• ×

لا للإلغاء ..نعم للتشريع المواكب

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
“الحكمة هي صاحبة الشريعة وأختها في الرضاعة” .. ابن رشد ..!
دانيال بايبس، الكاتب المعادي للإسلام – والذي انتقد علانية تضمين أوباما اسم جده (حسين) في مراسم حفل تنصيبه للرئاسة، ومؤلف كتاب (الأيدي الخفية .. ومخاوف شرق أوسطية من المؤامرة)، ومبتكر مصطلح الرعب الإسلامي … إلخ له مقال شهير بعنوان (الاقتصاد الإسلامي .. ما الذي يعنيه)..! جاء فيه أن الاقتصاد الإسلامي هو الآن قوة لا يستهان بها مع زيادة عوائد النفط، وتعدد وتضاعف الآليات المالية الإسلامية .. مثل القروض العقارية .. بدون فوائد.. أو سندات الصكوك .. ولكنّ الآليات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية لا تستطيع أن تتحدى النظام المالي الدولي.. وقد قلل الكاتب من شأن تاريخ الاقتصاد الإسلامي مستشهداً بكتاب تيمور كوران الذي وصفه بالنظام المبتكر الذي اخترعه بعض علماء الإسلام في بواكير القرن الماضي..!
فـ الاقتصاد الإسلامي كمبحث علمي أكاديمي انطلق في منتصف الستينات، ثم اكتسب قوة بسبب ارتفاع أسعار النفط في السبعينات … لكنه فشل في تحقيق أهداف قيامه من إلغاء الربا، وتحقيق مبدأ المساواة الاقتصادية، وتأسيس أخلاقيات عمل شرعية.. ولا يوجد مكان في العالم قد تم تطهير معاملاته الاقتصادية من الفائدة، ولا تتمتع الأسلمة الاقتصادية بتأييد ودعم جماعي في أي مكان في العالم، ولم يتحقق – “في أي مكان” -هدف تخفيض أو تقليص عدم المساواة عن طريق فرض ضريبة الزكاة .. كما لم يكن لتجديد التأكيد على المبادىء الأخلاقية الاقتصادية أي تأثير يُمكن حسابه على السلوك الإقتصادي المعاصر في البلدان الإسلامية بسبب التضارب والصراع القائم بين بعض عناصر جدول الأعمال الاقتصادي الإسلامي وبين طبيعة عمل الاقتصاد العالمي .. وكل ذلك بحسب رأي السيد بايبس بالطبع – ..!
وعليه فمن المحتمل كما يرى هو- أن يتسبب الاقتصاد الإسلامي في زعزعة استقرار الاقتصاد العالمي إذا استمر الإصرار على تحريم دفع أو استلام الفائدة، وهو بهذا يشكل أهمية إقتصادية تافهة .. لكنه يمثل خطرًا سياسيًا كبيرًا ..! وقد رد عليه الكثيرون مستشهدين بموقف الرسول صلى الله عليه وسلم عندما هاجر إلى المدينة ولاحظ هيمنة اليهود على سوقها، فأمر ببناء سوق خاص بالمسلمين بلا أتاوات.. فضلاً عن استشهادهم بكتب الفقه الإسلامي التي ضمت تفاصيل أحكام المعاملات والعقود والبيوع .. وكيف أن بعض خبراء الاقتصاد العالمي الذين واكبوا علم الاقتصاد الإسلامي، وعاصروا نشأة البنوك الإسلامية بصورتها النهائية الحديثة قد تساءلوا بجدية وخطورة عن سراب أخلاقية الرأسمالية الغربية ..!
مدللين بأمثلة حية تثبت اللجوء الغربي إلى الاقتصاد الإسلامي .. كقرار الهيئة الفرنسية العليا للرقابة المالية إبان الأزمة الاقتصادية العالمية – والذي قضى بمنع تداول الصفقات الوهمية والبيوع الرمزية التي يتميز بها النظام الرأسمالي، واشتراط التقابض في أجل محدد بثلاثة أيام لا أكثر من إيرام العقد، وهو ما يتطابق مع أحكام الفقه الإسلامي.. كما أصدرت ذات الهيئة قرارًا يسمح بالتعامل مع نظام الصكوك الإسلامي في السوق المنظمة الفرنسية، وهكذا… إلخ. وكل هذا جميل وعميق .. ولكن ..!
بعيداً عن منطق دانيال بايبس المتحامل، وبمنأى عن تشدد بعض الاقتصاديين الإسلاميين .. فقه معاملاتنا المالية الذي تستند إليه الرقابة الشرعية على المصارف يحتاج إلى تطوير منهجي، وإلى تشريعات مواكبة لمستحدثات العصر.. على سبيل المثال لا الحصر.. لا يختلف عاقلان حول أن السبب الرئيس في رواج سوق (الكسر) وما شابهه من وجوه الربا المحرم هو صرامة الرقابة الشرعية على معاملات البنوك إلى درجة انطباق مثل (التركي ولا المتورك ) عليها (والمتورك هنا هو نظام البنوك (السعودية) حيث فقه معاملات البنوك على مذهب أرض الحرمين ..!

بواسطة : مني ابوزيد
 0  0  9082
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 10:42 صباحًا الجمعة 29 مارس 2024.