• ×

الاناطين في الكورة و السياسة و المخابرات

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
السودانية لجوء الساحة الكروية في السودان لأعمال السحر والشعوذة قديم منذ الستينيات بشهادة أحد الإداريين القدامى المتخصصين في هذا الضرب من الممارسة المحرّمة، وانتشرت هذه الجرثومة حتى بين الأندية الصغرى بسبب ضعف الوازع الديني وضعف الثقافة الدينية، فمعظم اللاعبين لا يعرفون التحصين الشرعي للحماية من السحر، وأخيراً اوردت صحيفة «الجوهرة الزرقاء» خبراً جاء فيه انه تم العثور على لفافة تحمل طلاسم سحرية تحت احد الكراسي المحطمة باستاد الهلال، أما في القارة الإفريقية فقد اشتهرت باستخدام أعمال السحر في ملاعب كرة القدم ربما لحب وعشق جماهيرها لكرة القدم بجنون، فالأندية تلجأ لهذا الحل الجبان والكسول كما يلجأ إليها الأفارقة أيضاً على مستوى المنتخبات، وأوردت صحيفة «الأهرام» المصرية في عدد سابق تقريراً عن عدد من حالات السحر والشعوذة في إفريقيا عام 2002م، وأشارت إلى أنه في مباراة بين نيجيريا وكينيا حينما رفضت نيجيريا حضور ساحر كينيا مباراة الفريقين في تصفيات كأس العالم وفازت نيجيريا بثلاثية نظيفة أكدت كينيا أن هزيمتها بسبب عدم وجود الساحر، وفي العام نفسه أيضًا اكتشف مراقب مباراة مصر والسنغال بتصفيات كأس الأمم الإفريقية وجود حقيبة موضوعة أسفل مقاعد البدلاء للمنتخب المصري، وبفتح الحقيبة تبين أنها كانت تحتوي على عظام حيوانات وبعض الأعشاب وقصاصات ورق مكتوبة بلغة غير مفهومة، وقيل إنه «عمل» على الطريقة الإفريقية.
وفي عام 2010م عندما نظمت جنوب إفريقيا نهائيات كأس العالم لأول مرة في تاريخ النهائيات أن تستضيف دولة إفريقية كأس العالم، وافتتحت كأس العالم على الطريقة الجنوب إفريقية بذبح ثور أمام الملعب الذي يحتضن مباريات أكبر تظاهرة كروية، وأكدت التقارير أن نحو «300» ساحر من كبار المشعوذين بجنوب إفريقيا قاموا بتحضير أرواح الأسلاف ليطلبوا منهم رعاية المونديال بالسحر، ومع ذلك لم تفز جنوب إفريقيا بالبطولة رغم الجيش الجرار من السحرة والمشعوذين.
لكن يبدو بالفعل أن المصريين يُعطون موضوع السحر في القارة السمراء اهتماماً جاداً، ففي البطولة الإفريقية التي فازت بها مصر قبل سنوات قليلة عمد مدرب الفريق حسن شحاتة لذبح ثور وتوزيعه للفقراء هناك بغرض صد الأعمال الشريرة الناتجة عن السحر، كما اتهم اللاعب المحمدي الغانيين باستخدام السحر بعد تلقي المنتخب المصري أخيراً هزيمة ثقيلة وغير متوقعة، لكن دائماً ما ينجح اللاعبون المصريون في هزيمة هذه الظاهرة بمعرفتهم بثقافة الشرعية، بيد أن مدرب غانا غوران ستيفانوفيتش قال في تصريح سابق لهذه المباراة: «إنه منذ سنين وإلى يومنا هذا مازالت الفرق الإفريقية تلجأ إلى السحر والسحرة والمشعوذين طلبًا للمساعدة أو لزعزعة الفريق المنافس، لكن حتى في الكرة العالمية فهي ليست بعيدة تماماً عن مفاهيم السحر وإن كان بدرجة أقل كثيراً من إفريقيا، فهناك حديث بأن السحر قد استُخدم لأول مرة في مباريات كأس العالم في بداياته عام 1934م والذي فازت به دولة أرغواي، أما على صعيد اللاعبين فنجد أن المدافع الإنكليزي جون تيري اعترف عام 2005م بأنه يمارس ما لا يقل عن خمسين معتقدًا من المعتقدات الخرافية.
أما الاتحاد الإفريقي لكرة القدم «كاف» فلم يعد يسمح بوجود ما يسمى الأطباء السحرة داخل غرف مغلقة، إلا أن الكاف يرى أيضًا أن السحر الأسود الذي يرافق الكثير من المنتخبات أو الفرق الإفريقية ظاهرة متأصلة داخل الثقافة، مما يجعل منعها أمرًا شبه مستحيل.
