• ×

أطباء السودان بالخارج ..!!

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
:: ومن لطائف الأطباء مع مرضاهم ، أجرى أحدهم عملية قلب ناجحة لمريض.. وبعد تحسن حال المريض عاود الطبيب في عيادته الخاصة لمتابعة العلاج، فأستقبله بالترحاب القائل : ( ما شاء الله وحمد لله على السلامة، يا زول أنا مش قلت ليك خلال أسبوع ح تجيني بي كراعينك؟)، فرد المريض موافقاً في الرأي : ( والله كلامك طلع صاح، وفعلاً جيت بي كراعيني بعد بعت عربيتي عشان أسدد فواتير علاجك)..ومع ذلك، فالحديث ليس عن غلاء العلاج بالداخل، ولكن عن أخبار سودانية رائعة بالخليج..فالخليج، منذ واقعة الراعي الطيب ( الأبا يبيع النعجة)، ومروراً ببراءة الرئيس السابق - والمرتقب طبعاً- لنادي الهلال صلاح إدريس، لم يعد هذا الخليج يتحف أهل السودان إلا بالأخبار السارة ..!!

:: والأربعاء الفائت، بصحيفة المدينة، نشرت وزارة الصحة السعودية تقريرها السنوي عن الأخطاء الطبية بالسعودية وبكل ما فيها من أرقام ونسب بمنتهى الوضوح .. نشرها للناس، وهذا ما لايحدث في بلادنا حيث موطن شعار ( أم غومتي) و ( الكمده بالرمده).. وحسب التقرير السعودي، بلغ عدد الأطباء المدعى عليهم بالمحاكم في قضايا الأخطاء الطبية ( 1759 طبيباً)، وبلغ عدد من تمت إدانتهم (1237 طبيباً).. ثم تم تصنيف هؤلاء المدانين إلى أطباء أجانب وأطباء سعوديين، وللمزيد من الشفافية نسبوا الأطباء الأجانب المدانين إلى أوطانهم.. ولاتهمنا الجنسيات التي شملتها القائمة، ولكن بفضل الله - ثم بسلامة الآداء - خلت قائمة أطباء الأخطاء الطبية في التقرير السعودي من ( الأطباء السودانيين).. !!

:: مثل هذا الخبر - في زمن الجفاف هذا- مفرح للغاية، ويُسعد كل أهل السودان بالداخل والخارج.. وهذا ليس بمدهش، فالأصل في السوداني - طبيباً كان أو غيره - هو الصدق والإخلاص والأمانة في عمله.. ولو وجد طبيبنا بالداخل ما يجده طبيبنا بالخارج لأبدع أيضاً، ولما صدرت صحف الخرطوم على مدار العام بمآسي المرضى والموتى..نعم، كان - ولايزال - كل الفرق بين أطباء السودان بالخارج والذين يصطلون بالداخل هو ( مناخ العمل)..وأولئك - الذين خلت قائمة الأخطاء الطبية من أسمائهم - وجدوا بالسعودية بيئة العمل المجهزة بالأجهزة والمعدات والراتب و حسن الإدارة، وأضافوا لكل هذه العوامل كفاءاتهم وأماناتهم وإخلاصهم وصدقهم، ولذلك تميزوا عن الآخرين بحيث لم يرد ذكرهم في ذاك التقرير.. ولكن هنا بالداخل، ببخل الميزانية و بؤس الإدارة، صار حال الطبيب كمن يلقوه - في العنابر وغرف العمليات - مكتوفاً من الأيدي ثم يحذروه ( ما تغلط)..!!

:: المهم.. نحتفي بنجاح أطباء السودان بالخارج، ولكن دون غض الطرف عن مواجع الداخل.. ويوم نشرت المدينة تقريرها هذا ، كان للبروف مأمون حميده وزير الصحة بالخرطوم تصريحاً غريباً عندما سألوه عن هجرة الأطباء..( ح يجوا غيرهم)، هكذا كان التصريح اللامبالي بآثار ومخاطر ( نزيف العقول)..ليس من السهل تعويض الكفاءة المهاجرة، وليس من اليسر تعويض الخبير المغترب، فالذين يهاجرون هم الذين بذلت بلادنا وشعبنا فيهم عصارة الجهد والموارد من أجل تعليمهم وتدريبهم وإكسابهم للخبرة، وإلى كم من السنوات تنتظر الناس والبلد في إنتظار ( غيرهم).؟.. وهل الأفضل للناس والبلد البحث عن أسباب هجرة العقول ثم إزالة الأسباب، أم غض الطرف عن الأسباب وتجاهل أمر الإزالة بمكابرة من شاكلة ( ح يجوا غيرهم)...؟؟

بواسطة : الطاهر ساتي
 0  0  1665
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 07:40 مساءً الخميس 28 مارس 2024.