• ×

صدى

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
صدي

«يا ريت ... يا ريت...!!

امال عباس

٭ تغمرني لحظات من الاكتئاب والتشتت .. تعجز القراءة عن اخراجي منها.. وساعتها ألجأ الى الموسيقى والى الاغنية والى جهاز التسجيل في كثير من المرات، وانجح في طرد تلك اللحظات التي يقودني اليها الواقع قسرا، وابدأ من جديد رحلتي مع الامل الذي اتمسك به حد التطرف.
٭ ادرت جهاز التسجيل واذا بي مع قارئة الفنجان التي وضع كلماتها نزار قباني.. استمعت اليها بصوت عندليب الشرق عبد الحليم حافظ.. الموسيقى اخذت تؤدي دورها في اعصابي المشدودة وذهني المشتت ما بين المستقبل الغامض لمسار السياسة في هذا البلد المعيون.. السياسة ما بين اهل الانقاذ الذين تمدد حكمهم حتى تجاوز العقدين من الزمان.. حكمهم الذي اذاق الشعب السوداني ألوانا من العذاب ما كانت على بال ..ومهما تحدث الناس عن الكباري الطائرة والراكة وشوارع الاسفلت الافعوانية، الا ان الانسان هو الاهم.. واية تنمية لا تتم فيها المعادلة العادلة بين الانسان واحتياجاته الضرورية والشوارع والكباري.. تصبح تنمية ناقصة وتنمية معذبة... وبين اهل المعارضة التي اصبح امرهم جالبا للحيرة الكاملة .. فهم في شغل شاغل ما بين المغالطات واللقاءات الخاوية ومصطلحات الصادق المهدي التي تبدأ بالمشاط ابو قمل وتنتهي بالجهاد المدني.. المصطلحات التي اتت بها بمثلها مصطلحات نافع وغيره من اهل الحكومة.. لحس الكوع وآخر جملة قالها وزير الدفاع «نمسح ونكسح»..!
٭ وكعادتي رحت مع كلمات الاغنية:
جلست والخوف بعينيها
تتأمل فنجاني المقلوب
قالت يا ولدي لا تحزن
فالحب عليك هو المكتوب
فنجانك دنيا مرعبة
وحياتك اسفار وحروب
٭ انفصلت عن الكلمات وذهبت بعيدا عن قراءة الفنجان الى عالم المنجمين.. تذكرت حارسي النجوم في قصة سالي فوحمر لأديبنا الراحل جمال محمد حمد حسين ... الى ان تمرد «فارلماس» بقوة الفن وسحر الكلمة والنغمة وانقذ عكاف وبقيت قصة حية لسالي..
٭ استعرضت في ذهني الانسان في التاريخ القديم حين كان يعيش مستسلما للمنجمين قراء الطالع.. بل مر التاريخ بفترة كان فيها المنجمون هم الذين يحكمون العالم كما في مملكة «كوش» فكل حاكم او رئيس قبيلة او زعيم شعبي يكون بجانبه دائما منجم يفرض كلمته عليه بما توحي به اليه قراءة النجوم، الى ان ارتقى العقل البشري واقتنع بأن المنجمين ليسوا سوى قوم اذكياء يستغلون اعتزاز الانسان بقوته او خوفه من ضعفه ويستغلون احلامه واطماعه وشهواته كما يستغلون ما يعانيه ليضعوا امامه صورا لمستقبل يختارونه ويقذفونه به..
وتطور الانسان واصبح ايمانه اقوى من خياله.. وواقعه اقوى من اوهامه وساعتها استطاع ان ينعتق من استعباد المنجمين وقراءة المستقبل وآمن بأنه لا يمكن كشف الغيب من خلال التطلع الى النجوم او من خلال قراءة الكف او اللعب بأوراق «الكتشينة» او القراءة في بقايا فنجان قهوة احتسيته في لحظات ملل ..
٭ ولكن مع ذلك ما زالت هناك بقية من التمسك بالاهتمام لمعرفة الطالع ومحاولة كشفه.. تسيطر على الانسان.. ذلك الكائن اللغز تجاه اللغز الاكبر الحياة .. ولكنها حالة نفسية تتطلب سماع الكلمة الحلوة.. كلمة يستبشر بها كما يستبشر بشروق الشمس او بتفتح زهرة او وردة. كلمة تجعله يقبل على عمله وهو مرتاح نفسيا وعصبيا دون ان يكون لهذه الكلمة اثر مباشر على فكره الذي يخطط به حياته.. وهي حالة تشمل كل الناس.. مجرد استبشار.. اي حالة نفسية لا علاقة لها بالواقع.. ولكنها تصل حد الخطورة اذا سيطرت على صاحبها وجعلته يستسلم لذلك العالم.
٭ افقت من رحلتي هذه لأجد عبدالحليم حافظ فرغ من اغنية : «قارئة الفنجان»..! وبدأ ترباس في اغنية «يا ريت» . واستطعت ان اواصل قراءتي.. في كتاب .. «منبع اصول الحكمة» تأليف الامام الكبير والحكيم الشهير ابي العباس احمد بن علي البوني..
هذا مع تحياتي وشكري

الصحافة

بواسطة : امال عباس
 0  0  3211
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 01:47 صباحًا السبت 20 أبريل 2024.