أما في عالمنا العربي فقد قالت صحيفة «الأنباء» الكويتية: «إن نادي الوصل قام على سبيل المثال وليس الحصر أخيراً بإذاعة آيات من الذكر الحكيم لأحد المشايخ الكبار في مكبرات الصوت لمدة ثلاثة أيام متتالية في ملعب الكرة الرئيس، لتحصينه وطرد الأعمال والشياطين.
السياسة الغرق في أتون السحر
أما السياسة فهي غارقة أيضاً في عالم السحر والسحرة، وقد عرف كثير من الرؤساء والسياسيين التعامل مع هذا العالم غير المرئي، ويقال ان الرئيس السابق حسني مبارك كان يهتم بالسحر والتنجيم، ويقال ان ساحراً في السودان قبل ان يتولى الحكم تنبأ له بالصعود إلى سدة الرئاسة في بلاده بحسب احد الكتاب المصريين. وقال الكاتب: «ان مبارك عندما كان نائباً للرئيس كان يتردد على عرافة في منطقة مصر الجديدة التي تنبأت أيضاً بأنه سيتولى الحكم بعد ان تسيل الدماء، وهو ما قالته له منجمة فرنسية بعدها بأنه سيحكم مصر بالدم، وهذا ما حدث بالفعل في حادث المنصة الذي راح ضحيته السادات وتولى بدلاً منه مبارك رئاسة البلاد.. ولم يكن إيمان مبارك بالعرافين يقتصر على من هم بداخل البلاد، ففي عام 1982 كان مبارك في باريس حين أحضر له الدكتور بطرس غالي منجمة فرنسية كانت شهيرة في أوساط الدبلوماسيين، وقالت المنجمة لمبارك ضمن نبوءات أخرى كثيرة ستموت في السنة التي تعين فيها نائباً لك، ويبدو أن هذا هو السبب الرئيس الذي جعل مبارك يرفض طيلة حكمه تعيين نائبا له»، ويقول العقيد طيار صالح منصور العبيدي، أحد المنشقين المنضمين لصفوف الثوار: «إن القذافي يستدعي السحرة الأفارقة من دول مالي وموريتانيا ونيجيريا وغامبيا والمغرب، الذين يشتهرون بقوة السحر، وينفق عليهم أموالاً باهظة من أجل إنقاذ حكمه ومساعدته للتغلب على الثوار، كما يقوم بإرسال الكهنة من السحرة إلى ساحة القتال لقراءة الكثير من الطلاسم السحرية على جنود القذافي للسيطرة عليهم بالسحر حتى لا ينشقوا عنه».
أما سياسي السودان فلم يكونوا بعيدين عن عالم السحر فقد نقلت العديد من الصحف بعض الأخبار الطريفة في هذا الجانب، ففي العام الماضي نقلت صحيفة «الإنتباهة» أن مسؤولاً استنفر اهله للبحث عن مائة ضب لاستخدامها في عمل سحري يبقيه في منصبه، كما ذكرت الصحيفة في وقت سابق أن أحد المسؤولين في موسم التغييرات الدستورية استعان بساحر في منزله من أجل ابقائه في منصبه، وطفق الرجل يلبي طلبات الساحر في كل مرة لشراء بعض المستلزمات من السوق، بينما شوهد دخان البخور يتصاعد عالياً من النوافذ.
عالم المخابرات والبحث عن الأسرار
والتعامل مع السحر ليس قاصراً على السياسيين والرياضيين، فقد عرفت المخابرات العالمية بالتعاطى معه مثل المخابرات الأمريكية وخاصة جهاز المخابرات الإسرائيلي «الموساد»، ويقول احد الخبراء في المجال التوثيقي إن الساحر الشهير جيلير له علاقة بكل من كبار ساسة إسرائيل، والتي وصلت إلى حد ثقتهم في قدراته، ومن ثم تزكيته إلى وكالة المخابرات المركزية التي قامت بتنجيده. ويقول الباحث رالف ج. جلاسون بحسب كاتب عربي: «ان المخابرات الأمريكية في سياق ما يعرف بعملية ماكالترا قامت رصد ميزانية بعض من مشروعات وكالة المخابرات المركزية لدراسة استخدام الوسطاء، حيث دعت لدراسة علمية لاستخدام الروحانيين في تنفيذ المهام الاستخباراتية. وكان هذا العمل إنشاء معهد ستانفورد للبحوث في ميلانو بارك، في كاليفورنيا، والذي عني بدراسة الباراسيكولوجي برعاية وكالة الاستخبارات المركزية والبحرية ووكالة استخبارات الدفاع. وتم توزيعها سراً على مشروعات الدفاع عالية التقنية، بتمويل حكومي يتجاوز «70» مليون دولار سنوياً. كما يعد هارلود شيبمان حلقة الاتصال الرئيسة في تمويل مهمة معهد ستانفورد للبحوث التابع لوكالة المخابرات المركزية، والذي خدم في إندونيسيا وكوريا والفلبين ولاوس وفيتنام، ويتم إجراء الاختبارات والتجارب السحرية داخل معهد ستانفورد للبحوث ويختصر SRI ويسمى حالياً، ومن اشهر البرامج التي تم تطبيقها ماكالتر اسم رمزي لأحد برنامج أبحاث السيطرة العقلية لوكالة المخابرات المركزية، يديره مكتب الاستخبارات العلمية، وتم تدشينه في 3 أبريل 1953».
