• ×

المفكر المصري فهمي هويدي :السيسي في خطر ..قضية حلايب مرشحة للتصعيد

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
السودانية ـ متابعات قال المفكر والكاتب الصحفي المصري، فهمي هويدي، إن خريطة تحالفات جديدة في منطقة الشرق الأوسط بصدد الصياغة، في الوقت الراهن، لافتا إلى أن خريطة التحالفات هذه تقوم على تشكيل محور جديد في مواجهة إيران، ويتراجع في مقابله إلى حد كبير الزخم الذي طالما شهده ملف الصراع العربي الإسرائيلي.

جاء ذلك في حوار مطول أجرته معه “الأناضول”، وتطرق فيه هويدي إلى السياسات السعودية في عهد الملك سلمان بن عبد العزيز، والأزمات التي تشهدها مصر حاليا، والمنطقة بدءا من الأزمة السورية، ووصولا إلى الأزمة المتمثلة في تصاعد نفوذ تنظيم “داعش” الإرهابي.

وفي حواره، رأى المفكر المصري أن حلفاء الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، ينصرفون من حوله، وأن الأخير بات “في خطر شديد” مع تصاعد الأزمات التي يواجهها محليًا وخارجيًا، ومنها الغضب الشعبي مما يعتبره البعض “تنازلا” من مصر للسعودية عن جزيرتي “تيران” و”صنافير” في البحر الأحمر، وارتفاع أسعار السلع في البلاد بالتزامن خفض الدعم، فضلا عن أزمات خارجية مثل أزمة “سد النهضة”، الذي تبنيه إثيوبيا، وتخشى مصر أن يؤثر على حصتها من مياه نهر النيل.

وحذر هويدي، في هذا السياق، من أن أزمتي الشاب الإيطالي، جوليو ريجيني، الذي عثر عليه مقتولاً قرب القاهرة مطلع فبراير/ شباط الماضي، وتجدد النزاع بين مصر والسودان بشأن “مثلث حلايب وشلاتين “مرشحتان للتصاعد أكثر منه للهدوء”.

كما انتقد الدور المصري في ليبيا؛ حيث عده “جزءاً من المشكلة وليس الحل”؛ بسبب “انحياز” القاهرة لأحد طرفي الأزمة هناك، التي قال إنها مرشحة لأن تأخذ “السيناريو الأفعاني”.

وبخصوص السياسة الخارجية للسعودية في عهد الملك سلمان، الذي تولى الحكم في يناير/كانون الثاني 2015، خلفا لشقيقه الراحل الملك عبدالله، رأى أن هذه السياسة “لم تتغير من حيث نوعتيها”، وإن شهدت “بعض الحماس في درجتها” بعد تغير القيادة.

وبينما رفض المفكر المصري تشبيه الأزمة الأخيرة بين السعودية ولبنان بأنها “طلاق” بين البلدين، وصفها بأنها “أقرب إلى انفصال، تكون فيه فرصة الرجوع قائمة”.

كما أعرب عن اعتقاده بأن العلاقة بين حركة “حماس” الفلسطينية والسعودية، حاليا، “ليست أفضل” مما كانت عليه الملك عبد الله، معتبرا، في هذا الصدد، أن فرصة أنقرة في “تلطيف الأجواء” بين “حماس” والرياض، و”ليس حل المشكلات” بينهما، “أفضل من فرصة الرياض لتلطيف الأجواء بين أنقرة والقاهرة”.

ورأى أن الزيارة التي أجراها الملك سلمان إلى مصر، خلال الفترة بين 7و11 أبريل/نيسان الجاري، “حققت في العلاقة بين القاهرة والسعودية أكثر بكثير مما حقت في علاقة مصر بتركيا”، واعتبر أن تشكل ما يسمية بـ”مثلث مصر سعودي تركي” “لا يزال بحاجة إلى بعض الوقت”؛ بسبب تباين مواقف بعض أطراف هذا المثلث تجاه الأزمتين اليمنية والسورية.

