• ×

متوكلون ؟ نعم ..!

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
استاذ اسحق
> فيك مذاق كاتب التاريخ.
> لماذا لا تكتب التاريخ.
(د. عمر)
> دكتور.
> لو كنت من جيلنا لظننا أنك قرأت (بوزويل) لـ.. (بن جونسون) أو قرأت (يوم في حياة ايڤان دينسوفتش) - الرواية - التاريخ - التي وقف الناس طوابير أمام الأكشاك لقراءتها.. يوم صدرت في موسكو.
> و.. التاريخ هناك تاريخ ـ لأنه يقص الأحداث (رأسيا)!.
> فعل فلان.. وحدث كذا.. كتابات يسردها الناس ويسمونها (تاريخ).
> ويطعمونك فاكهة رائعة.. من البلاستك.
> بينما آخرون - مثل بن جونسون - يكتبون التاريخ بحيث أنك تجد البرتقالة في يدك - ورائحتها في أنفك ومذاقها في فمك.. تعضها حتى ينكسب لعابك.. وإن لم تغلق فمك انفضحت.
> التاريخ هو (هذا).
> والتاريخ الآن - تاريخ السودان - ما يجعله متميزاً هو أن من يصنعونه ما زالوا أحياء.
> وفي أيديهم العصي.
> وأمس نحدث عن أن
: العدو يثير المعارك بيننا نحن حتى لا نثير المعارك ضده هو.
> لكن...
(2)
> الاسلاميون والشيوعيون هم وحدهم الذين ظلوا يواجهون الغرب.
> والشيوعية تسقط.
> ويبقى الاسلاميون.
(3)
> الكتابة اذن - أهلها اذن.. والشيوعيون اذن.. والاسلاميون اذن.. نجعل طرف الحديث عنهم هو الحديث عن
: التاريخ الآن كيف هو.
: وكيف نستخدمه للحرب.
> وعن الشيوعيين نكتب يوم نكتب عن (رجال وفئران).
> وعن الرجال - أحمد سليمان سكرتير الحزب الشيوعي نسأله يوماً
: لماذا لا تستقبل أحداً بعد الثامنة مساء؟.
> والرجل ذو الهامة الضخمة يضحك ويقول
: أنا /يا محسي العيلفون/ لا استقبل أحداً بعد صلاة العشاء.. لأن الساعة الثالثة صباحاً - تجدنا باركين فوق السجادة دي.
> سكرتير الحزب الشيوعي هذا - يصنع انقلاباً اسلامياً أخريات حياته (فقد كان أحد قادة الانقاذ).
.. وصلاح.. شاعر الحزب الشيوعي الذي قبل عامين من وفاته يسمع قصيدة صيف العبور وهو في باريس.. فيطير الي الخرطوم ليعزي والدة وداعة الله.
> وأمام حسين خوجلي يظل يبكي ويبكي.
> الرجل عرف /متأخراً/ أين الرجال.
> وأخته فاطمة (أشهر شيوعيات السودان) والتي تنحني أمام جنود قرنق وتصرخ
: أخجل إني من المسلمين ديل.
> فاطمة - تذهب قبل أعوام قليلة لتفسير القرآن الكريم.
> ثم؟!.
> وكتابة تاريخ الشيوعيين السودانيين يصلح جداً أن تبدأ بمشهد أحد قادة الشيوعيين.
> والمصلون ( في صلاة الفجر) يفاجأون برجل في المحراب يبكي.
> كان هو أحد قادة الشيوعيين.
> بعدها - كان مشهده مثيراً وهو (يستعير) ملابس بعد أن أحرق ملابسه.
> ثم هو يبرك في الخلوة وأمامه رمال مسطحة يعطي تلاميذ الخلوة أصبعه ليعلموه كيف يكتب (ألف.. با.. تا).
> ثقافة الرجل العميقة جعلته يعرف لماذا تصبح (الآيات مكتوبة بالعمار في اللوح) شيئاً يغسلونه ويشفون به المرضى.. حتى الحروف تصبح شيئاً غير الحروف.
> مرض القلب.. ومرض الجسم.
> وعتاولة الشيوعيين من لا يعرف حكاياتهم لا يعرف ما هو تاريخ السودان.
.. ومن لا يعرف عتاولة الاسلاميين لا يعرف.
.. وتاريخ الشيوعيين في السودان لا يبدأ بحكاية عبد الخالق / الذي حين يختبئ عند بعض الشيوعيين/ يسلمونه للنميري.
> وحكاية الشيوعيين تبدأ بمشهد (نقد) هو - في أيام الانقاذ - يختبيء عند أحد قادة الاسلاميين (م/ع) ولسبع سنوات.
> نقد لم يختبيء عند الشيوعيين لأنه عرف حكاية عبد الخالق.
> و..... و......
> الشيوعيون في السودان وفي العالم ينتهي أمرهم بما تعلم.
> ومن يكتب التاريخ يعجز تماماً عن الكتابة هذه ما لم يعرف كيف كانت مخابرات الغرب تستخدم الشيوعيين في كل مكان.
> والاسلاميون في السودان لهم كتابات نعود اليها إن شاء الله.
