• ×

زهير السراج :(أغاني وأغاني) وإغتصاب الحقوق ..!

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
السودانية * احدى عشر عاما مرت منذ ان بدأ الاستاذ السر قدور تقديم برنامج (اغانى وأغانى) الذى ينتظره كثيرون فى شهر رمضام المعظم على شاشة قناة (النيل الأزرق) المتخصصة فى تقديم المنوعات الغنائية، ولقد نجح البرنامج حتى اليوم فى الاحتفاظ بعدد كبير من مشاهديه بسبب نوعية الاغانى القديمة التى يقدمها البرنامج والمحبوبة لكل السودانيين بمختلف مشاربهم، لروعة كلماتها وجمال ألحانها وعظمة المطربين الذين تغنوا بها وخلقوا منها لوحات بديعة رسخت فى الوجدان السودانى وأسهمت فى تشكيله ورقيه، فصار كل سودانى يولد وفى وجدانه كمية هائلة من جينات المحبة للغناء السودانى القديم!!

* ولكى اكون منصفا، فلقد كان للأداء السلس والتلقائية وخفة الروح التى يتميز بها السر قدور دور مقدر فى نجاح البرنامج وارتباط الناس به، بالاضافة الى براعة اداء بعض من شاركوا فى تقديم الاغانى من المطربين الشباب، ومشاركة العنصر النسائى الذى اعطى للأغانى بُعدا آخر، ومذاقا جميلا!!

* نجح البرنامج، واستقطب عددا كبير من المشاهدين، الأمر الذى أثار حنق بعض المهووسين فطفقوا يحاربونه فى كل المنابر ويشنون عليه (وعلى الغناء) الحملات الشعواء، ويصورونه كـ(عدو) للدين والاخلاق والقيم الجميلة حتى يثيروا حفيظة المسؤولين عليه فيوقفوه، ولقد نجحوا فى احد الأعوام فى تغيير موعد بث البرنامج من بعد الافطار مباشرة الى ما قبل منتصف الليل، مما أثر على عدد المشاهدين بشكل كبير، ولكنه عاد تحت الضغط الجماهيرى والشركات المعلنة الى موعده المعروف!!

* نعم، نجح البرنامج، ولكنه سقط سقوطا بشعا فى أهم شئ، وهو حماية حقوق المبدعين الذين ابدعوا تلك الاغانى الرائعة، وسكبوا من اجلها الكثير من العرق والجهد، وعانوا ما عانوا ولم يجدوا فى مقابلها الا اعجاب الناس، بينما غنم غيرهم من وراء تقليدها والتغنى بها واذاعتها الكثير من المال، وإذا اخذنا قناة (النيل الأزرق) كمثال ورأينا كمية الاعلانات التجارية لكبرى الشركات التى ظلت تبث اعلاناتها من خلال برنامج (أغانى وأغانى) طيلة عشر سنوات كاملة، لتمكنا من تخيل المبالغ الفلكية التى حصلت عليها وطاقم البرنامج والفنانون الشباب الذين يشاركون فى البرنامج!!

* ترى كم كان حصيلة البرنامج خلال تلك السنوات العشر، وكم نال طاقم البرنامج، وكم نال أصحاب الابداعات من شعراء وملحنين ومطربين أو أسرهم؟!

* صحيح أن قوانين الملكية الفكرية تنص على أن تنقضى الحقوق المالية للمؤلف بعد خمسين عامنا من وفاته، ولكن كم من الأغانى التى تُبث من خلال البرامج انقضى على موت شعرائها وملحنيها (اصحاب الحق الأصلى) ومؤديها (اصحاب الحق المجاور) تلك السنوات الخمسين، وهل يجوز من ناحية أخلاقية اكتناز تلك المبالغ الضخمة بدون ان ينال اصحابها الحقيقون او اسرهم شيئا منها؟!

* هل يجوز أخلاقيا وأدبيا وقانونيا أن ينال المقلدون وطاقم البرنامج والقناة التى تبث تلك الاغانى ملايين الجنيهات، بينما يعانى اصحابها او اسرهم من شظف العيش، وأموالهم وحقوقهم يتمتع بها غيرهم؟!

* لقد كتبت كثيرا عن هذا الموضوع المهم، وعن الظلم الفادح الذى يقع على أصحاب تلك الابداعات الخالدة، بدون أن تحاول (القناة) تصحيح الخطأ ومعالجة الظلم، كما أن الحياء يمنع الكثيرين من اصحاب الحقوق من المطالبة بحقوقهم حتى الادبية منها، دعكم من المالية، فلماذا لا يتبنى اتحاد المهن الموسيقية أو أية جهة حقوقية هذا الموضوع، ونشر ثقافة الملكية الفكرية وانتزاع حقوق المبدعين المظلومين من آكلى حقوقهم؟!
* الى متى يثرى البعض على حساب المبدعين الذين عانوا الكثير من اجل اثراء الوجدان السودانى بكل تلك الابداعات، ولم ينالوا فى مقابلها شيئا، ومات اغلبهم .. أو يعيش أغلبهم الآن وهم يكابدون شظف العيش؟!


بواسطة : admin
 0  0  1900
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 04:45 مساءً الجمعة 29 مارس 2024.