• ×

كاتب أردني :نظام التعليم السوداني عريق ..السودانيون في الجامعات الامريكية كانوا الافضل ..وفي الخليج هم المفضلون

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
السودانية ـ متابعات في مطلع الستينيات وعندما كان السباق الأميركي السوفيتي في استكشاف الفضاء ويوم تمكن الاتحاد السوفيتي من انزال اول مركبة فضائية على سطح القمر، نظر الرئيس الأميركي جون كنيدي يومها الى المستشارين وصناع السياسات في بلاده مستغربا ومتسائلا ما الذي دهى نظامنا التربوي؟

في ماليزيا وسنغافورة وايرلندا وكل المجتمعات التي استطاعت ان تتجاوز اوضاعها وتحقق نجاحات اقتصادية وعلمية مبهرة كان التعليم هو المدخل الذي اعتمده الساسة لتحقيق النهضة والتغيير. التعليم في التجربة الماليزية والسنغافورية والايرلندية وقبلها الالمانية واليابانية لا يتوقف عند إحصاء اعداد الذين نجحوا والقاء اللوم على الطلبة والاهالي في تدني مستوى التحصيل ولجوء البعض الى الغش، بل يتجاوزها الى هيكلة التعليم ومراجعة المناهج وتأهيل المعلمين وتحسين البيئة المدرسية وجاذبية المدرسة للطلبة واقبالهم على التفاعل الايجابي مع البرامج التي تستجيب لاحتياجاتهم وتراعي فروقهم الفردية وقدراتهم.

خلال السنوات الثلاث الماضية انشغل المجتمع الاردني باجراءات ضبط امتحان الثانوية العامة وفاق أعداد الذين يخفقون في كل عام أعداد من يحالفهم الحظ، ليخيم الاحباط على قرى وبوادي وحواضر الوطن وتتضاعف مآسي الاسر التي تصارع مشكلات البطالة وارتفاع الاسعار ورسوم التعليم وعشرات الهموم والقضايا التي اصبحت تحاصر الاسرة الاردنية.

مشاكل التعليم الأردني لم تعد تتعلق بعدد الذين لم يفلحوا او باعداد مخالفات الطلبة لقواعد الامتحان ولا زيادة اعداد المدارس التي لم ينجح منها احد بل اصبحت تمتد الى خارج حدودنا لتؤثر على صلاتنا ببعض الدول الشقيقة والصديقة.

مئات الطلبة الذين سعوا للبحث عن بلدان عربية وغير عربية للحصول على شهادة تسمح لهم باستئناف مسيرتهم التعليمية ورحلة الحياة التي اصبحت الشهادات جزءا من شروطها ومتطلباتها. المحاولات اليائسة لبعض الطلبة واسرهم دفعت نفرا منهم الى اللجوء الى وسائل غير مشروعة كالتي اعتاد البعض على ممارستها في مدارسهم قبل اتباع اجراءات الضبط الجديدة.

سلوك أبنائنا في الدول التي لجأوا اليها تعليميا اصبح محرجا لنظامنا التعليمي ومصدرا من مصادر التأثير على علاقاتنا الاخوية باشقائنا العرب. منذ ايام توجهت وزيرة التربية المصرية الى السودان لمعالجة مشكلة الغش التي تورط فيها طلبة مصريون ممن اختاروا ان يتقدموا لامتحان الثانوية العامة في السودان، وصرحت بعد عودتها عن تقديرها للنظام التعليمي في السودان واجراءات السلطات التعليمية السودانية الدقيقة والتي ترى الامتحان قضية امن قومي تسعى كافة الكوادر على حمايتها والحفاظ على سمعتها.

القاعدة القائلة بأن الاشخاص اليائسين يلجأون الى وسائل يائسة دون الالتفات الى القواعد والمعايير التي تحكم العملية وشروط التنافس التي تفرضها السلطات المعنية بإدارة الامتحانات. وضبط الاشخاص واكتشاف المخالفات شاهد على دقة الاجراءات وحزم القائمين عليها وليس العكس.

كان الاولى بنا ان نقيّم عملياتنا التعليمية وايجاد حلول تربوية لواقعنا الذي لا يرضي بدلا من إلقاء اللوم على البلدان الاخرى ونظمها التعليمية. نظام التعليم السوداني نظام عريق تمتد جذوره الى القرن التاسع عشر وهو صارم وجدي. في الجامعات الأميركية اتيح لنا ان نتعامل مع عدد غير يسير من الاشقاء السودانيين الذين كانوا يتفوقون على أقرانهم القادمين من العديد من الدول العربية وغير العربية. وفي الخليج العربي يتمتع المستخدمون السودانيون في ميادين الاكاديميا والقضاء والادارة العامة بسعة الثقافة وعمق التجربة والاستقامة والنزاهة التي تجعل منهم خيارا مفضلا للعديد من المجتمعات والمؤسسات المستقبلة والمستفيدة من خبراتهم.

النظام التعليمي الاردني يحتاج الى اعادة هيكلة ومراجعة وجراحة مفصلية تخلصه من الكثير من الهنات التي علقت به عبر العقود الاخيرة. ومن غير المعقول ان يستمر الطلبة الاردنيون في هذا العمر وهذه المرحلة رحلة البحث عن الشهادة في بلدان غير بلدهم.
ما يحدث اليوم مع طلبة الثانوية العامة من فشل وبحث عن مصادر بديلة لشهادات تمكنهم من الدخول للجامعات أو التخلص من عقدة الرسوب أمور تستدعي التوسع في اجراءات الإصلاح التي انصبت على ضبط اجراءات الامتحان وحماية الاسئلة ووقف الغش...بانتظار النتائج والتوصيات التي ستأتي بها اللجنة التي شكلت للنظر في واقع التعليم منذ ما يزيد على عام.

د. صبري الربيحات ـ الغد الاردنية


بواسطة : admin
 0  0  1961
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 04:25 مساءً الجمعة 29 مارس 2024.