• ×

حلايب بقية حديث

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط


قلنا بالأمس إن حلايب المتداولة بين البلدين هي الآن التي لها قابلية لتقطيع حبال الوصل بين البلدين وهذا لا يرجع للاستيلاء المصري عليها فحسب بل لأن الإعلام المصري وبالصفة التي ذكرناها عنه امس ينفخ في نيرانها فحلايب الآن بين يدي مصر كما كانت بالأمس بين يدي السودان فالسودان لا يمكن أن يعلن استغناءه عنها مهما كان شكل الحكومة التي تحكمه ومصر بالمقابل هي الأخرى لن تتنازل عنها حتى ولو عاد جمال عبد الناصر ليحكمها من جديد فحلايب قد تبلورت في شكل مأذق حقيقي ولكن مع ذلك قلنا إنه يمكن التعاطي معها ويمكن جدا تهدئة اللعب فيها ويمكن جدا إبعاد جالون البنزين عن عود ثقابها وإذا أمعنا في التفاؤل فإننا نقول يمكن التفاهم حولها كل ذلك يبدأ وينتهي بالعمل في الأجندة الإيجابية التي تخدم مصالح البلدين.
في السودان معارضة مسلحة وفي مصر معارضة دامية ولا شك أن المعارضتين سوف يسعدان بأي توتر في العلاقة بين النظامين، هذا إذا لم نقل إنهما سوف يسعيان لذلك ولكن المؤكد أن قدرتهما محدودة في ذلك الأمر اللهم إلا إذا تطوع أي من النظامين وقرر الرهان على معارضة البلد الآخر وهذا أمر غير وارد في المستقبل القريب. الوضع الاقليمي بدأت فيه ملامح تمحور جديد ولكنه لم يتشكل بعد فمن غير المستبعد أن تعمل قوة إقليمية معينة تسعى لتكريس هيمنتها لاستعداء أي من الدولتين على الأخرى ولكن يبقى الرهان على أن البلدين لهما من الإرث السياسي والحضاري ما يمنعهما من خوض حرب وكالة حارة كانت أم باردة او مابين هذه وتلك. القوى الدولية دون شك قد يكون لها دور في تأجيج الحالة بين مصر والسودان ولكن حالة السيولة الدولية مقابل حالة السيولة الاقليمية تعطي البلدين فرصة لممارسة السياسة من منطلقات ذاتية.
الاسلام السياسي او علاقة الدين بالدولة يبدو للناظر من الخارج أنها يمكن أن تكون مصدر عكننة للعلاقة بين البلدين ولكن الذي يجري في البلدين في هذا الشأن قد يوفر فرصة للقول بغير ذلك فمصر سعت وتسعى للتخلص من الإسلام السياسي داخلها بالتي هي أخشن أما في السودان فهناك مراجعة فعلية تتم الآن مهما أنكر القائمون على الحكومة ذلك فمصطلح الدولة المدنية قد تحكر في أذهان الصفوة الإسلامية السودانية ودستور ابو الأعلى المودودي لا أحد يذكره ناهيك عن سيد قطب وآخرين ثم ثانيا تجربة العلاقة بين البلدين في ربع القرن المنصرم أثبتت أن اختلاف التوجه بين الأنظمة في البلدين يمكن ألا تكون ذات أثر ولكن المشكلة في الأفراد المسيطرين في البلدين سياسيين كانوا أم إعلاميين بدوافع ذاتية او دفعيات خارجية.
أما المصالح المشتركة بين البلدين لا أظننا في حاجة لذكرها لا بل حتى المخاطر المشتركة لا تحتاج لكثير جهد لإبرازها فالمهددات التي تحيط بالبلدين لا حصر لها وهناك من يحاول استعداء أي منهما على الأخرى لكي يسهل الانقضاض على ذات التي يستعديها. لكل هذا قلنا على مصر أن تختار بين حلايب او كل السودان. هذا فيما يتعلق باللحظة الماثلة فمن يدري ربما يأتي يوم يقال فيه إن على السودان أن يختار بين حلايب أو مصر كلها فهذه الدنيا دوارة فلتجنب هذه وتلك على أهل الدراية في البلدين أن يرسموا خارطة طريق لعلاقة سوية وطبيعية بين البلدين، هذا إذا كان في البلدين من يحفل بأهل الدراية.

 0  0  10706
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 07:36 مساءً الجمعة 29 مارس 2024.