هويدي تطرق في حواره مع “الأناضول”، أيضا، إلى الأزمة السورية، ورأى أن “لم يعد ممكنًا” أن يتعايش نظام “بشار الأسد” مع الشعب السوري “مع كل الدم الذي أريق” في الحرب السورية، وأن “استمرار نظام الأسد في مستقبل سوريا هو وضع يتعذر قبوله إنسانيا أو سياسيا”، لكنه استدرك قائلا: “من الصعب التنبؤ بمستقبل النظام السوري؛ خصوصا بعد أن تبين الآن أنه لا المعارضة قادرة على إسقاط النظام، ولا النظام قادر على كسر المعارضة”.

ومتحدثًا عن القمة الخليجية الأمريكية الحالية، رأى أن قادة الخليج قد يقبلون من واشنطن مجرد طمأنة لمخاوفهم من التمدد الإيراني في المنطقة؛ لأنهم “ليسوا في الموقف القوي”، وأن العلاقات التاريخية بين الطرفين “قوية” و”تظل ثابتة”، وإن شابها “تجاذب أو عتاب”.

وفيما يلي نص الحوار:

** في البداية.. حدثنا عن تبعات إعلان القاهرة أحقية الرياض في جزيرتي “تيران” و”صنافير” بالبحر الأحمر على الأجواء التي تخيم على الشارع المصري حاليًا؟

أظن أن مصر تشهد الآن أجواءً جديدةً غير مسبوقة؛ فحجم الالتباس هائل، وعمق الفجوة بين السلطة والمجتمع يزداد حينًا بعد حين.

ربما حتى في قضية الجزيرتين إذا كان هناك اختلاف (بشأن أحقية السعودية فيهما من عدمه)، فهناك اتفاق على السوء الفادح في اختيار التوقيت والإجراءات (المتعلقة بإعلان أحقية السعودية فيهما).

هذا سَبب خليطا من الصدمة والغضب، وكأن هذا الحدث فجر مخزونًا متراكمًا يشارك فيه ارتفاع شديد في الأسعار إلى جانب الظلم الذي عانى منه أناس يرون أن دولة إيطاليا تحركت لأجل الدفاع عن حق شخص في الحياة (الشاب الإيطالي جوليو ريجيني الذي عثر عليه مقتولاً قرب القاهرة مطلع فبراير/ شباط الماضي)، بينما في مصر الآلاف لا أحد يدافع عنهم.

باختصار، هناك غضب شديد، لكن لا أحد يعرف كيف يمكن ترجمته في المستقبل.

**هناك طرفان في مصر الآن مختلفان حول أحقية السعودية في الجزيرتين، وكل طرف منهما يقول إن لدية الوثائق الذتي تثبت صحة موقفه.. ما الذي يحكم المسألة إذن؟

– كل طرف لديه حججه، لكن الذي يحكم المسألة هو موازين القوى حتى إذا تعادلت؛ فهناك القوة الاقتصادية في طرف (السعودية) والأزمة الاقتصادية في طرف أخر (مصر)؛ فكان الانتصار للقوة.

لكن الخطورة في ما حدث أنه يفتح الباب أمام ملف الحدود المصرية مع السودان، ولا استبعد، أيضا، فتح ملف الحدود المصرية مع ليبيا.

بالطبع حدث ما يشبه الصدمة (بعد الإعلان عن أحقية السعودية في الجزيرتين) ليس فقط في المفاجأة، ولكن في طريقة التناول.

الدهشة التي أصابت الجميع كانت بسبب اكتشافهم أن ما حدث كان بالتفاهم بين القاهرة والرياض وتل أبيب وواشنطن، ولم يسمع به أحد حتى الحكومة الإسرائيلية عرفته قبل المصريين أنفسهم.

