• ×

بمناسبة عيد الأم .. الى أمي فى عليائها

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
أمي المرحومة الحاجة زينب بنت الخليفة مصطفى عبد الرحمن بن الفكى محمد بن عبد الرحمن بن محمد النعمة بن ابراهيم بن الشيخ خوجلي أبو الجاز.. أيتها الحبيبة التي رقدت راضية مرضية عنها بإذن واحد أحد تصديقاً لقوله تعالى: (يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي) صدق الله العظيم. أسأل الله لك الرحمة والمغفرة كما ظللت أردد عقب كل صلاة وأنت في جوار ربك بعد عمر حافل في تربيتنا ونحن في حضنك الدافئ.. لا تزال أمامي تلك
الصورة الحميمة لأمي ونحن أطفال زغب ثم صغار في المدرسة الأولية نتحلق حولها منذ الصباح الباكر حول (كانون الشاي) وعند وقت النوم بالمساء في (العنقريب) بجوارها الحنون وهي تتأكد حتى اللحظات الأخيرة بأننا ننعم بفراش طيب وغطاء دافئ فى الشتاء القارس بعد أن تتأكد من أننا قد (تعشينا) ثم (تنصب ناموسية) محكمة حتى لا تتسلل إلينا باعوضة الملاريا ثم تأكدت من إطفاء الفانوس أو (أم نويرة) حتى لا تحدث حريقة. هذا طبعاً بعد أن تتأكد أن الأزيار ممتلئة بالماء ومحكمة الغطاء وأن الحليب متوفر لشاي الصباح أو (للروب) وملاح (النعيمية) لفطور الغد تضعه تحت (المزيرة) وبجواره باقى ملاح الغداء فى (المشلعيب) لزوم التهوية والتبريد وعدم الفساد حتى نستطيع تناوله صباح الغد وقت (فسحة الفطور بالمدرسة الأولية) نأكله بالكسرة البايتة أو الجديدة لا يهم، فما أحلى (الملاح البايت بالكسرة) خاصة ملاح (البامية) .. فلم يكن لدينا وقتها في عقد الخمسينات بقريتنا الصغيرة (الختمية) التي تقع تحت جبل التاكا أي مظهر من مظاهر الحضارة .. لا كهرباء من شركة النور آنذاك إلا بعد دخولنا الجامعة بعد منتصف الستينات ولا ماء عبر المواسير إلا فى نهاية الخمسينات وبالطبع لا ثلاجات ولا هواتف. كانت أمي تدعو لنا أن ندخل المدرسة الوسطى عقب كل صلاة وتدعو لنا بالبركة والنجاح في حياتنا .. وكنا نسمع دعاءها .. إنها دعوة الوالد فاستجاب الله لدعائها وتقدمنا في الحياة من نجاح إلى نجاح حتى تخرجنا من الجامعة والدراسات العليا ودخلنا معترك الحياة العملية من أوسع أبوابها فكان التعليم يسنده حنان ودعاء وإرشادات الأم في الالتزام بالصلاة والصوم تتابعنا بدقة وحزم وتأمرنا بحسن الخلق .. نعم حسن الخلق
وحسن التعامل مع الآخرين خاصة مع المرأة احتراماً وتوقيراً للكبير والعطف على الصغير وحسن معاملة الفقراء والمساكين والتصدق عليهم وتروي لنا القصص بفوائد ذلك وصلة أولي الأرحام وتحضنا على الصدق دائما فهو المنجي، مستصحبة دائما حكايات فرح ود تكتوك الشهيرة .. لا أدري كيف كانت ستكون الحياة لو لم نكن تحت رعاية هذه المدرسة العظيمة.. مدرسة الأم التي هي أعظم من جميع المدارس والمناهج والجامعات والأحزاب والنقابات والصحافة والكتب إلا كتاب الله الذي تستمد منه المدد... إنها النواة الأولى والحقيقية لمؤسسات المجتمع المدني التي تخرج منها شجراً طيباً أصله ثابت وفرعه في السماء يؤتي الله أكله كل حين بإذنه، ولماذا لا يكون طيباً وقد أعدته أماً مؤمنة بربها ثم بدورها في الأسرة والمجتمع لا هم لها إلا أن يكبر أبناؤها وينجحون ويحملونها على أكتافهم عندما تكبر وتمرض أو يسندونها وهي تطوف وتسعى حين تعتمر أو تحج مرات ومرات كما كانت تتمنى فتحقق لها ذلك فذهبت إلى ربها راضية مرضية بإذن ربها .. فاللهم اجعل قبرها روضة من رياض الجنة .. اللهم تقبلها قبولاً حسناً واكرم نزلها مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، آمين .. يا أعظم امرأة في حياتي...

بواسطة : محجوب عروة
 0  0  3618
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 07:48 مساءً الجمعة 19 أبريل 2024.