعوبة)

ويقول صيدلي يعمل في وسط الخرطوم لا تتوافر لدينا بعض أدوية القلب وحبوب السكري حاليا بعض المنتجات الأجنبية اختفت وأصبح الحصول عليها شديد الصعوبة، وتعهدت الحكومة بضمان توافر السلع لكن تجار الأدوية توقفوا عن طلب بعض الأدوية الأجنبية مع تراجع الجنيه مما أدى لزيادة الطلب على الأدوية المحلية الأقل سعرا

لكن زيادة المبيعات قابلها ارتفاع في التكاليف إذ أن المواد الخام المستوردة بالدولار تمثل ثلث تكاليف تشغيل المعدات بالشركة، ويقول حامد أصبح الأداء الجيد يشكل تحديا، ومع انقطاع السودان بشكل كبير عن الأسواق المالية العالمية بسبب العقوبات التجارية الأمريكية لم تلعب البنوك المحلية دورا يذكر في الاقتصاد. ولا يمتلك معظم السودانيين حسابات مصرفية. .

معاناة الاستثمار الأجنبي في الدواء :

يقول عبد الرحمن الشميري وهو مواطن يمني يرأس شركة أزال للصناعات الدوائية أتينا إلى هنا عام 2006 حين كان السودان سوقا جيدة جدا واقتصاده مستقرا. وشركة أزال هي مشروع سوداني مشترك مملوك لمستثمرين من اليمن والسعودية، وأضاف الشميري الاقتصاد يعاني صدمة الآن، ومع تواصل أزمشة العملة جمدت أزال خططها لافتتاح مصنع ثان لخدمة الدول الأفريقية المجاورة مثل تشاد وأوغندا، ويقول الشميري سنرى كيف تتطور الأمور

· خوف وهلع وسط المواطنين :-

· في جولة (الميدان) وسط المواطنين الذين ارتسمت عليهم علامات الحيرة،وذلك بسبب النقص الكبير في الدواء بالصيدليات،وفى مدينة بحري اشتكي المواطنون من نقص الدواء في الصيدليات،خاصة الدواء المستورد من الخارج،وارجع اصحاب الصيدليات الامر الي الخوف والهلع من عواقب خطوة ايقاف البنوك الاجنبية لتعاملاتها مع البنوك السودانية،وكشفوا عن جملة من المخاوف والشكوك.

· اللجوء الي التحويلات عبر المؤسسات غير الرسمية :-

· الخبير الاقتصادي الدكتور احمد حامد قال ل(الميدان) ان القرار الاخير يعني اضعاف النظام المصرفي السوداني،ويحول بينه والقيام بدوره الحقيقي في التحويلات للعملات الاجنبية ،ويزيد من معاناة المستوردين ،خاصة في قطاع الدواء والذي سوف يتأثر كغيره من القطاعات التي تعتمد علي الاستيراد لسد حاجة البلاد منها ،وتوقع ان يزيد من عمليات النشاط خارج النظام المصرفي ،و سيؤدي الي ارسال اشارات سالبة للمستثمر الاجنبي في البلاد ،ويؤدي لانخفاض كبير في سعر العملة الوطنية مقابل العملات الاجنبية الاخري ،كما يؤدي لمزيد من التضخم ،و لهروب راس المأل عبر تجار العملة في البلاد هنا ونظرائهم في الخارج ،متوقعا لجوء شركات الدواء الكبيرة الي متعاملين خارج الاطر الرسمية .

وأشار حامد إلي أن السبب الجوهري وراء هذا القرار تكمن في الفوضي والفساد داخل الجهاز المصرفي ، مشيراً لارتفاع نسبة نهب الأموال فيه والتعثر في سداد التمويل بنسب كبيرة ، مضيفاً أن تقارير المراجع العام حول البنوك باتت لا تناقش ومحجوبة عن الأعين كي يظل الفساد ( مستوراً) . وعزا ذلك لتورط بعض النافذين في عمليات فساد مصرفي محملاً بنك السودان المسؤولية عما حاق بالجهاز المصرفي .


بواسطة : admin
 0  0  1519
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 02:39 مساءً الجمعة 19 أبريل 2024.