** هل هناك إشارات يمكن رصدها في تطور العلاقات بين السعودية وإسرائيل، لاسيما بعد تصريحات وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، حول التزام بلاده ببنود معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية التي تخص الجزيرتين؟

– لا يوجد تغيير في العلاقات بين السعودية وإسرائيل. أظن لا أحد يجهل أن هناك علاقات بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية خصوصًا أن هناك مسؤولين سعوديين ليسوا كبارا ولكن مهمين في المملكة التقوا في مناسبات علانية مع مسؤولين إسرائيليين. ما حدث لا يضيف جديدًا، ولكنه أقرب إلى محاولة إشهار أو تقنين لهذه العلاقة. ففي البداية كانت علاقة غير معلنة وأقرب إلى الشائعات وأقرب للعلاقة العرفية لكن حدث إعلان يتخلله شهود وعقود.

** إذا كان الأمر كذلك، فهل هذا الإشهار يمهد لصياغة جديدة لعلاقات دول المنطقة بإسرائيل؟

– في وقت من الأوقات كانت إسرائيل تدعي أنها جزء من محور الاعتدال السني في مواجهة إيران.

وتبدو هذه الخطوة (إشهار السعودية لعلاقاتها مع إيران) وكأنها تقطع مسافة على هذا الطريق؛ لأن إيران أصبحت العدو المشترك بين إسرائيل والسعودية، وهذا يمكن أن يشكل تحالفات جديدة لن تكون مصر والأردن بعيدتين عنها، أما الخليج لا أعرف إلى أي مدى يقبل (بالانضمام إلى مثلا هذه التحالفات).

الوضع الآن يبدو، وكأننا بصدد خطوة تفتح الباب لصياغة خريطة جديدة في المنطقة تتمثل في تشكيل محور يحتشد في مواجهة إيران، فيما يتراجع زخم الصراع العربي الإسرائيلي إلى حد كبير.

** وماذا عن المحور المصري التركي السعودي؟

– ما يمكن أن يسمى بالمثلث المصري التركي السعودي، ويمكن ضم قطر إليه، أيضا، سيحتاج إلى بعض الوقت؛ لأن مواقف هذه الدول متباينة لدرجة ما، وعلى الأقل في الموضوع السوري; فهناك تطابق في العلاقات بين أنقرة والرياض في الشأن السوري، بينما هناك مسافة بين مصر والرياض في هذا الشأن. والأمر نفسه ينطبق على اليمن.

لا نستطيع أن نسمى ما بين تركيا والسعودية ومصر محورًا، لكنه مثلث. وفي رأيي أن الوزن السياسي لهذا المثلت أكبر من وزنه على الأرض.

** هل حديثك يعني أن جهود العاهل السعودي، الملك سلمان بن العزيز، في التقريب بين القاهرة وأنقرة لم تنجح؟

– المجهود الذي بذله الملك سلمان في القاهرة (التي زارها خلال الفترة بين 7و11 أبريل/نيسان الجاري) ربما أثر في حدود تمثيل مصر في القمة الإسلامية (التي استضافتها مدينة اسطنبول يومي 14و15 أبريل/نيسان الحالي)، وما فهمته أنه كان هناك اتجاه مصري لذهاب سفير أو مساعد سفير لتمثيل القاهرة في هذه القمة، وكان ذهاب وزير الخارجية المصري، سامح شكري، بتشجيع من السعودية.

اعتقد أن الزيارة حققت في العلاقة بين القاهرة والسعودية أكثر بكثير مما حقت في علاقة مصر بتركيا.

** كيف تقرأ ملف “مثلث حلايب وشلاتين” المتنازع عليه بين القاهرة والخرطوم، والذي أثارته الحكومة السودانية مؤخرا.. هل هو إلى تهدئة أم إلى تصعيد؟

– إن تحريك ملف الحدود المصرية السودانية كان طبيعيًا بعد موضوع الجزيرتين (تيران وصنافير).

