• ×

حديث المدينة

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
ديث المدينة

نظرة.. استراتيجية ..؟؟

عثمان ميرغني

قبل يومين.. يوم الأربعاء الماضي .. جلسنا لساعات مع الأستاذ إدريس عبد القادر رئيس الوفد السوداني لمفاوضات أديس أبابا.. شرح لنا بالتفصيل الخلافات مع حكومة جنوب السودان حول قضية البترول ورسوم العبور.. حسناً بالله دعونا نحسبها.. والحساب ولد.. حكومة السودان تطالب بـ(36) دولار عن كل برميل.. وهي ليست رسوم عبور كما يظن البعض.. بل حزمة رسوم مفصلة.. جزء منها لاستخدام محطات تنقية النفط.. وخدمات ضخ النفط عبر الأنبوب وما تحتاجه من عمليات مختلفة منها تسخين الوقود في أحد خطوط النقل.. ورسوم سيادية.. ورسوم موانئ ومناولة وهكذا.. الإجمالي (36) دولاراً للبرميل. وإذا علمنا أن حكومة جنوب السودان ترفض هذه القيمة وتطالب بأن يكون إجمالي الرسوم في حدود (10) دولار للبرميل.. الفرق بين الاثنين (26) دولار.. إنتاج الجنوب من النفط في اليوم يساوي (350) ألف برميل.. أي أن فرق رسم العبور في اليوم يعادل حوالي تسعة ملايين دولار.. في السنة تساوي حوالي ثلاثة مليارات دولار.. ألم يكن ممكناً توسيع الحساب أكثر.. نحسب الفائدة المتوقعة من التجارة البينية مع جنوب السودان .. إذا مددنا الاتفاقيات لتشمل، ليس مجرد عبور البترول، بل عبور كثير من السلع عبر ميناء بورتسودان إلى دولة جنوب السودان.. وإمكانية تصدير كثير من السلع السودانية إلى دولة الجنوب على رأسها الأسمنت مثلاً.. وما يمكن أن تحصل عليه كثير من الشركات السودانية من عقود عمل في دولة الجنوب.. إضافة للتبادل التجاري لكثير من السلع الأخرى.. إذا حسبنا كل ذلك. وأضفنا إليه أهم بند. وهو أن ازدهار العلاقات التجارية والاقتصادية يرفع من الثقة بين البلدين.. ويخمد أنفاس الحرب والتوتر.. فالمصالح المشتركة هي أقوى ترياق للتوتر السياسي والعسكري.. وستكون حكومة الجنوب حريصة على منع أي أعمال عسكرية تنطلق من حدودها ضد السودان كما أن المصالح المشتركة متوفرة.. وهنا يمكن إضافة لـ(تمزيق) كلفة فاتورة الحرب لصالح البلدين.. أليس من الحكمة أن نحسب كل ذلك في مفاوضات النفط.. بدلاً من أن ننظر للقضية فقط في حيزها المحدود برسوم عبور البترول.. ما هو الثمن لشراء علاقات استراتيجية مستقرة مع أطول جاراتنا حدوداً.. وأكثرها قرباً (بشرياً) لنا.. أليس لذلك قيمة يجب أن تحسب في مفاوضات أديس أبابا؟ في المقابل.. بعد أن أودت مفاوضات النفط لمزيد من التوتر بإغلاق أنبوب النفط ورفع الحساسية السياسية إلى أعلى معدل.. ألا يضيف ذلك عبئاً جديداً على أزمتنا الاقتصادية ليس من زاوية الفاقد من رسوم عبور النفط الجنوبي فحسب. بل العائد من الصورة الذهنية عن السودان في الخارج مع ازدياد معضلاته وأزماته واحتلاله مانشيتات الأخبار المرعبة للاستثمار ورأس المال الذي هو جبان.. ويهرب من بؤر التوتر السياسي والاقتصادي.. باختصار.. ألا يمكن النظر بعين (استراتيجية) أوسع. لقضية علاقاتنا مع دولة جنوب السودان..


التيار

بواسطة : عثمان مرغني
 0  0  10343
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 03:51 مساءً الخميس 25 أبريل 2024.