• ×

هل نحن من يدافع عن الباطل ؟

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
في مقال الخميس الماضي فنّدنا بالأدلّة الدامغة فرية أن المستشفيات الخاصة المملوكة لوزير الصحة مأمون حميدة تحظى بالحماية من الإغلاق، وكشفنا أن بعض المستشفيات الكبرى غير تلك المملوكة لحميدة غُرّمت وأنذرت أكثر من عشر مرات ولم تغلق، لكن عين الرضا لا ترى عوارها، أما عين السخط المبغضة لحميدة فإنها تضخم صغائره وتتمنى لو تخسف به وبمستشفياته الأرض.
نعرض اليوم لبقية جزئيات الحملة على الرجل الذي لا أعلم والله العظيم حتى الآن سر تلك الحرب الشعواء التي يشنها البعض عليه دون غيره من خلق الله رغم أنه لم يسع إلى المنصب الوزاري وإنما جيء به إليه وفرض عليه فرضاً من رئيس الجمهورية بعد أن رفضه مراراً وتكراراً.
أعجب والله من الأخ مزمل أبوالقاسم الذي لم يكتف بتولي كِبر تلك الحملة على مأمون حميدة بدون أن يكشف لنا السر (الباتع) الذي جعله يخوضها بتلك الشراسة، إنما ذهب إلى أبعد من ذلك لينكر علينا أن نرى غير ما يرى وأن ندافع عن مأمون، بل وليتهمنا بعنوان جارح وصادم يقول فيه : (الطيب يدافع عن الباطل)!.
يا سبحان الله ! ..أندافع عن الباطل نحن الذين ما استقلنا من خدمة الحكومة إلا احتجاجاً على باطل رأيناه يتمطى أمامنا ويتبختر مملياً سياساته وخروقاته علينا وعلى الدولة؟!. أندافع عن الباطل نحن الذين خضنا المعركة الأكبر من خلال هذه الصحيفة ضد الفساد ودفعنا ثمن ذلك إيقافاً وتضييقاً لا نزال نعاني من تبعاته؟!. أكل ذلك لأننا قلنا كلمات في حق مأمون حميدة شهدنا فيها بما نعلم عن استقامته وعن عطائه الوطني، وعبرنا فيها عن دهشتنا لما يتعرض له من حملة منظمة تسعى لاغتيال شخصيته ودمغه بما لا ينبغي أن يلصق به من اتهامات باطلة؟.
كان من الممكن أن أقول (وأنا مالي) على غرار من يحبون السير (جنب الحيط) خوفاً من كلمة طائشة يمكن أن تنال منهم في أمر لا ناقة لهم فيه ولا جمل، ولكن الأمر الرباني بأن نقيم الشهادة لله هو الذي أقحمنا في القضية، فكما خضنا المعارك الطاحنة ضد الفساد نخوض معركة أخرى لصالح أحد رموزنا الوطنية التي تتعرض لأحاديث الإفك والبهتان، وأقولها بصدق إننا لن نجامل مأمون حميدة ولا غيره متى ما تبين لنا خطأ ما كتبناه دفاعاً عنه، وسنرجع إلى الحق الذي آلينا على أنفسنا أن ندور معه حيث دار .
صحيح أن الأسلم ألا يعين من تتضارب مصالحه الشخصية مع مسؤوليته التنفيذية، وهذا ما يعرف بتضارب المصالح ( conflict of interest) ولكن هل عيّن حميدة نفسه في المنصب الوزاري أم أنه فرض عليه ذلك، ثم هل وظّف منصبه لتحقيق مصالحه الشخصية أم أنه كان متجرداً يحذر مسؤولي وزارته من أية معاملة خاصة له كما أقسم بعضهم لي؟
لقد عُيّن مأمون حميدة في منصبه ثقة في قدراته وخبراته التي أثبتها من خلال تاريخه وأدائه الناصع بالتميز والإنجاز، ولكنه واجه تحديات كبيرة أذكر منها على سبيل المثال لا الحصر الصراع المحتدم بين وزارة الصحة الاتحادية والولائية وهو صراع قديم متجدد رأينا جانباً منه في التنازع بين المجلس القومي للأدوية والسموم والذي حسم أخيراً بأيلولة الإشراف على الصيدليات لولاية الخرطوم، وكذلك أيلولة المستشفيات الاتحادية لوزارة الصحة بولاية الخرطوم ،ذلك يكشف جانباً مما أورده مزمل، حين قال إن وزارة الصحة ولاية الخرطوم لا تصرف غير (47) صنفاً من مجمل (196) دواء للطوارئ، وهو ما يفصح عن التضارب بين أرقام وزارة الصحة الاتحادية والأرقام التي أوردها د. حسن بشير مدير الدواء الدائري، الذي نفى ما ورد في خطاب الصحة الاتحادية، ولكن مزمل الناظر بعين السخط والباحث عن الثغرات في (وزارة مأمون) لا يصدق إلا الصحة الاتحادية.
تبرير آخر ساقه الدواء الدائري بوزارة الصحة بالخرطوم لسحب أدوية الأطفال دون سن الخامسة والتي تعمل بمنطق مختلف عن منطق الصحة الاتحادية، وذلك يحتاج إلى شرح طويل ولا ينبغي أن نأخذ بمنطق الصحة الاتحادية ونغمض أعيننا عن الصحة الولائية لمجرد أننا على خلاف مع حميدة.
اعتمد مزمل تقرير المراجع العام الذي أفتى ببطلان عقد جامعة مأمون حميدة مع وزارة الصحة لكنه تغافل عن إبطال نيابة المال العام دعوى وزارة الصحة الخرطوم ضد جامعة مأمون حميدة والتي استندت على تقرير المراجع العام، كما جزم مزمل بأن (وزارة مأمون) خصصت المستشفى الأكاديمي كطواري للمستشفى الأكاديمي وهذا ليس صحيحاً لأن مأمون أصدر قراراً منذ يوليو 2015 بضم صيدلية التميز للدواء الدائري التابع لوزارة الصحة بالخرطوم.
ليت مزمل يكف عن الإثارة بتكرار عبارة (الوزير المستثمر) في كل فقرة من فقرات مقاله حتى لا يؤكد تحامله فمن يبحث عن الحق لا ينبغي أن ينزلق بكلياته في تعمد أسلوب التجريم والتخوين .
ربما كان توجه الوزير حميدة لنقل الخدمات إلى الأطراف وإلى حيث يقيم الناس اتساقاً مع توجيه منظمة الصحة العالمية مما جر عليه اعتراضات كبيرة من قطاعات مختلفة في البلاد خاصة من بعض كبار الأطباء بالرغم من أن ما أقدم عليه الرجل توجه عالمي يشمل كل الخدمات، وهل يزرع الأحقاد وينشر الصراعات غير إهمال الريف وتركيز الخدمات في المدن الكبرى؟.
لا أزال أذكر كيف كانت المتمة ، حيث وُلد خمسة من أبنائي ، وكل منطقة غرب شندي تعاني قبل قيام كبري شندي المتمة، وكيف كانت بعض الحوامل يفقدن حياتهن جراء توقف البنطون في السادسة مساء مما يحول دون انتقال الحالات الحرجة ليلا إلى شندي أو الخرطوم .؟

بواسطة : الطيب مصطفي
 0  0  8809
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 12:37 صباحًا السبت 20 أبريل 2024.