لكن الرد المصري (على الطلب السوداني) كان يحتاج إلى مزيد من الدبلوماسية، خاصة أن العلاقات بين البلدين تاريخية، وتربطهما مصالح كبرى في المياه (يقصد أزمة سد النهضة الذي تبنيه إثيوبيا وقد يؤثر على حصتي مصر والسودان من مياه نهر النيل).

إن الرد المصري كان جافًا أكثر مما ينبغي؛ خصوصًا أنه أتى بعد ملف الجزيرتين؛ فبدى أن مصر شديدة المودة والتسامح مع السعودية، وشديدة الجفاء مع السودان، وربما استقبل السودانيون الرد المصري بمرارة وغضب شديدين. وعليه، لا أتوقع أن الملف سيهدأ، وأظننا في مرحلة التسخين.

(خيرت الخارجية السودانية، الأحد الماضي، مصر بين التفاوض المباشر معها حول “مثلث حلايب وشلاتين”، أسوة بما حدث مع السعودية بشأن جزيرتي “تيران” و”صنافير”، أو القبول باللجوء للتحكم الدولي للفصل في النزاع، وردت الخارجية المصرية على ذلك بيان مقتضب أكدت عبره أن “حلايب وشلاتين أراض مصرية، وتخضع للسيادة المصرية”، مضيفة أن مصر “ليس لديها تعليق إضافي على بيان الخارجية السودانية” بهذا الخصوص.)

** ننتقل إلى ملف الشاب الإيطالي جوليو ريجيني التي عُثر عليه مقتولا قرب القاهرة.. هل تعتقد أنه مرشح للهدوء أم للتصعيد أيضا؟

– لا يوجد تفاؤل كبير (في ملف ريجيني) خصوصًا أن فرنسا دخلت على الخط بملف الشاب الفرنسي المقتول (شاب يدعى “إريك لانج” لقي مصرعه داخل أحد مراكز الاحتجاز في مصر عام 2013)، بالطبع صفقات الطائرات (التي وقعتها فرنسا مع مصر في الأشهر الأخيرة) والملايين (التي جنتها باريس جراء ذلك) حافظت على حالة التهدئة في هذا الملف، لكن الوضع في إيطاليا مختلف ومعقد كثيرًا؛ ليس فقط لجسامة الجريمة، ولكن لقوة العلاقات الاقتصادية بين البلدين.

واذا حصل تصعيد بعد وصول تقرير البرلمان الأوروبي للقضاء الأوروبي أو الاتحاد الأوروبي ستكون مصر في موقف سيء كثيرًا.

ومصر بالفعل في موقف صعب جدًا؛ لأنها غير قادرة على التراجع عن المسار الذي اختارته (التمسك برواية تورط عصابة مسلحة تمت تصفيها في قتل ريجيني)، وهو غير مقنع للمصريين أنفسهم.

** في رأيك.. كيف ستخرج مصر من هذه الأزمة؟

– لا أعرف كيف ستخرج من هذه الأزمة، لكنها مرشحة للتصعيد، وتضر بسمعة مصر دوليا.

** البعض حذر من أن يصل الأمر إلى حد قيام الاتحاد الأوروبي بقطع العلاقات مع مصر.. في رأيك هل هذا سيناريو محتمل؟

– التصعيد الإيطالي ساخن في حدوده، وتقل درجة حرارته عندما يصل الاتحاد الأوروبي؛ فالبرلمان الأوروبي يستطيع أن يتشدد، لكن الاتحاد الأوروبي لديه مصالح، وسيكون أكثر حذرًا في التعامل مع الملف، فيما قد تذهب السياسية الإيطالية بعيدًا في التصعيد.

