• ×

الجار الجاهل

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
لا أجد وصفا لحكومة نظام الحركة الشعبية بالجنوب الا (الجار الجاهل( الذى ربما يظن أنه يمكن أن يغير الأوضاع فى الشمال بتصرفات خرقاء كما حدث فى هجليج مؤخرا نسف كل امكانيات اعادة الثقة والتغيير السلمى لصالح البلدين. أقول هذا وقد اهتممت جدا أن أستقرئ آراء بعض من له رؤى سياسية من بعض الشخصيات ذات الوزن والمتابعة والتنوع الفكري والأقتصادي والاجتماعي والثقافي حول سؤالين سألتهما : هل التغيير السياسي فى الشمال قادم وكيف ينبغي أن يكون؟...
الأجابة للسؤال الأول اتفق فيه الجميع أنه قادم لا محالة بحسب المعطيات المحلية (اقتصاديا بالدرجة الأولى وسياسيا بعد انفصال الجنوب وتداعياته الواضحة وطول مدة الانقاذ بطبيعة الحال البشرى والحراك الواضح داخلها )يضاف لذلك الوضعية الأقليمية بعد الربيع العربى وكذلك المعطيات الدولية المعروفة. أما الاجابة على السؤال الثانى كيف سيحدث التغيير وهنا أستعرض أربعة سيناريوهات قال بها الجميع وهى: أولا بالعمل العسكري المباشر من حملة السلاح كما حدث فى بعض دول العالم. أو بالانتفاضة الشعبية كما حدث فى السودان مرتين أو فى دول الربيع العربى. ثالثا كما حدث فى تجربة جنوب أفريقيا وبعض دول أميركا اللاتينية عبر الضغط السياسى المدنى المستمر فيقبل النظام بعقد مصارحة ومصالحة تاريخية ينتج عنها نظام مدني ديمقراطي حقيقي. رابعا عبر قبول المعارضة جميعها بالانضمام الى النظام القائم واقتسام السلطة دون اتفاق واضح كما نشاهد الآن بدخول بعض الأحزاب الصغيرة وأبناء زعماء الطائفتين الختمية والأنصار.
وهنا يحق لتا أن نتساءل أيها الأنسب للسودان؟ فى تقديرى المتواضع هو ما ظللت أكتبه وهو عبر التطور السياسي والدستوري الحقيقي الواضح وليس عبر الثورة المسلحة أوالانتفاضة الشعبية لأننا جربنا كليهما فالثورة المسلحة ممثلة فى حركات التمرد الجنوبية منذ قبل الاستقلال حتى الحركة الشعبية أدى الى الانفصال وتداعياته الحالية السالبة كما أحدثت استنزافا كبيرا للموارد والأنفس عطلتنا كثيرا. أما الانتفاضات الشعبية (المفاجئة) فقد جربناها مرتين وللأسف لم يحققا استقرارا ولا ديمقراطية مستدامة ولا تنمية ولعل السبب فى ذلك هو عدم رغبة نظامي نوفمبر ومايو وعدم قدرتهما على احداث والقبول بنهج التطور السياسي والدستوري أصلا مما أحدثا احتقانات سياسية أدت لانفجار الأوضاع وانحياز القوات المسلحة للثورتين يضاف لذلك عدم استفادة الأحزاب السياسية من تجاربها وادمانها الصراع والمكايدات
السياسية ودفع الفواتير السياسية لأنظمة عربية ودولية ساعدتها سابقا ابان المعارضة وذلك- نعترف - عكس الانقاذ الحالية التى تركت هامشا للحوارات وان كانت سلحفائية وتكتيكية ونرجو أن تتطور.
أما الانضمام للنظام هكذا باعتباره واقعا أو لمصالح شخصية وحزبية آنية كما هو حاصل فواضح أنه فاشل كما نرى حيث ترفض قوى سياسية معتبرة ومؤثرة هذا النهج بل ربما سيزداد الاحتقان السياسى ويكثر من النهج الانتهازى لا أكثر.. الحل الأفضل في تقديري هو نهج الجنوب الأفريقي عبر التطور السياسي والدستوري الحقيقي وليس التكتيكي من النظام أو المعارضة وهذا يحتاج حقيقة الى رجال سياسة ودولة من الطراز الأول اضافة لأخلاقيات ممارسة سياسية ناضجة وراقية تترفع عن المصالح الشخصية والمكايدات السياسية والعصبية الحزبية والجهوية والقبلية الضيقة الضارة.. تلتقي من تلقاء نفسها أو بمبادرات حقيقية وليست تكتيكية من النظام كما حدث سابقا عدة مرات ففشلت، أو من شخصيات وطنية محترمة تفعل مثلما فعل قادة وكيانات الجنوب الأفريقي يتصارح فيه الجميع ويتصالحوا ويحترموا بعضهم بعضا ويعيدوا ويكرسوا الثقة فيما بينهم ويستفيدوا من تجارب الماضي.. يتفقوا على القواسم المشتركة باحداث مقاربات فكرية وسياسية وكيف يحكم السودان، أما من يحكمه فيترك لخيار الشعب فهو صاحب الحق ومن المهم الاحترام والالتزام بخياره. ولعلى
أذكر الجميع بضرورة اصلاح الأحزاب جميعا بما فيها الحاكمة لشأنها فكريا ومؤسسيا وبرامجيا وأن تبدأ بنفسها ففاقد الشئ لا يعطيه... دعونا لا نكرر التجارب الفاشلة فتعود الدورة الخبيثة.. دعونا من لوردات الحروب فى الجنوب والشمال.. ودعونا من أن ننسب للتآمر فشلنا الدائم.

بواسطة : محجوب عروة
 0  0  10595
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 10:22 صباحًا الخميس 25 أبريل 2024.