• ×

موت كبسور

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط


رمية :-
نحن في السودان نهوى اوطانا هذه واحدة اما الثانية إن رحلنا بعيد نطرى خلانا والثالثة نفسنا قصير ولا نعرف الالتزام الصارم بالتخصص و المهنة لا بل بالعكس نصف الملتزم بتخصصه والمنقطع له والمجود بأنه (كلتان ومضيقها ) ولكن هذا لا ينفي وجود استثناءات فلنترك المجال الاكاديمي جانبا حيث لدينا عدد لا بأس به من الاكاديميين المنقطعين لتخصصهم فأجادوا واعطوا فنحن اليوم بصدد المجال الابداعي وهنا لابد من أن نرفع القبعات تحية لرجال مثل الطيب محمد الطيب والفاضل سعيد وأحمد الطيب زين العابدين وأحمد عبد العال ومحمد وردي فهولاء عملوا بالتزام في مجالاتهم إلى آخر دقيقة في حياتهم وقدموا لهذه البلاد الكثير.
العصاية :-
من المعاصرين الاحياء الذين منحوا مهنتهم الابداعية كل طاقتهم الفكرية والجسمانية وقدموا الكثير يمكن أن نذكر عددا مقدرا وإن شاء الله ( يوم شكرهم ما يجي) فالبلاد في حاجة لعطائهم ولكنا نقف اليوم عند واحد منهم وقد فرضته علينا المناسبة وهو الدكتور فيصل أحمد سعد اما المناسبة فهي أن الفضائية السودانية قدمت عنه سهرة كاملة عبارة عن فيلم توثيقي لحياته الدرامية الكوميدية العامرة استنطقته وبعض معاصريه مع تقديم نماذج من اعماله ويستمد هذا العمل اهميته اننا اعتدنا أن نشاهد الافلام التوثيقية لرموزنا بعد رحيلهم ولكن القناة (طلعت من علبها ) وفي بادرة نادرة ووثقت لفصيل وهو حي يرزق وان كان قد قتلته في نهاية التوثيق.
فيصل أحمد سعد نموذج للفنان المجود لعمله فهو موهوب وصقل موهبته بالدارسة الاكاديمية التي وصل فيها مرحلة الدكتوراة وقد فعل ذلك مع الممارسة المتواصلة فكل حياته عبارة عن تنقل بين خشبة التمثيل (اذاعة تلفزيون مسرح) وقاعة الدرس (تلميذ وطالب ومدرس ومحاضر) فعل ذلك في تناغم تام وهذه الخدمة الطويلة الممتازة وطنته في الوجدان السوداني واعطته مقعدا في صف الرموز القومية السودانية.
في السهرة المشار اليها والتي كانت عبارة عن مسح عام لمسيرته الفنية وردت افادات من زملائه في مجال التمثيل وفي المجال الاكاديمي ومن بعض طلابه وزوجته الاولى فقدموا اضاءات مهمة عليه وحتى تكتمل الصورة لابد من حلقة تغوص وبعلمية في مدرسة فيصل الفنية ففي تقديري أن فيصل مدرسة متكاملة في فن الاضحاك في السودان فقد حباه الله بوجه معبر به تقاطيع مميزة جعلته بارعا في استخدام لغة الجسد فحركة الشفايف , تقليب العينين داخل النظارة،التحكم في مساحة الجبهة، تحريك الاشداق كل هذا جعله بارعا في الكوميديا المرتبطة بالشخص نموذج عادل إمام ومحمد نعيم سعد ثم يأتي ما اكتسبه من ثقافة وعلم ليجعله متمكنا من كوميديا الموقف وبهذا يكون فيصل قد جمع بين كوميديا الشخص وكوميديا الموقف ولعل هذا هو سر التألق والقبول الكبير الذي حظى به فيصل.
كسرة :-
تخللت الحلقة نماذج من اعمال فيصل المسرحية والتلفزيونية بتركيز على شخصية كبسور التي برع فيها فيصل والتي كادت أن تسجنه بالتنميط ولكن وجوده في الاصدقاء وغيرها اخرجه منها بسلامة ولعل آخر لقطة في الحلقة من تلك النماذج كانت عن كبسور وهو يودع اهل الحي الذين كان يزعجهم وينعي نفسه وفي تقديري أن هذا خبث فني جميل بقصد او غيره جعلنا نسأل الله طول العمر لفيصل للمزيد من العطاء والابداع.

 0  0  10490
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 03:13 مساءً الجمعة 29 مارس 2024.