والسؤال المطروح هنا هل تؤدي فرنسا دورا في تهدئة هذه الأزمة؟

** كيف سيكون الوضع في حال استمرار وتيرة هذه الأزمات، خاصة مع اقتراب انتهاء العام الثاني من ولاية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي؟

– قبل شهر سبتمبر/أيلول الماضي،تراجعت شعبية الرئيس السيسي في مصر، وعلى الأقل عند ما يسمى بـ”جبهة ٣٠ يونيو” التي انفرط عقدها، ولم يعد يقف إلى جوار النظام سوى الشرطة والقوات المسلحة، وبعض المنتفعين. هناك انصراف شديد، ولا أعرف إلى أي مدى سيحاول الرئيس أن يكسب المواقع التي خسرها.

لكن استمرار السياسة الراهنة خصوصًا إذا أُضيفت إليه الأعباء المنتظرة سواء في ملفات الأسعار أو رفع الدعم (عن عدد من السلع والخدمات) أو سد النهضة وغيرها الرئيس سيصبح في خطر شديد.

(تشكلت “جبهة 30 يونيو” كجبهة داعمة للسيسي بعد مظاهرات 30 يونيو/حزيران 2013 التي اتخذها قادة الجيش مبررا لخطوة الإطاحة في 3 يوليو/تموز من العام ذاته بـ محمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب ديموقراطيا في تاريخ مصر)

** هل يمكن القول إن أزمات المنطقة، بدءًا من الأزمة الليبية والسورية، واليمنية، وصلت النفق المظلم؟

إن أزمات المنطقة تعيش في النفق الظلم منذ سنتين أو أكثر.

والإشكال إنه يجب حسم هذه الملفات لحسابات القوى الدولية أولًا، وليس للمصلحة العربية علاقة بها؛ فكل بلد عربي مشغول بهمومه الداخلية.

** في رأيك، ما الذي يُعجل بنهاية هذه الأزمات في المنطقة؟

– عمر هذه الأزمات تحدده توازنات القوى في الداخل.

نحن أمام مشهد به ٣ عناصر توازنات القوى الداخلية، ومصالح دول الإقليم العربي، ومصالح الدول الكبرى. لكن الأرض هي الأهم إذا حصل تغيير عليها من الممكن أن يؤثر على مصير القضية.

** كان للرئيس المصري تصريحات حول ليبيا اعتبرها مراقبون تلميحًا لإمكانية التدخل العسكري، وهذا بعكس موقف مصر المعلن بشأن عدم التدخل؟

– في العلاقة مع ليبيا، مصر متدخلة منذ البداية، لسنا بحاجة إلى تنبؤ بالدور المصري في ليبيا، الذي هو جزء من المشكلة، وليس الحل؛ لأنه يغلب طرف على طرف (تساند مصر الحكومة التي انبثقت عن مجلس النواب في طبرق، شرقي ليبيا، في مقابل الحكومة التي تشكلت في طرابلس، غربي ليبيا، عن المؤتمر الوطني العام).

إن موقف مصر من ليبيا مفهوم، لكنه غير معلن؛ فالقاهرة حاضرة (في الأزمة الليبية) سواء بمخابراتها أو بقواتها أو بالقوة التي تدعمها.

** هل السيناريو في ليبيا أقرب إلى ما حدث سابقا في أفغانستان أم في العراق؟

– الوضع في ليبيا أقرب إلى أفغانستان. والمستقبل الليبي يختلف عن المشهد العراقي؛ لأن العراق يحكمه الصراع السني الشيعي، والتدخل الإيراني، وهو ما يختلف عن أفغانستان حيث أن الصراع هناك عرقي، أكثر منه مذهبي؛ وعليه فإن المسرح الليبي، وانفتاحه على ٧ دول أفريقية (لليبيا حدود معها) مرشح أن يكون أقرب لأفغانستان من العراق.

** بخصوص الأزمة السورية، ما توقعاتك لمستقبل النظام السوري؟

– لم يعد ممكنًا أن يتعايش نظام “بشار الأسد” مع الشعب السوري مع كل الدم الذي أريق في الحرب السورية، وعدد الضحايا أو المهاجرين (الذي نتج عنها).