كما تقوم العديد من أجهزة المخابرات في المنطقة بالتعامل مع السحرة لفك شفرة القضايا الغامضة التي تواجههم، فهم عندما تساورهم الشكوك حول شخص معين ولم يجدوا بعد المراقبة اللصيقة والطويلة له ما يعزز تلك الهواجس، بيد أن خطورة هذا المنحى أن السحرة من أجل كسب المال عادة ما يبقون هذه الشكوك موجودة على الدوام لضمان استمرار ما يتقاضونه من مبالغ مالية كبيرة منهم، فهم إما يلجأون للكذب المستمر باختلاق بينات ظرفية وهمية ومتعددة أو بسحر العناصر الاستخبارية نفسها حتى تتم السيطرة عليهم وبالتالي مزيد من الابتزاز .
الاغتيال بالسحر
لكن إذا كانت للسحر استخدامات متعددة في عالم السياسة والمخابرات، فهل يمكن ان يستخدم في عمليات القتل؟ وتقول رئيس الأكاديمية التلمودية العليا الحاخام بنياهو شموئيلي، أن ثلاثة حاخامات أكدوا أنهم قاموا بتصفية الرئيس المصري جمال عبد الناصر عام 1970م عن طريق السحر، وهم إسحق كدوريو وشاؤول داود ويوسف زاروق.
وأضافت بنياهو، أنه تم اغتياله باستخدام «100» مسمار صلب، حيث غرسوها في قلب بهيمة وهم يرددون بعض الكلمات المبهمة مع كل مسمار يغرسونه، وفي النهاية وضعوا قلب البهيمة على النار حتى تفحم تماماً وصار أسود اللون، وبعد ذلك دفنوه، وأعلنوا، لتلاميذهم أن «عبد الناصر مات».
السحر هل هو وقود للانتفاضات الشعبية؟
غير أن من عجائب ما يقوله اصحاب التأثير الخرافي لأعمال السحر، هو أن بعض الدول في المنطقة العربية تستخدم السحر لقمع الانتفاضات الشعبية، ويقول أحد الكتاب العرب بثقة كبيرة: «إن ما يحدث من الثورات في العالم سببه الرئيس هو أعمال السحر الذي تقوم به بعض تلك الدول بواسطة سحرة كبار بعمل سحر يسبب الفوضى ويهيج الناس من غير أن يشعروا في بلدان أعدائهم، ويسلط عليهم ملايين الشياطين حتى يخلعوا الملوك والرؤساء عن عروشهم وتعم الفوضى ولا يستقيم الأمر لأحد أبداً»، ويستطرد الكاتب قائلاً: «والمتتبع لما يجري في الربيع العربي يرى بوضوح أن كل دولة قامت فيها ثورة قد عمت فيها الفوضى ولم يستقم الأمر بعدها لأحد أبداً، كلها بلا استثناء، ويذكر أنه في إحدى البلدان خرجت مظاهرة ضد زعيم ما ثم ما لبثت الأصوات أن خمدت وتفرق الناس من أنفسهم ولم تقم لهم بعد ذلك قائمة، وذلك بسبب وجود سحر مفرق في زوايا العاصمة الأربع مهمته إفشال أية معارضة ووأدها في مهدها» ثم يتساءل الكاتب قائلاً: «أو ليس غريباً مثلاً أن العالم كله تنتشر فيه الفوضى حتى في أوربا إلا بعضاً من الدول المعدودة على الأصابع ومنها إسرائيل، ألا يثير ما يحدث في العالم اليوم أسئلة كثيرة في النفس لماذا تنعم إسرائيل بالأمن وكل الدول التي حولها تدمر من الداخل، أو ليس هذا يشير بوضوح إلى اكتشاف اسرائيل لسلاح أشد فتكاً من جميع أسلحة الدمار الشامل في العالم، وهو سلاح السحر الأسود العظيم ونحن عنه غافلون، والبعض من فرط جهله يسخر حتى من الفكرة نفسها ويعتبر أن هذا كله مجرد خزعبلات لا تمت إلى العلم بصلة».