> لكن...
> شيء من لا يبصره يعجز تماماً عن تفسير أي حدث من أحداث الاسلاميين في العالم - وفي السودان.
> ونكتب دون أن نغسل الحروف لأن الشاعر حميد (يرحمه الله) يفتننا بقصيدة عنده.. من لا يكتب التاريخ بأسلوبها لا يكتب.
> حميد حين يرثي أخاه ينفلت من القافية.. ومن عبودية الشعر.. ويخلط ايقاعاً بإيقاعات.
> الرجل كان ينفلت من عبودية الناس - التي تقود كل شاعر وهو يكتب - وينفلت من عبودية الدنيا ويصبح سيده الوحيد هو شقيقه الميت والوجع الحنظل الذي يهرد كبده ويجعله يجمز وينقز ويملأ صرخته بصرخة اللوعة النسائية لحظة خروج الميت العزيز من باب الحوش.
> لعلنا نكتب التاريخ يوم نكتب بأسلوب حميد هذا.
> لكن...
> كل هذا نكتبه لأننا نطارد وجعنا الآخر الذي يقتلنا.
(3)
> الاسلاميون من يدرس كوارثهم يجد أنهم افلتوا كلمة واحدة.. فيها كل شيء.
> (البنا) حسن البنا.. في الثلاثينيات لما كان حذاء اليهود والنصارى فوق أعناقنا في كل مكان.. ونحن نمشي برأس مدلدل.. حسن.. يجد أن الناس.. مثلما هم اليوم.. يظنون أن الغرب بأسلحته هذه.. شيء قتاله مستحيل.
> الحسابات والعقل كلها كان يقول هذا.. ويجده أمام عيونه.
> وحسن البنا حين يجد (العامل الوحيد) الذي نسيه الناس يدخل على شيوخ الأزهر.
> ويطلب ؟؟.
> يطلب تنظيم المسلمين للمقاومة.
> والعلماء .. مشهدهم كان هو
: بعضهم (يتنخم) ويبصق في منديله.
> والآخر يملأ قبضته من (بلح) كان أمامهم ويقدمه لحسن البنا.. يعني (أحشو فمك واسكت).
> و..... و.....
> لكن حسن البنا يستمر ويصنع الفئة الوحيدة التي تقاتل الغرب اليوم.
> يصنعهم من جمهور كان (علماؤه) هم أصحاب المشهد أعلاه.
(4)
> كان هذا في الثلاثينيات.
> وفي عام 1970 - طلاب اسلاميون خمسة - في جامعة كابول ينظرون الى الطلاب الشيوعيون وهم يمزقون المصحف ويلقون بالأوراق من الطابق الرابع.
> ويهتفون لموسكو - وسقوط مكة.
> الطلاب الخمسة يدخلون غرفة.
> ويقررون (الجهاد).
> السلاح كان هو
: مسدس وعشرون رصاصة.
> الجهاد الأفغاني ينطلق من هناك.
> والعام الماضي - قائد جيوش الاتحاد السوفيتي يحدث قناة (RT) تلفزيون روسيا أن
: من هدم الاتحاد السوفيتي هو المجاهدون الأفغان.
> والآن نثار المقاومة الاسلامية في العالم.. الخندق الوحيد الذي يبقى دون احتلال الصليب للعالم الاسلامي.. النثار هذا ينجح.
> وفهمه يحتاج لمعرفة (العامل) الوحيد الذي نسيه الاسلاميون - فانكسروا.
> العامل الوحيد هذا يأتي به اللواء محمد الأمين خليفة أيام المحادثات مع باقان.
> في المحادثات - باقان يحدق في عيون محمد الأمين و(ليؤكد أنهم منتصرون) يقول لمحمد في فخر
: هل تعرف.. من معنا؟.
- محمد الأمين قال: من ؟.
: باقان قال في زهو.. أمريكا!!.
- ومحمد الأمين يقول لباقان
: وهل تعلم من معنا؟.
- وباقان تضيق عيونه في انزعاج وهو يسأل: من؟.
: قال محمد الأمين
: الله!!.
> وباقان يضحك.. مثل ضحكة بعض القراء الآن وهم يقرأون السطر الأخير.
> والدائرة التي تكتمل بالشيوعيين وهم في أحضان الاسلاميين تنتهي بباقان وهو يحدث أحد كبار ضباط الجيش عندنا ليقول - متقرباً الى الخرطوم
: أنا منعت الدورة المدرسية في جوبا لأنني عرفت أن قادة من جيش سلفا كانوا يدبرون لضرب الطلاب الشماليين إن جاءوا للجنوب.
(5)
> دكتور..
> من يكتب تاريخ السودان عليه أن يعرف جذور وفروع وسنابل كل حدث وكل شخصية.
> ان يعرف مرة واحدة كيف يقول.
> ثم ان يعرف تسع مرات كيف يسكت.
> هذا أو .. الحرائق.

بواسطة : اسحق احمد فضل الله
 0  0  1761
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 01:17 صباحًا الجمعة 19 أبريل 2024.