هناك فرق بين اتفاق دول كبرى وبين ما يحدث على الأرض؛ فالشعب السوري لم يعد يحتمل هذا النظام، ويده ملطخة بالماء.

لا مستقبل للنظام السوري بعد كل ما حدث، لكن بأي ثمن يمكن أن يستمر، واستنادًا على أي قوى؟ هذا هو السؤال.

وفي كل حال فإن استمرار نظام الأسد في مستقبل سوريا هو وضع يتعذر قبوله إنسانيا أو سياسيا.

كذلك، من الصعب التنبؤ بمستقبل النظام السوري؛ خصوصا بعد أن تبين الآن أنه لا المعارضة قادرة على إسقاط النظام، ولا النظام قادر على كسر المعارضة.

** تم طرح فكرة محاصصة السلطة في سوريا كحل أكثر من مرة، فهل يمكن أن تنفذ على الأرض؟

– المحاصصة نظريا حل وسط ، لكنها أمام عنفوان وجبروت النظام السوري تبدو فكرة ضعيفة؛ لأن المجتمع ضعيف، فيه سلطة جبارة على عكس لبنان (المطبق به فكرة المحاصصة في الحكم بين السنة والشيعة والمسيحيين).

والفكرة، إذا استمرت ففرصتها ضعيفة في سوريا أمام قسوة النظام وخبرته العريقة في التنكيل بالمعارضين، كما أنه مدعوم بالروس، ومن مصلحته أيضًا الإبقاء على “داعش”؛ على اعتبار أن التصدي للأسوا يتطلب أولوية.

** وما سبب استمرار “داعش”؟

– إن استمرار تنظيم “داعش” في مصلحة أطراف كثيرة; فكل الأطراف التي تدعم النظام السوري يهمها استمرار هذه التنظيم؛ لأنه يشكل البديل الأسوا أو المخيف للغرب؛ فيبدو أمامه النظام السوري وكأنه أكثر لينا وأقل سوءا، وهذا لا علاقة له بقوة “داعش” أو ضعف مقاومته.

** متى يعود اليمن سعيدًا؟

– اليمن يواجه كارثة كبرى الآن (يقصد التمرد الحوثي الذي بدأ في العام 2014، وقاد إلى حرب أهلية لا زالت مستمرة حتى الآن)، وأظنه سيظل لسنوات ليست بالقصيرة.

لن نستطيع أن نتحدث عن سيناريوهات المستقبل، إلا بعد أن تنتهي هذه الصفحة.

لكنه سيحتاج لوقت طويل لإصلاح ما تم تدميره، وسيكون أشبه بقطاع غزة عقب العدوان الإسرائيلي عليها ( امتد لـ 50 يوما من 8 يوليو/تموز و26 أغسطس/آب 2014، وخلف آلاف القتلى ودمارها هائلا في القطاع).

** هل هناك تغيير ما في السياسة السعودية الخارجية في عهد الملك سلمان بن عبد العزيز؟

– السياسية السعودية تغيرت في الدرجة، ولم تتغير في النوع.

السعودية كما هي، وتركيباتها في الداخل كما هي، وحساباتها لم تتغير، وعلاقاتها ثابتة كما هي، لكن هناك جيل جديد ظهر في الساحة، وله لغة يعبر بها، وله حماس، وبعض الحسابات.

** هل يمكن وصف العلاقة بين الرياض وبيروت بعد قطع السعودية لمساعدتها العسكرية عن الجيش وقوى الأمن في لبنان بـ”الطلاق”؟

– يتعذر وصف هذا التطور بأنه طلاق (بين الرياض وبيروت)، لكنه أقرب إلى انفصال، تكون فيه فرصة الرجوع قائمة.

إن السعودية تبدو داعمة للسنة في لبنان، وتخوض معركتها ضد إيران هناك، وبالتالي الرياض لا تستطيع أن تخرج تمامًا من المشهد اللبناني.