السحر بديلاً للرصاص
وفي وقت سابق قامت القوات الأمنية السعودية بحسب المصادر الإعلامية باعتقال ساحر بين جبلي دخان والدود بالمناطق الحدودية بين السعودية واليمن التي شهدت تسلل عناصر من الحوثيين، بحسب تقرير لصحيفة «عكاظ» السعودية الأحد 15/11/2009م. وتعامل رجال الجيش في بداية الأمر مع الساحر على أنه من الهاربين من تعذيب عصابات التسلل، ولكن بعد تفتيشه عثر معه على طلاسم وأوراق تحوي رموزاً سحرية وبقايا حيوانات. واعترف المتسلل الساحر بأنه كان ينوي زراعة الطلاسم والأعمال السحرية في أرض المعركة زاعماً أنها تساعد عصابات المتسللين.
وفي ألمانيا في عهد النازية اشتهر هتلر باهتمامه بالتنجيم والنبوءات، ويقال إنه بحسب مصادر تاريخية تأثر بأعمال هيلينا بلافتسكي المشعوذة التي ولدت في اوكرانيا عام 1813م، واصبحت لاحقاً عميلة في الاستخبارات البريطانية، كما تأثر هتلر بكتاب العرق الآري الذي يروى كحقيقة عن حضارة تعيش في باطن الارض اكتشفت قوة سحرية تصنع المعجزات هي قوة «فريل» تعرف لدى الهندوس بقوة الافعى، وهي قوة الدم، وترتبط ببنية الجسد الجينية وتساعد على الانتقال البعدي، وتجعل الشخص قادراً على ان يصبح من الاشخاص فائقي القدرة وصانعاً للخوارق بالاعتماد على تعاليم السحر، وهذه القوة السحرية «فريل» تم استخدامها في معظم جمعيات السحر.
استخدام السحر في الانتخابات
ويبدو أن قدرة السحر الخارقة التي تتم بالطبع بإذن الله قد اغرت بعض الدول في تطويع الأعمال السحرية بالتلاعب في عمليات الانتخابات، ويشير أحد الكتاب في الشبكة العنكبوتية إلى أن السحر تم استخدامه في الانتخابات الرئاسية التي جرت في رومانيا في شهر ديسمبر من عام 2009م، حيث اتهم رئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي مير سياغويانا الذي خسر الانتخابات الرئاسية أمام منافسه ترايان باسيسكو، وقال ان الأول استخدم السحر والشعوذة لتحقيق الفوز واستخدام خبراء يتمتعون بقدرات خارقة وظفها لتحقيق الفوز، وأيدته رئيسة الصليب الأحمر في رومانيا. وهو أمر إذا نجح بالفعل فهو يغني الدول القابضة من اللجوء لعمليات التزوير والتلاعب المختلفة في عمليات الاقتراع الانتخابي، فلن يتمكن الناخبون ولا مناديب المرشحين ولا المراقبين المحليين ولا الدوليين من رؤية ايادي الجن تمتد إلى الصناديق تعبث وتحول وتبدل وتخرج كما يريد الساح ، أو على الأقل تحجب الرؤية الصحيحة من كل المتابعين، بحيث تمكن المزورين من اتمام عمليات التزوير بسهولة دون ان يتنبه لهم أحد.
السحر والإسلام
تقول الروايات أن يهودياً سحر الرسول صلى الله عليه وسلم، واخبره جبريل بمكان السحر، ثم قام برقية الرسول بالمعوذتين، فشفى من السحر عليه السلام، ونهى الرسول صلى عليه وسلم من اتيان الكهنة والسحرة، بل أن السحر يعتبر من الكفر والكبائر وفق القرآن والسنة الشريفة، وأن الضرر لا يحدث إلا بإذن الله تعالى «فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرّقُونَ بِهِ بَيْنَ المرء وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَارّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ الله»، ومع ذلك فإن تضخيم أعمال السحر من قبل البعض لن تتوقف، كما أن المنكرين أو على الأقل المتشككين في حدوث الضرر بالسحر سيستمرون في قناعاتهم، والحل هو بالطبع الاحتكام للكتاب والسنة بعيداً عن الهواء والتأثر بمخرجات العصر المادية الرافضة للغيبيات وتأثيرها غير المرئي.

الانتباهة


بواسطة : admin
 0  0  2097
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 12:17 مساءً الجمعة 19 أبريل 2024.