هي فقط تعبر عن غضبها، وسخطها، وتحجب مساعدات، لكن تظل الجسور مفتوحة، وبعبارة أوضح: العلاقات السعودية اللبنانية عميقة بدرجة تحتمل الغضب، وليس القطيعة.

(كانت السعودية أعلنت، في 19 فبراير/شباط الماضي، إجراء مراجعة شاملة لعلاقاتها مع بيروت، وتضمن ذلك وقف المساعدات السعودية للجيش وقوى الأمن في لبنان؛ احتجاجا على “المواقف اللبنانية المناهضة للمملكة على المنابر العربية والإقليمية والدولية في ظل مصادرة ما يسمى حزب الله اللبناني لإرادة الدولة”، حسب بيان رسمي.)

** ما رؤيتك للعلاقة الحالية بين الرياض وحركة “حماس” الفلسطينية؟

– لم أر، فيما هو معلن، أي تغيير. يتردد أنه كانت هناك زيارة ستجريها حركة “حماس” إلى السعودية بعد زيارة الملك للقاهرة، وأن هذه الزيارة تأجلت لبعض الوقت.

لا أظن أن العلاقة بين حركة “حماس” والرياض كانت أفضل مما كانت عليه (في عهد العاهل السعودي الراحل) الملك عبد الله بن عبد العزيز (توفي في يناير/كانون الثاني 2015)، وليست بالدرجة الحميمية التي تمناها، أو راهن عليها قادة “حماس”.

** هل يمكن لأنقرة أن تلعب دور وسيط لدى الرياض بشأن حركة “حماس”؟

– نظريا نحن نتحدث عن تلطيف في الأجواء، وليس عن حل للمشكلات، وفرصة أنقرة في تلطيف الأجواء بين “حماس” والرياض أفضل من تلطيف الرياض للأجواء بين أنقرة والقاهرة.

كما أنه هناك حد من التفاهم مفتوح بين القاهرة و”حماس”؛ حيث أدرك الطرفان أن كل منهما بحاجة للآخر، وهذا الحد من التفاهم لم يعلن عن تفاصيله، كما أنه لم يغير شيئًا أساسيًا في المواقف؛ فمعبر رفح (المصري مع قطاع غزة) لم يُفتح كما تتمنى “حماس”.

على كل حال حركة “حماس” تحاول تهدئة خواطر القاهرة، وإقناعها بموقفها الأساسي، وأنه لا علاقة لها بأحداث (تفجيرات أو هجمات) حصلت في مصر، وخاصة في منطقة سيناء (شمال شرقي مصر).

** اليوم انطلقت “القمة الخليجية الأمريكية” في الرياض .. باعتقادك ما الذي ستسفر عنه هذه القمة؟

– الرئيس الأمريكي يحاول طمأنة الحكام الخليجيين بأن السياسة الأمريكية لاتزال داعمة ومساندة لهم؛ خاصة أن أمريكا تدرك أنها لم تعد اللاعب الوحيد في المنطقة، وأن روسيا فرضت نفسها كلاعب جديد؛ وبالتالي تحتاج واشنطن إلى استعادة النفوذ، وإلى أن تبرهن للآخرين أنها ليست غائبة عن المسرح، وأنها على تفاهم مع القوة الأخرى المتمثلة في روسيا.

** وهل سيقبل القادة الخليجيون بمجرد طمأنة من واشنطن هذه المرة في ظل مخوفهم من التمدد الإيراني في المنطقة؟

– قادة الخليج ليسوا في الموقف القوي. وهناك فرق بين التجاذب و التعاتب، وقادة الخليج ليسوا في موقف صدام مع الولايات المتحدة، وتظل العلاقة التاريخية (بينهم وبين واشنطن) ثابتة.
الأناضول


بواسطة : admin
 0  0  5320
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 05:29 مساءً السبت 20 أبريل 2024.